منطقة اليورو تعد نفسها لخروج اليونان.. وسيناريوهات «كارثية»

اليورو يتأثر ويهبط إلى أقل مستوى في 21 شهرا مقابل الدولار

TT

سجل اليورو أقل مستوى في 21 شهرا مقابل الدولار، أمس، قبل اجتماع الاتحاد الأوروبي، أمس، في حين يتشكك المستثمرون في توصل الزعماء لإجراءات لمعالجة أزمة منطقة اليورو غير الرسمية، لا سيما في ظل معارضة ألمانيا القوية لإصدار سندات مشتركة باليورو.

ونزل اليورو إلى 2615.‏1 دولار وهبط عن أقل مستوى له منذ بداية العام عند 2624.‏1 دولار الذي سجله يناير (كانون الثاني) ليصل لأقل مستوى منذ أغسطس (آب) 2010.

وبحسب «رويترز» تنامت المخاوف بشأن احتمال انسحاب اليونان من منطقة اليورو بعد أن نقلت «داو جونز» في وقت سابق عن رئيس الوزراء السابق، لوكاس باباديموس، قوله إن اليونان ليس أمامها خيار سوى الالتزام ببرنامج تقشف قاس أو مواجهة خروج مدمر من منطقة اليورو.

لكن خسائر اليورو ربما تكون محدودة الآن ويساور المستثمرين القلق من إمكانية حدوث تعاف لتغطية مراكز مدينة نظرا لحجمها الكبير في اليورو. وارتفع مؤشر الدولار إلى 913.‏81 وهو أعلى مستوى في 20 شهرا.

لكن الدولار انخفض أمام الين الياباني بعدما أبقى بنك اليابان سياسته النقدية دون تغيير.

ونزل الدولار 7.‏0 في المائة مقابل الين إلى 39.‏79 ين، وانتعشت العملة اليابانية من تراجعها، أول من أمس، الثلاثاء، إثر خفض «فيتش» تصنيف الديون السيادية لليابان. وألقت في بروكسل الأزمة بثقلها على اجتماع لقادة الأوروبيين، أمس، مجددا في بروكسل للبحث في النمو وسط خلافات بين الثنائي الفرنسي - الألماني حول إطلاق السندات الأوروبية المشتركة.

واحتدم النقاش خلال الأيام الأخيرة حول السندات الأوروبية مشكلا جدلا قد يؤدي إلى مواجهة كتلتين خلال قمة غير رسمية تعقدها الدول الأعضاء الـ27 في شكل مأدبة عشاء.

وبعد أن حاول طمأنة ألمانيا حول عزم فرنسا احترام التزاماتها في مجال الانضباط في الميزانية، ينوي الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، اغتنام الفرصة للدفاع عن السندات الأوروبية المتمثلة في تجميع الديون وهو ما ترفضه ألمانيا بشدة.

وهو بذلك يغامر بإمكانية إثارة غضب برلين التي تكرر باستمرار موقفها منذ عدة أيام؛ معارضة السندات الأوروبية. وأعلن مصدر حكومي ألماني أول من أمس، الثلاثاء: «هذا هو موقفنا الصارم وسيكون كذلك في يونيو (حزيران)».

وكرر وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله ذلك، أمس، مؤكدا: «ما دام يقود كل بلد سياسته المالية، فمن المستبعد تجميع ضمان للسندات»، معتبرا أن ذلك لن يحفز الدول الضعيفة على الانضباط في الميزانية.

ويحصي كل معسكر مسانديه في هذه المواجهة بين فرنسا وألمانيا التي لم يعهدها الأوروبيون في عهد الثنائي «ميركوزي» (ساركوزي - ميركل).

وقد انحازت هولندا وفنلندا إلى موقف برلين، بينما تدعم لوكسمبورغ وإيطاليا الموقف الفرنسي، كما يدافع المستشار الاجتماعي الديمقراطي النمساوي، ورنر فايمن، أيضا موقف باريس، لكن وزيرته للمالية المحافظة، ماريا فيكتر، تدافع عن موقف برلين.

وانضمت أطراف اقتصادية أخرى، أول من أمس، الثلاثاء، إلى النقاش، موحية بأن السندات الأوروبية قد تكون الحل، واقترح الاقتصادي بير كارلو بادوان، رئيس منظمة التعاون والتنمية في أوروبا، على الأوروبيين إصدار «سندات جديدة تضمنها كل الدول بالإجماع».

من جانبها دعت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، إلى بذل «المزيد من الجهود خصوصا عبر تقاسم المسؤوليات المالية».

وأفاد مصدر في باريس بأن هولاند يعتبر أن السندات الأوروبية مهمة وضرورية، وأن ألمانيا لن تعارضها على المدى المنظور، مشددا على ضرورة تحديد خارطة طريق من الآن حول تلك المسألة.

وأشار دبلوماسي أوروبي إلى أن «ألمانيا حولت تدريجيا عدة خطوط حمراء إلى خطوط وردية منذ سنتين»، لكن من السابق لأوانه أن تغير رأيها من السندات الأوروبية، كذلك حول فكرة السماح لصناديق إنقاذ في منطقة اليورو، «آلية التضامن الأوروبية» بمنح المصارف قروضا مباشرة.

وأضاف الدبلوماسي أنه «إذا اتجه السيناريو اليوناني نحو الخروج من اليورو فيجب وضع آليات دفاع من العدوى»، لا سيما أن «الأسواق ستصر على المطالبة برد على السؤال التالي: ما هي الدول التي ستدعم بعضها البعض؟».

وكان مصير اليونان من أهم مواضيع النقاش، أمس، الأربعاء، حيث يتوقع أن يقدم رئيس الوزراء اليوناني بالوكالة، بنايوتيس بيكرامينوس، أمام زملائه تقييما للوضع قبل أقل من شهر على الانتخابات التشريعية المقررة في 17 يونيو التي قد تنتهي بفوز الأحزاب الرافضة التقشف، وفتح المجال أمام إفلاس البلاد وخروجها من اليورو.

كذلك يحتمل أن يتناول النقاش وضع المصارف الإسبانية الهشة الذي يثير مخاوف المصارف رغم أن حكومة مدريد شددت مؤخرا على أنها ليست في حاجة إلى مساعدة خارجية لتسوية أوضاعها.

وعلى كل حال فإن فان رومبوي حذر مسبقا من أنه لا يجب انتظار أي قرار من الاجتماع الذي يهدف في الأساس إلى إعداد القمة الأوروبية المقررة في 28 و29 يونيو.

غير أنه يأمل في تحقيق تقدم في عدة اتجاهات للنهوض بالنمو مثل الزيادة في رأسمال بنك الاستثمار الأوروبي. ويتوقع أن يغتنم فرنسوا هولاند الفرصة ليلح على إنشاء ضريبة حول التحويلات المالية، كما أفاد مصدر في باريس.

من جهة أخرى ذكرت تقارير صحافية في ألمانيا، أمس، الأربعاء، أن البنك المركزي الأوروبي شكل لجنة أزمة لمتابعة تطورات الوضع في اليونان الدولة العضو في مجموعة اليورو التي تواجه أزمة ديون خانقة تهددها بالإفلاس.

وقالت صحيفة «دي تسايت» الألمانية إنه تم تشكيل اللجنة برئاسة الألماني يورغ آسموسن عضو مجلس إدارة المركزي الأوروبي.

وفي سياق متصل شكل البنك المركزي الألماني (بوندسبنك) لجنة مشابهة برئاسة يواخيم ناجل، عضو مجلس إدارة البنك.

ورفض المصرفان أمس التعليق على ما أوردته الصحيفة في تقريرها، وكان آسموسن أعلن مؤخرا أن المركزي الأوروبي ما زال يعمل على «الخطة أ» الموضوعة على أساس استمرار اليونان في مجموعة اليورو. وقالت الصحيفة في تقريرها إن مسألة استبعاد اليونان من منطقة اليورو في ظل توتر الوضع السياسي في البلاد لم تعد مستبعدة.

في المقابل كان الإيطالي ماريو دراغي، رئيس «المركزي الأوروبي»، أعلن أن البنك ما زال يرغب في استمرار اليونان داخل منطقة اليورو.

وفي فرانكفورت حذر البنك المركزي الألماني (بوندسبنك)، أمس، الأربعاء، الساسة في اليونان من التراجع عن برنامج التقشف الذي كان قد اتفق عليه بين حكومة أثينا والمانحين الدوليين.

وكتب البنك في تقريره الشهري الذي نشر أمس في فرانكفورت أن التطورات الراهنة في اليونان مثيرة للقلق بشكل كبير.

وحول الانتخابات الجديدة المزمع إقامتها في اليونان الشهر المقبل، أعرب البنك عن تخوفه من عدم تنفيذ برنامج التقشف والإصلاح المتفق عليه «الأمر الذي يهدد استمرار تدفق المساعدات».

وأضاف البنك في تقريره أنه في هذه الحالة فإن على اليونان العضو في مجموعة اليورو التي تواجه أزمة ديون خانقة تهددها بالإفلاس أن تتحمل التبعات الناجمة عن ذلك.

وأشار البنك في تقريره إلى تعاظم التحديات أمام منطقة اليورو بزعامة ألمانيا في حال عدم التزام اليونان بالبرنامج التقشفي والإصلاحي، غير أنه قال إن العواقب الناجمة عن ذلك يمكن السيطرة عليها من خلال «الإدارة الحذرة» للأزمة من قبل ألمانيا وزملائها في مجموعة اليورو.