برلين ترفض مجددا إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو

فرنسا تحذر من خروج اليونان.. واقتصادي ألماني يدعو لإصدارها

فرانسوا هولاند الرئيس الفرنسي الجديد طالب بسندات أوروبية موحدة مجددا رفضتها ألمانيا (أ.ب)
TT

جددت برلين أمس، الثلاثاء، رفضها إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو مع اعتبار مصدر حكومي بارز أن إصدارها ليس الطريق السليم لعلاج أزمة الديون السيادية.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن برلين لا ترى سببا يستدعي بحث إصدار مثل تلك السندات، مضيفا أن تبني ألمانيا هذا الرأي ليس معناه الانعزال. وذلك وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية. وستحدد ميركل خلال قمة الاتحاد الأوروبي اليوم، الأربعاء، أفكارها بشأن كيفية التعامل مع الأزمة وتشجيع النمو.

إلى ذلك, حذر وزير الاقتصاد والمال الفرنس ي بيار موسكوفيسي، في مقابلة أجرتها معه وكالة الصحافة الفرنسية، من أن خروج اليونان من منطقة اليورو سيتسبب في انتشار أزمة الديون على نطاق لا يمكن توقعه، داعيا إلى بذل «كل ما بالإمكان» لتفادي مثل هذا السيناريو.

وأثناء لقائه الأول مع نظيره الألماني فولفغانغ شويبله الاثنين في برلين، تعهد المسؤولان في موقف موحد بـ«بذل كل ما بالإمكان لإبقاء اليونان» في منطقة اليورو. وقال موسكوفيسي متحدثا في الطائرة التي كانت تعيده إلى باريس «إنه خطاب إيجابي جدا من جانب فولفغانغ شويبله»، مبديا ارتياحه لنتائج اللقاء. وتابع «يمكن لكل جهة أن تقلق على اليونان، ونحن كذلك. لكن خروج اليونان سيتسبب في انتشار عدوى الأزمة على نطاق لا يمكن توقعه، وربما لا يمكن السيطرة عليه».

ورأى أنه «ينبغي بذل كل ما بوسعنا من أجل تشكيل حكومة يونانية بعد انتخابات 17 يونيو (حزيران) مؤيدة لمنطقة اليورو تتعهد بفعل ما ينبغي للبقاء فيها». وعن كيفية ذلك مع العلم بأن هذا القرار يعود في النهاية على ما أقر الوزير إلى اليونانيين الذين سيصوتون، رد موسكوفيسي «ينبغي بذل كل ما هو ممكن لمساعدة القوى المؤيدة لأوروبا والمؤيدة لليورو في اليونان»، مقترحا بصورة خاصة «تدابير لتحريك النمو وإعادة الأمل إلى اليونانيين». وأكد موسكوفيسي أنه يتكلم «لغة مشتركة» مع نظيره الألماني. واعتبر أنه «ينبغي إعادة إحياء الأمل، ولا أمل في أوروبا من دون تنمية».

والتنمية هي الموضوع الرئيسي في ولاية الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند، وأعرب موسكوفيسي عن ارتياحه لزيارته الأولى إلى برلين في هذا الملف أيضا. ورأى أن «هناك تسويات ممكنة» مع ألمانيا بشأن العديد من مقترحات الرئيس الفرنسي من أجل تحفيز النشاط الاقتصادي في أوروبا، لا سيما تعزيز رأس مال البنك الأوروبي للاستثمار وإنعاش الصناديق البنيوية غير المستخدمة واستحداث ضريبة أوروبية على المعاملات المالية. ويمكن استخدام الاقتراحين الأولين من أجل استثمارات سريعة ومحددة الأهداف في اليونان.

ويرى الجانب الفرنسي أن الانفتاح في برلين ممكن حتى في ما يتعلق بالقروض المشتركة الأوروبية المعروفة بـ«سندات المشاريع» لتمويل مشاريع بنى تحتية. لكن موسكوفيسي أقر بوجود «خلاف أساسي» مع ألمانيا بشأن «سندات اليورو» التي تسمح بتقاسم أعباء قسم من ديون بعض الدول الأوروبية التي تواجه صعوبات، وهو مشروع يدعو إليه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فيما ترفضه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وأكد الوزير «بالنسبة إلينا فإنها فكرة مهمة، لكن لا يمكننا فرضها، سنناقشها» قبل أن يؤكد «إننا مصرون». وكرر موقف باريس، مؤكدا أن فرنسا لن تصادق على الاتفاقية الأوروبية لضبط الميزانية من دون إضافة «شق تنموي» إليها.

وعن الصيغة القانونية التي ينبغي أن يتخذها «الشق التنموي» يجيب الوزير «نتكلم أولا عن المضمون، وسنبحث الشكل لاحقا». وأكد موسكوفيسي أنه استغل الفرصة «لتبديد» أي «حذر قد تبديه ألمانيا حيال الحكومة الجديدة». ولذلك كرر رسالة واضحة «أكدت أننا سنفي بتعهداتنا حول الميزانية. ينبغي ألا يعتقد الألمان أننا قد نكون غير مبالين أو متساهلين في هذه النقطة». وأضاف ختاما «فرنسا تريد علاقة صداقة مع ألمانيا.. نتفهم قلقهم حيال استقرار الميزانيات لكن عليهم تفهم قلقنا حيال النمو».

إلى ذلك، أعرب بيتر بوفينغر، أحد حكماء الاقتصاد الألماني، عن تأييده لإصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو «يوروبوندز» بشرط ربطها بتعزيز حقوق تدخل الاتحاد الأوروبي لضبط الميزانية الوطنية للدول المعنية. وفي مقابلة مع إذاعة «دويتشلاند فونك» قال بوفينغر أمس الثلاثاء إن هذا النوع من السندات يمكن أن يكون «مستساغا» في حال اقترن بانضباط سياسي.

وتأتي هذه التصريحات قبل يوم واحد من قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل للنقاش حول السندات المشتركة المثيرة للجدل. وأضاف بوفينغر «أنا على قناعة بأن الدول التي تواجه المشاكل على استعداد لقبول ذلك»، مشيرا إلى أن الدول المثقلة بالديون ستقبل بمزيد من حقوق التدخل للبرلمان الأوروبي أو المفوضية الأوروبية في شؤون ميزانياتها «لتحرر نفسها من قبضة الأسواق المالية».

ونفى عالم الاقتصاد البارز أن يكون إصدار هذه السندات المشتركة سببا في إضعاف إرادة التقشف لدى الدول المعنية «لأن هذه السندات لا ينبغي أن تكون بمثابة شيكات على بياض، بل يجب أن ترتبط برقابة على ميزانيات الدول ذات الديون الضخمة».