البنك الدولي: 106 مليارات دولار حجم الإنفاق السنوي المطلوب على البنية التحتية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

دور أكبر للقطاع الخاص وصندوق تمويل يطلقه البنك الإسلامي للتنمية

TT

أظهرت دراسة حديثة للبنك الدولي أن «منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحتاج إلى إنفاق 106 مليارات دولار سنويا على البنية التحتية من الآن إلى سنة 2020، وهذا ما يشكل 6,9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة».

وأوضح مدير مؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤيد مخلوف أن «الحاجة إلى الاستثمار وإعادة التأهيل عالية وخصوصا في قطاعي الكهرباء والنقل، وتحديدا الطرق». لكنه أبرز أن «مشاركة القطاع الخاص في مشاريع البنى التحتية أقل بكثير من اللازم للتمكن من تحقيق الأهداف التنموية. كونها الأدنى على مستوى العالم».

وشدد، خلال منتدى حول مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص استضافته بيروت أمس برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على أن «أهمية مشاريع البنى التحتية لا تقتصر على توفير الخدمات الأساسية، بل هي يمكن أن تكون مصدرا فوريا لفرص العمل. فقطاعات البنية التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توفر العمل حاليا لأكثر من 18 مليون شخص، بينهم نحو 11 مليونا يعملون في مجال البناء، في حين يعمل 7,5 مليون في مجال خدمات البنى التحتية». وشدد على أن الاستثمار في البنية التحتية يمكن أن يوفر ملايين فرص العمل في المنطقة.

واستنتج أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص يمكن أن تكون عنصرا مساعدا في ذلك من خلال إيجادها «نموذجا مبتكرا وحلا عمليا للتمويل. لأن الشراكة تتيح للحكومات الإفادة من خبرات القطاع الخاص ومهاراته في المهام اليومية، فيتسنى لهذه الحكومات، عوضا عن ذلك، أن تركّز على التخطيط والتنظيم ورسم السياسات».

وذكر بأن «البنك الدولي لم يكتف بأن أدى دورا رئيسيا في إطلاق مبادرة آلية التمويل العربي للبنية التحتية، بل عمل كذلك مع الحكومات، إذ يساعد حاليا حكومات المغرب وتونس ومصر في تحسين أطرها المؤسسية الخاصة بالشراكة بين القطاعين، ويموّل مباشرة جزءا من مشاريع الشراكة في مصر والمغرب في مجال الطاقة المتجددة، ويدعم الاستثمارات في قطاع الطاقة في الأردن من خلال الضمان الجزئي للمخاطر، ويدرس دعم مشاريع لتحلية المياه في فلسطين».

وأوضح مدير إدارة البنية التحتية في البنك الإسلامي للتنمية الدكتور وليد عبد الوهاب، أن «القطاع الخاص في كل البلدان العربية، يضطلع بدور متعاظم الأهمية في مجال التنمية الاقتصادية. وقد أدركت الحكومات الحاجة إلى تعزيز التعاون مع القطاع الخاص، بوصف هذا التعاون عاملا محفزا على تحسين جودة الخدمات العامة وكفاءتها، وعلى أنه وسيلة لتمويل مشاريع البنية التحتية العامة».

وقال «إن البنك الإسلامي للتنمية أنشأ شعبة لهذه الشراكة سنة 2006، وتجاوز مجموع التمويل الذي قدمه البنك ثلاثة مليارات دولار أميركي لمشاريع البنية التحتية في الدول الأعضاء من خلال أدوات مالية متوافقة مع أحكام الشريعة، وبلغ المخصص للدول العربية من التمويل المذكور 1.8 مليار دولار (أي نحو 60 في المائة). وهذا جزء مهم من إجمالي تمويلات البنك لقطاع البنية التحتية، سيتعاظم نموه مع مرور الوقت».

وأضاف أن «تحقيق أقصى منفعة من استثمارات القطاع الخاص، يتطلب بذل كل جهد ممكن لتحقيق التكامل الإقليمي من أجل زيادة حجم السوق، وتعزيز استمرارية المشاريع من خلال وفورات الحجم (Economies of Scale)». وأكد «الأهمية الكبرى التي تعلقها مجموعة البنك الإسلامي على التعاون الاقتصادي، والتكامل الإقليمي، وتوسعة الأسواق، وزيادة التنافسية. وفي هذا السياق، تم تصميم آلية تمويل البنية التحتية في البلدان العربية لتشجيع هذا التقدم».

وقال: «منذ إطلاق الآلية في عمّان العام الماضي، أحرز كل من مؤسسة التمويل الدولية والبنك الإسلامي للتنمية تقدما مهما في هذا المجال. فقد دخل صندوق المساعدة الفنية حيز التشغيل، وتم في هذا الإطار تحديد عدد من الفرص الواعدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد اكتملت التحضيرات لإطلاق صندوق الاستثمار التابع لهذه الشراكة ونتوقع أن ينجز الإغلاق الأول لهذا الصندوق في الشهور القليلة المقبلة».

واعتبر رئيس الاتحاد العام للغرف العربية عدنان القصار، أن موضوع تنمية البنى التحتية يشكل أولوية مطلقة في مرحلة العبور بعد ثورات الربيع العربي للنهوض من الأوضاع السابقة التي خلفت إرثا ثقيلا من الاحتياجات، ناهيك بالتداعيات السلبية التي ترافقت مع الأحداث، والتي خلفت خسائر تقدر بنحو 800 مليار دولار».

ولفت إلى أن «البلاد العربية بصورة عامة تعاني ثغرات رئيسية في مجال تطوير البنى التحتية، وبالأخص ثغرة التمويل، ولا سيما بالنسبة للدول العربية غير النفطية». وتابع «مع أن البلاد العربية تستثمر قرابة 60 مليار دولار سنويا في مشروعات البنى التحتية، لكن التقديرات تشير إلى حاجتها لنحو 100 مليار دولار سنويا، بما يعني وجود فجوة بمقدار 40 مليار دولار سنويا في هذا المجال».

واعتبر أن «من الضروري لنجاح هذه المشروعات أن تقام وتدار على أسس استثمارية وتجارية سليمة وفقا لمعايير القطاع الخاص والقواعد الدولية للتمويل بغية ضمان النجاح في استقطاب الاستثمارات المحلية وكذلك العربية والدولية. ومن المهم أيضا توفير البنية التشريعية التي تشجع على استقطاب الاستثمار من خلال وضع تشريعات وقوانين لتنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتنسيق بينها على المستوى العربي».

من جهته رأى مدير برنامج شراكة القطاعين العام والخاص في مؤسسة التمويل الدولية لورانس كارتر، أن «المنطقة بحاجة إلى بنى تحتية، لكن كثيرا من حكومات المنطقة ليست في وضع مالي يمكنها من توفير البنى التحتية اللازمة في مدى قصير».

ولاحظت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة أنجيلينا ايخهورست أن الشراكة بين القطاعين «تجمع روح المبادرة الفردية والابتكار والمخاطرة التي يتسم بها القطاع الخاص، مع واجب مؤسسات الدولة المتمثل في خدمة مصالح المواطنين». ورأت أن «الشراكة بين القطاعين في أماكن كثيرة من العالم، أظهرت نجاحها في توفير خدمات تتميز بالكفاءة والفاعلية». وشرحت أن «تشارك المخاطر هو جوهر الشراكة بين القطاعين».

وأمل الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة في لبنان زياد حايك في «ألا يتعثر هذا مسار قانون الشراكة في لبنان، وأن ترسل الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب في القريب العاجل، فقد ضاعت 5 سنوات منذ بداية هذا الجهد الدؤوب، فوت لبنان فيها على نفسه فرصا عدة لإعادة إنعاش اقتصاده ولتوفير آلاف فرص العمل ولإنشاء معامل الكهرباء وسدود المياه وسبل النقل السريع ومعامل لمعالجة النفايات الصلبة ومحطات الصرف الصحي، ناهيك عن السجون ومرائب السيارات المطمورة التي يمكنها أن تخفف من الازدحام في المدن الكبرى».

وأكد وزير المال محمد الصفدي أن «الحكومة لن تتوانى عن التركيز على ما يوفر فرص العمل ويشجع النمو، لذلك نحن في صدد مناقشة قانون عصري للشراكة بين القطاعين العام والخاص ونأمل أن نحيله على مجلس النواب لكي يتمّ إقراره في الوقت القريب».