السوق الخليجية المشتركة.. أولى خطوات الاتحاد الاقتصادي لدول مجلس التعاون

خبير اقتصادي سعودي: دول الخليج تملك مؤشرات حول العوائد الاقتصادية التي ستجنيها من التكامل

TT

يتطلع سكان دول مجلس التعاون الخليجي إلى تكامل بين دولهم والانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، كما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في القمة الخليجية التي انعقدت في العاصمة الرياض في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2011.

وفي القمة التشاورية الخليجية التي عقدت في الرياض في 14 مايو (أيار) الحالي، قررت القمة إجراء مزيد من الدراسات المعمقة لقيام اتحاد بين دول المجلس.

وكون دول الخليج العربي الست ذات بنية اقتصادية متشابهة، حيث تعتبر خمس دول منها من أبرز مصدري الطاقة الكربونية على مستوى العالم، هنا يرى خبير اقتصادي سعودي أن إعلان السوق المشتركة خطوة أساسية لتحقيق عملية الاتحاد، فالدول الست لديها نجاحات وإن كانت محدودة في التكامل الاقتصادي، في حين يقف العمل الموحد لتكوين منطقة تجارية على غرار منطقة اليورو، عقبة حقيقية أمام الاتحاد.

أي اتحاد بين دول المجلس سيكون الاقتصاد ركنه الأساس، وذلك على طريقة الاتحاد الأوروبي، والسبب هو أن دول مجلس التعاون الخليجي تستوفي شروط الاتحاد الخليجي الاقتصادي، كما يقول تركي الحقيل المحلل السعودي المقيم في واشنطن، فهي أولا مصدرة للنفط - باستثناء البحرين - وهي منفتحة للتجارة والعمل، ولديها أسواق عمل مرنة تتيح تكيّف الأجور والرواتب المحدودة، وتتمتع باندماج كامل فيما بينها، كما أنها تتمتع كلها بقابلية عالية على التحويل.

هذا من النظرة الأولى لكن الحقيل يشير إلى صعوبات اقتصادية جمة تواجه هذا العملية، فعلى الرغم من الدعم الذي يحظى به مشروع الاتحاد الاقتصادي الخليجي والعملة الموحدة على غرار الاتحاد الأوروبي، لا يزال هذا المشروع يفتقد للزخم على الصعيد العملي، الأمر الذي يدفع للاعتقاد بأن الاتحاد الاقتصادي والمالي ما زال في أول المشوار والطريق ما زال طويلا وأيضا طرح عملة موحدة للتداول يتطلب أكثر من خمس سنوات على الأقل.

ويعتبر الحقيل أن العامل الأساسي الذي يؤخر توحيد العملة هو تباين وجهات النظر بين دول المجلس، وبالتالي يشكل بناء القدرات على صعيد المؤسسات شرطا مسبقا لتوحيد العملة يجب توافره وتوحيد السياسات المالية والنقدية. ويضيف «لا يزال توحيد السياسات المالية والنقدية وتوحيد العملة بحاجة لجهود إضافية، وبشكل خاص إذا أخذنا بعين الاعتبار التواريخ المتقلبة لهذه التجربة مع مجموعة من العراقيل أخرت كثيرا من هذه المشاريع».

يقول الخبير الاقتصادي السعودي، إن الحلول الوسطية هي سيدة اللعبة لإقامة اتحاد اقتصادي خليجي، فقد باتت السعودية محرك المشروع الآن وهذا بديهي، كون حصتها من إجمالي الناتج المحلي في منطقة الخليج بلغت 59 في المائة في عام 2011، وعدد سكانها 63 في المائة من سكان الخليج بالإضافة إلى تمتعها بخبرة مؤسساتية طويلة بالإضافة إلى الخبرة والمهارة التقنية لدعم مشروع.

وفي حال نجاح الاتحاد الاقتصادي الخليجي فإنه بحسب الحقيل سيكون له الدور الرئيسي في الاندماج التجاري والمالي وأن يسهل دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة كما سيكون له دور مهم في تعزيز النمو لتحقق منطقة الخليج النقدية «منطقة العملة الخليجية» نتائج مثلى لم تكن متوقعة في الفرضيات المسبقة.

يقول الحقيل إن لدى دول المجلس مؤشرات على حجم العوائد الاقتصادية التي ستجنيها من الاتحاد الخليجي، حيث يرى أنها قطعت شوطا كبيرا في هذا الإطار أكان لجهة حركة السلع أو الأعمال أو رؤوس الأموال، ويبين أن عقبات مثل الأنظمة الاحترازية في القطاع المصرفي سيتم توحيدها تدريجيا. ويضيف في السنوات الـ15 الأخيرة زادت حركة الاستيراد ضمن دول المجلس ثلاثة أضعاف وإن كانت حصتها من مجمل الواردات لا تزال متدنية وتقارب 12 في المائة.

لكن ليس الأمر بالسهولة المتوقعة فما تحقق ليس سوى أرضية يمكن البناء عليها، هنا يقول الخبير الاقتصادي إن الاتكاء على ما أنجز من توحيد للإجراءات وتنشيط للتجارة البينية بين دول المجلس ليس كافيا، ويشدد على إن هذه النتائج لا تغير حقيقة أن التوصل إلى اتحاد اقتصادي خليجي لا يزال يتطلب جهودا كبيرة لوضع أطر عمل للسياسة الاقتصادية الموحدة، وأنظمة الدفع والتسديد، وبنى إشرافية وتنظيمية، وإحصاءات على الصعيد الاقتصاد الكلي بالإضافة إلى عوامل أخرى.

ويعتبر الحقيل أن من أولى الأوليات لإقامة اتحاد يكون للاقتصاد فيه دور أن على دول مجلس التعاون الاتفاق على أولويات السياسة النقدية وتوحيد العملة، هذه الخطوة ستشمل إدارة الموجودات الاحتياطية وغير الاحتياطية، كما سترسم السياسة الضريبية وإجراءات الميزانية.

ويرى الحقيل أن دول المجلس لكي تمضي قدما في مرحلة الاتحاد عليها خلال هذه المرحلة أن تبدأ بالسوق المشتركة، ويبين أن السوق المشتركة تعتبر مرحلة ضرورية وهي تتطلب وضع سلسلة من التشريعات لتنظيم حرية حركة رؤوس الأموال والأعمال والسلع والخدمات، مما يسهل تحقيق اتحاد اقتصادي خليجي.