«مجلس الذهب العالمي»: الأسباب الجوهرية للاستثمار في الذهب ما زالت قوية للغاية

توقعات بتحول الصين إلى أكبر مصدر للطلب.. وانخفاضه عالميا 5%

اتجاهات الطلب على الذهب رفع سعره بنسبة 22 في المائة
TT

تراقب الأسواق العالمية باهتمام الانخفاض المتوقع لأسعار الذهب وسط توقعات بمزيد من الانخفاض خلال الربع الثاني، حيث بلغ حجم الطلب العالمي على الذهب 1.097.6 طن في الربع الأول من عام 2012، مسجلا انخفاضا بنسبة 5 في المائة مقارنة بما شهده من مستويات مرتفعة في الربع الأول من عام 2011.

وقد كان هذا الانخفاض متوقعا نتيجة طرح ضرائب على الموارد المستوردة، والأسعار المرتفعة للذهب، ولكن على الرغم من ذلك حققت قيمة الطلب على الذهب زيادة نسبتها 16 في المائة عن العام الماضي بلغت 59.7 مليار دولار أميركي. ووصل متوسط سعر بيع الذهب خلال الربع الأول من العام الحالي 1.690.57 دولار أميركي، بزيادة قدرها 22 في المائة عن المتوسط المسجل بالفترة نفسها من العام الماضي، وقد عزز الطلب المتزايد في الصين من معدل الطلب على الذهب، حيث واصل البنك المركزي عمليات الشراء، فضلا عن التدفقات الجارية بصناديق الاستثمار المتداولة.

ويرى ماركس جرب، العضو المنتدب لقطاع الاستثمار في مجلس الذهب العالمي، أن كلا من الصين والهند شهدتا نموا اقتصاديا متواصلا، فيما ينتظر أن يبدأ الاقتصاد الصيني في التباطؤ، إلا أنه على الرغم من ذلك سيتجاوز معدلات النمو في الغرب، «وكما قد سبق أن توقعنا، يبدو أن الصين سوف تصبح أكبر مصادر الطلب على الذهب في عام 2012».

وفي رأي ماركس جرب فإن قصة النمو هذه تمتد لتصل إلى اقتصاد الأسواق الأخرى الناشئة ويعززها استمرار البنوك المركزية في الطلب على شراء الذهب، كاحتياطي متنوع وواق للثروات القومية فيما تتباين الصورة الحالية لسوق الذهب ولا يمكنها مجابهة الهروب من الدولار الأميركي والثروات الأخرى المشابهة، لكننا نعتقد أن الأسباب الجوهرية للاستثمار في الذهب اليوم ما زالت قوية للغاية وتفرض نفسها على الساحة.

وانخفض الطلب على الذهب في الربع الأول من العام بمعدل 5 في المائة مقارنة بما حققه في الربع الأول من عام 2011، ليكون بذلك عند معدلاته المسجلة على مدار الفترات الثمانية ربع السنوية السابقة، في حين سجلت قيمة الطلب على الذهب ارتفاعا بنسبة 16 في المائة عن العام الماضي، حيث بلغت 59.7 مليار دولار أميركي، بينما تراجع الطلب في قطاع المشغولات الذهبية مسجلا 519.8 طن بانخفاض قدره 6 في المائة مقارنة بالعام الماضي، مما يظهر مرونة الطلب على الحلي الذهبية إذا ما قورنت بارتفاع الأسعار بنسبة 22 في المائة، علما بأن زيادة الأسعار تؤدي إلى الاتجاه إلى شراء الماركات العالمية منه للاستفادة من كونها منتجات متميزة. وإذا فسرنا ذلك من جانب القيمة بالدولار الأميركي، نجد أن قيمة الطلب على الحلي الذهبية قد نمت بنسبة 14 في المائة مسجلة 28.3 مليار دولار أميركي.

ويشير أحدث تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي حول اتجاهات الطلب على الذهب إلى أن متوسط سعر الذهب ارتفع بنسبة 22 في المائة عن الربع الأول من عام 2011، حيث سجل 1.690.57 دولار أميركي ونتيجة لذلك وقياسا بالقيمة، تابعت كل قطاعات طلب الذهب رفع الأسعار عن العام الماضي في ما عدا الطلب المادي على سبائك الذهب الذي انخفض على نطاق واسع والقطاع الرسمي، حيث انخفضت أنشطة الشراء لأدنى من المستويات الاستثنائية المسجلة في الربع الأول من عام 2011.

لكن انخفاض الأسعار عالميا لم يحد من نمو الطلب على الاستثمار في الذهب خلال الربع الأول لتسجل نموا بنسبة 13 في المائة عن العام الماضي مسجلة 389.3 طن (ويشمل سبائك الذهب والعملات وصناديق الاستثمار المتداولة والمنتجات المماثلة)، بما يعادل بالدولار الأميركي 21.2 مليار دولار، بارتفاع قدره 38 في المائة عن العام الماضي.

وتفسر زيادة طلب صناديق الاستثمار المتداولة والميداليات الذهبية والعملات الذهبية المقلدة وصول حجم الطلب إلى 389.3 طن، بزيادة تبلغ 45.8 مقارنة بالربع الأول من عام 2011، على الرغم من تراجع الطلب على السبائك والعملات، لكن معدل الطلب على استخدام الذهب في القطاع الصناعي والتقني تراجع بنسبة 7 في المائة ليسجل 107.7 طن مقارنة بما حققه من مستويات في مطلع العام.

وبحسب أرقام مجلس الذهب العالمي فقد ارتفع معدل طلب الاستثمار وصناعة المجوهرات في الصين بنسبة 10 في المائة عن المستويات المسجلة العام الماضي ليصل إلى 225.2 طن، وقد حقق طلب الاستثمار نموا قويا مسجلا 98.6 طن بزيادة تفوق 13 في المائة عن الربع الأول من عام 2011، مبرهنا على حاجة المستثمرين الدائمة للاحتفاظ بالثروات وسط المخاوف الحالية من التضخم. كما زاد الطلب على المجوهرات في الصين زيادة كبيرة ليصل إلى 156.6 طن، أي ما يعادل 30 في المائة من إجمالي الطلب العالمي على الذهب، واضعا الصين في صدارة كبرى أسواق المجوهرات للربع الثالث على التوالي.

في حين تأثر الطلب على الذهب في الهند في الربع الأول من عام 2012 بعدة عوامل تتمثل في الضريبة الجديدة المفروضة على المشغولات الذهبية، والزيادتين المطبقتين على رسوم واردات الذهب، فضلا عن ضعف الروبية وتذبذب أسعارها، فقد تراجع الطلب على الحلي الذهبية بنسبة 19 في المائة عن الربع الأول من العام الماضي مسجلا 152.0 طن، الأمر الذي دفع الحكومة إلى سحب الضريبة الجديدة المفروضة على المشغولات الذهبية مما عكس رد فعل إيجابيا للسوق التي بدأت بالفعل في التعافي.

إلى ذلك، واصلت البنوك المركزية على مستوى العالم العمل بالتوجه الذي تبنته وتحقيق مشتريات صافية من الذهب أدت بمعدل الطلب في الربع الأول من عام 2011 إلى أن يبلغ 80.8 طن، وقد قادت أوروبا الشرقية الطلب، حيث أضافت كل من روسيا وكازاخستان إلى احتياطاتهما من الذهب، وكان لهما نصيب كبير في القدر الأساسي من المشتريات. كما يعد البنك المركزي المكسيكي صاحب أكبر نصيب من المشتريات الفردية بمقدار 16.8 طن. ويتمثل الدافع وراء هذا الطلب من البنوك المركزية في تلك الأسواق الناشئة في حاجتها لتنويع الاحتياطات لديها.

بينما بلغ إجمالي طلب صناديق الاستثمار المتداولة والمنتجات المصرفية الشبيهة بها في الربع الأول من العام 51.4 طن، أي ما يعادل 2.8 مليار دولار أميركي، حيث يعد تناقضا مطلقا مع النتائج المحققة في الفترة نفسها من عام 2011، حيث شهد القطاع تدفقات نقدية صافية.