وزير التخطيط والاقتصاد السعودي يتوقع استمرار استقرار معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة

وزير التجارة والصناعة: التعاون المنشود أهم وسيلة للخروج من كل الأزمات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي

مؤتمر اليورومني أكد على أن الاستقرار والنمو وفرص العمل تمثل تحديات بالغة الأهمية خلال الفترة الحالية (تصوير: أحمد فتحي)
TT

توقع الدكتور محمد بن سليمان الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، استمرار استقرار معدل التضخم في السعودية خلال الفترة المقبلة، إلى أن تبدأ نتائج مشاريع الإسكان تدخل السوق.

وأشار إلى أن العرض في الإسكان مهم جدا، فعندما يتحسن العرض في الإسكان وهو يعتمد على مشاريع الدولة ويعتمد على إقرار الرهن العقاري ويتحسن معه تمويل القطاع الخاص لبناء المساكن بالنسبة للمواطنين فعند ذلك سيتحسن العرض وبالتالي ستنخفض الأجور.

وأوضح أن الاستثمار في المنشآت العقارية سيؤدي إلى انخفاض الأسعار، مستشهدا بما حصل في قطاع المكاتب التجارية حيث انخفضت بشكل كبير وذلك بعد العرض الكبير، الذي شهدته السنوات الماضية.

وشدد على أن ذلك الانخفاض جاء بعد استثمار القطاع الخاص بشكل كبير في قطاع العقارات التجارية، متمنيا أن يحدث ذلك في مشاريع الإسكان خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن عنصرين مهمين هما اللذان يتحكمان في حركة مؤشر التضخم، العقارات والغذاء.

وقال: إن أسعار الغذاء محكومة بما يحصل في أسعارها دوليا إضافة إلى الإنتاج المحلي، مشيرا في حال حصل ركود اقتصادي في أوروبا أو في دول العالم يتوقع أن يحصل انخفاض في أسعار المواد الغذائية وذلك سيترجم إلى أن تتضاءل الضغوط التضخمية على المواد الغذائية في السعودية وبالتالي يتحول إلى تأثير إيجابي على معدل التضخم.

وأكد أن الاستقرار والنمو وفرص العمل تمثل تحديات بالغة الأهمية، في ظل التطورات الاقتصادية التي يشهدها العالم، مشيرا إلى أن السعودية تعد ذات أهمية كلية وثابتة للاقتصاد العالمي، كونها صاحبة الاقتصاد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وبوصفها عضوا في مجموعة العشرين الدولية وتتعامل بجدية بالغة مع مسؤولياتها الدولية والإقليمية.

وأوضح الجاسر أن السعودية تتجه للاستثمار في بناء قدرات إنتاج احتياطية هائلة، حتى تحقق بشكل كبير الاستقرار في أسواق النفط العالمية المضطربة، مبينا أنها تحرص على بث التصريحات المطمئنة، عند الحاجة لذلك.

وأضاف أن للسعودية جهودا مستمرة ومقدرة، تقوم بالعمل عليها، بالتعاون مع شركائها، في احتواء التأثيرات المحتملة للمشكلات الاقتصادية، التي شهدتها أوروبا في العام الماضي، معتبرا أنها مؤشرات برسوخ قناعة تامة لديها بأن الاستقرار الاقتصادي العالمي يصب في صالح الجميع دون إقصاء أو عزل. وفي ظل هذا الواقع، أوضح الجاسر أن السعودية، تتميز بالكثير من المزايا، والتي من بينها وجود مركزها المالي المرموق، الذي يشكل فيه الدين الحكومي نسبة لا تزيد عن 6% فقط في الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عما تملكه من احتياطيات خارجية كبيرة، بجانب الإنفاق الهائل على التجهيزات الأساسية والتعليم والصحة.

وأضاف أنه من المميزات السعودية أيضا تمتع بلاده بنظام مصرفي، يستند إلى قواعد راسخة وأسس متينة وصناعات نفطية وبتروكيماوية تضاهي أرقى المستويات العالمية، بالإضافة إلى وجود صناعة تعدينية واعدة وفق أعلى المستويات العالمية، خاصة في مجالات الفوسفات والألمنيوم.

وأبان الجاسر أن المزايا في نمو مطرد، مبينا أن شبكة الخطوط الحديدية، التي تربط أطراف بلاده المختلفة، ساهمت بشكل كبير في خلق مناخ استثماري، حازت السعودية بموجبه على المركز 12 من بين 183 دولة وفق تصنيف البنك الدولي لعام 2012، مشيرا إلى أن الاستقرار الذي تعيشه بلاده مكنها من مواجهة الأحداث العالمية السلبية، داعيا إلى ضرورة وعي هذه الحقائق، باعتبارها قوة دافعة للسعودية في مواجهة التحديات المستقبلية.

واستعرض وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي أبرز التحديات التي يعتقد أنها تحتاج إلى وقفة، وهي مسألة تنويع الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص العمل والكفاءة الإنتاجية للقوى العاملة، موضحا أن تنويع القاعدة الاقتصادية لبلاده يعد هدفا من بين أهداف الخطط الاقتصادية، والتي ساهمت في الانتقال من مرحلة الإنتاج النفطي والصناعات القائمة عليه وزيادة قدرات تكرير النفط، إلى تطوير منتجات بتروكيماوية، ذات قيمة مضافة أعلى من النفط.

وتوقع أن تشهد الفترة الحالية تحولا نحو الاعتماد على القطاعات ذات الصلة بالصناعات التحويلية والخدمات ذات القيمة المضافة الأعلى، والذي يترتب عليه في نهاية المطاف ضمان التحول إلى مجتمع معرفي مستدام، بوصفه أحد الأهداف الرئيسية لخطة التنمية التاسعة.

ويعتقد الجاسر أن السعودية اجتهدت في توظيف استثمارات هائلة في مجال التحول المعرفي، متوقعا تسارع وتيرته في ظل انتشار خدمات تقنيات الاتصالات الحديثة وقيام الجامعات السعودية بتعزيز حقل البحوث، والاهتمام بتعليم الرياضيات والعلوم، في مناهج التعليم العام في مراحل سنية مبكرة تتوق للمعرفة وبناء العبقرية. وأوضح أن حكومة بلاده رصدت 1.4 تريليون ريال (373 مليار دولار) لتنفيذ الخطة التنموية التاسعة الحالية، مبينا أنها وجهت نصف هذا المبلغ، أي 731 مليار ريال (194 مليار دولار)، لتنمية الموارد البشرية، بما في ذلك بتطوير التعليم العام والتعليم العالي والتدريب الفني والمهني والعلوم والتقنية والابتكارات.

وأضاف أن ما تقوم به الحكومة السعودية يصب في صالح تحقيق الأهداف البعيدة المدى، وذلك من خلال توفير قوة عاملة ذات محتوى معرفي عال، وكفاءة إنتاجية مرتفعة، مبينا أن بلاده تتوخى على المدى البعيد أن تبوأ القطاعات ذات المهارات العالية والأجور المرتفعة موقع الصدارة في الاقتصاد المحلي المتنوع في القطاعات غير النفطية.

وأضاف وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي أن ذلك التوجه السعودي أمر مغاير للبنية الهيكلية الحالية للاقتصاد المحلي، ما يتطلب الحفاظ على قدرة تنافسية ورفع كفاءة الإنتاجية للفرد السعودي، وهو ما يتوقع أن تحرص عليه الخطط المستقبلية للتنمية، مشيرا إلى أن الاستراتيجية البعيدة المدى لبلاده تستهدف تحقيق اقتصاد متنوع بحلول عام 2025 من خلال الاستثمار في عناصر تسهم في تحسين الميزة التنافسية لها.

من جهته قال الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، وزير التجارة والصناعة السعودي، إن المستجدات والتحديات التي تمر بها الساحة الدولية تفرض على جميع الدول التعاون فيما بينها في مختلف المجالات، اقتصاديا، وتجاريا، وماليا، وصناعيا.

وقال الربيعة: «ليس من المبالغة القول إن هذا التعاون المنشود هو أهم وسيلة للخروج من كل الأزمات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي»، مشيرا إلى نجاح حكومة بلاده في بناء علاقات تجارية واقتصادية متينة، مع معظم دول العالم.

وأرجع هذا التوجه السعودي إلى رغبة بلاده في بناء شراكة قوية لتنمية شاملة ومستدامة للجميع، سواء كان ذلك من خلال المؤسسات والأجهزة الحكومية أو عبر مؤسسات القطاع الخاص، مبينا أن الناتج المحلي الإجمالي للعام 2011 حقق ارتفاعا في قيمته بالأسعار الجارية، مقارنة بما كان عليه في العام السابق ليصل إلى 2.163 تريليون ريال (576.8 مليار دولار)، بنسبة ارتفاع 27.96%.

وقال: «بالأسعار الثابتة، بلغت قيمة الناتج المحلي عام 2011 ما يلامس بنسبة ارتفاع 6.77%»، مبينا أن «مساهمة القطاع الخاص، بلغت فيه بالأسعار الجارية، ما نسبته 14.25%، وبالأسعار الثابتة ما نسبته 8.28%». وبرأي وزير التجارة والصناعة السعودي أن ذلك يعكس ما يشهده القطاع الخاص من نمو إيجابي في أنشطته الاقتصادية المختلفة، مبينا أن من أبرزها قطاع الصناعات التحويلية، الذي حقق نموا نسبته 22% للعام 2011، على حد تعبيره، مؤكدا أن بلاده تتطلع لأن يصبح اقتصادها عام 2025 متنوع المصادر بقيادة القطاع الخاص.

الدكتور مفرج الحقباني، نائب وزير العمل السعودي، أكد أن التحدي الأساسي الذي يواجه بلاده حاليا يتمثل في توفير فرص عمل للمواطنين السعوديين في القطاع الخاص، ووجود حاجة لاستحداث أعداد كبيرة ومتنوعة من الفرص الوظيفية في القطاع الخاص، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من العمالة الوطنية التي تدخل سوق العمل سنويا.

وأوضح أن ذلك يقتضي التعامل مع 3 عناصر، وهي الطلب على الوظائف من خلال مبادرات تغطي الأجلين القصير والبعيد وزيادة التوظيف للعمالة الوطنية، من خلال برامج توطين الوظائف، بإحلال جزء من الوظائف المشغولة بالعمالة الوافدة البالغة نحو 8 ملايين وظيفة والعنصر الثاني هو العرض من الوظائف.

وقال: «إن العنصر الثالث يتمثل في موازنة سوق العمل وتطويرها وإعادة صياغة عملية توظيف الباحثين عن العمل في الفرص الوظيفية المتاحة»، مشيرا إلى أن وزارة العمل تعكف حاليا على وضع نظام متكامل للإرشاد الوظيفي والتدريب وبناء القدرات، إلى جانب العمل على إيجاد المواءمة الصحيحة بين متطلبات أصحاب العمل وما لدى الباحثين عن العمل من مؤهلات وخبرات.