«يورومني» السعودية: خبراء ماليون يقرون بميزة الوضع المالي للمملكة ويدعون لتعزيز أنظمته

عقاريون يطالبون بتشريع تمويل طويل المدى وفرض زكاة على الأراضي

عقاريون يبدون تفاؤلا كبيرا بمستقبل الإسكان في السعودية (تصوير: إقبال حسين)
TT

طالب خبراء عقاريون سعوديون بضرورة فرض الجهات الحكومية زكاة ضريبية على ملاك الأراضي، الذين يهملون هذه الأراضي الشاسعة، من دون إصلاحها وتأهيلها في ظل أزمة إسكان يعاني منه المواطن السعودي، مع ضرورة رفع الدعم الحكومي لقطاع الإسكان، وتخفيض فوائد القروض التي تمنحها البنوك لطلاب السكن الميسر، مشيرين إلى أن الحل يكمن في خلق تعاون استراتيجي بين اللاعبين الرئيسيين في هذه اللعبة، من قطاع حكومي وقطاع خاص.

وأقر خبراء في مجال العقار بأن غياب عنصر الشفافية في البنوك، وارتفاع فائدة التمويل، في ظل انخفاض في أسعار البترول، وانعكاس ذلك سلبا على المواطن بالتبادل العكسي مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، والضعف في رواتب الشباب السعوديين العاملين في مختلف المجالات، كل ذلك خلق أزمة إسكان حقيقية، وصعب مسألة إيفاء متلقي التمويل بسداد ما عليهم من فوائد بنكية تمويلية تلقوها لهذا الغرض، ناهيك عن دفع أصل الدعم نفسه.

وحمل الخبراء الجهات الحكومية المعنية بأمر الإسكان جزءا كبيرا من مسؤولية أزمة الإسكان، يتمثل في ضعف الدعم الحكومي للتمويل العقاري، وضعف التشريعات والأنظمة الخاصة بالإسكان والتمويل، داعين إلى ضرورة معالجة هذه الأنظمة وتطويرها، لتواكب متغيرات العصر، حتى توازن بين الطلب والعرض، مشيرين إلى أن الدعم الذي يتلقاه المطور العقاري في السعودية لا يزيد على 30 في المائة من التكلفة، فيما يصل في البلاد الغربية إلى أكثر من 55 في المائة من التكلفة.

واعترف رجال أعمال في مجال العقارات بأن وضع العقار والإسكان في السعودية حاليا يواجه عددا من التحديات.

وفي الوقت نفسه، يعتقد المهندس علي الزيد، رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض وصاحب «العقارية»، أن الشركات العقارية في السوق السعودية تقوم بدور مسؤول وتجسد مبدأ المسؤولية الاجتماعية بشكل كبير، مبينا أن القطاع الخاص شهد في الآونة الأخيرة تطورا ملحوظا من حيث المشاركة في تأسيس سوق عقارية سعودية صحيحة المناخ، كما شارك بقوة في بناء البنية التحتية لقطاع الإسكان، بهدف سد الثغرات التي تخلقها مسألة وفرة الأرض وكيفية وزمن توافرها، ومن ثم الإنشاء عليها. وأبدى تفاؤلا كبيرا بمستقبل الإسكان في السعودية، مبينا أن الحكومة السعودية تقوم بخطوات جبارة في سبيل المعالجة واحتواء مشكلة الإسكان، مبينا أن بعض الشباب السعودي انتقائي في تملك الإسكان، فبدلا من شراء شقة صغيرة بمقدوره دفع مستحقاتها من دون إرهاق، يقوم بشراء أرض واسعة، ويواجه بصعوبة تسديد مستحقاتها، مشيرا إلى أنها خصصت 250 بليون ريال لمواجهتها.

الدكتور إبراهيم الغفيلي أوضح أن مصلحة الإحصاء أكدت في تقرير لها أن هناك العديد من الأراضي غير المطورة داخل المدن السعودية، تبلغ مساحتها 3 بلايين متر مربع، تستوعب 3 ملايين وحدة سكنية، من أصل 21 بليون متر مربع، ربعها غير مستصلح ويؤول بعضه كأملاك، داخل المناطق الحضرية.

وكانت قد تواصلت أمس الأربعاء فعاليات مؤتمر «يورومني السعودية» في يومه الثاني والأخير، بعقد عدد من الجلسات النقاشية المتخصصة، بحثت قضايا وضع القطاع المالي للسعودية والعالم، شارك فيها كل من المهندس علي الزيد، رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بالرضا، ورجل الأعمال السعودي عبد الله السعيدان، والدكتور إبراهيم الغفيلي، والخبير الدولي غوث فريمان مدير الأبحاث الاقتصادية في «مينا». وأوضحوا أن قضية الإسكان في السعودية أفضل وضعا مما هي عليه في بلاد أخرى، مع الإشارة إلى إعلان السعودية إطلاق مشروع إسكاني ضخم لبناء 500 ألف وحدة سكنية وتخصيص مبالغ مالية إضافية لدعم صندوق التنمية العقارية، ورفع حجم القرض ليصل إلى 500 ألف ريال، ومناقشة نظام الرهن العقاري الذي تترقب الأوساط العقارية صدوره في الفترة القادمة.

كما ناقش مؤتمر «يورومني» قضايا الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على السعودية، خاصة في القطاع المصرفي والسياسات المالية التي اتبعتها السعودية لتفادي آثار الأزمة ونجاحها في تقليل تبعاتها والخروج منها.

وشارك في هذه الجلسة كل من عبد المحسن الفارس المدير التنفيذي لبنك «الإنماء» السعودي، وإريك سواتس رئيس إدارة الأصول ببنك «رسملة» الاستثماري بدبي، وياسر الشريف الرئيس التنفيذي لشركة «منافع» القابضة، ودانيال كوان المدير التنفيذي في شركة «مورغان ستانلي» بدبي. وأجمع المشاركون على أن القطاع المالي السعودي يشهد نقلة متنامية متصاعدة، خلال الـ12 عاما الماضية، مبينين أنه حقق ازدهارا يشابه ما عليه مثيله في البلاد المتقدمة، متجاوزا المخاطر التي تحدق بالنظام المالي العالمي بامتياز، مشيرين إلى إسهاماته في نهضة المنطقة من خلال مشاركته في الأنظمة المالية الخليجية، من خلال رسملة بعض بنوكها الكبيرة.

وأوضحوا أن البنوك السعودية تتمتع باحتياطات نقدية ومالية ضخمة، جعلتها قادرة على مواجهة الأزمة المالية العالمية، مبينين أن هذه القدرة تفسرها مشاركتها الفعالة في تمويل المشاريع الضخمة، بجانب الصناديق الحكومية التي صنعت فرصا جيدة لنمو القطاع المالي، بسبب التوسعات التي شهدها مؤخرا، بجانب تنويع المصادر التمويلية، مما يمكنه من المشاركة في البنى التحتية والنمو الاقتصادي بصورة مستدامة.