دراسة مصرفية: احتياطي النقد الأجنبي «قنبلة موقوتة» لرئيس مصر القادم

أشارت إلى أن الحكومة الحالية عالجته بمسكنات من القروض والمساعدات

إحدى أسواق القاهرة وتبدو لافتة لاحد مرشحي الرئاسة (رويترز)
TT

رغم التفاؤل الذي ساد الأوساط الاقتصادية بمصر بعد ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي خلال الشهر الماضي بنحو 100 مليون دولار، فإن دراسة مصرفية حديثة اعتبرت هذا الارتفاع غير معبر عن خطوات إصلاحية تنفذها الحكومة لعلاج احتياطي النقد الأجنبي بالبلاد التي تستورد نصف ما تستهلكه من الخارج بالاعتماد على هذا الاحتياطي، وأشارت الدراسة إلى أن هذا الأمر سيعتبر من أكبر التحديات التي سيواجهها الرئيس المقبل لمصر.

وقال أحمد آدم، الذي أعد الدراسة، إن مصر فقدت نحو 22 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي لديها، مشيرا إلى أن الارتفاع الذي حققه الاحتياطي يرجع إلى قيام حكومة الدكتور كمال الجنزوري بإعطاء مسكنات للوضع المتدهور للاحتياطيات بالحصول على قروض ومساعدات قصيرة الأجل لتقلل من النزاع السياسي بين الحكومة والبرلمان، ولتهدئة الضغوط على المجلس العسكري.

وكان الاحتياطي النقدي المصري قد حقق أول زيادة له منذ يناير (كانون الثاني) 2011 خلال الشهر الماضي، ليصل إلى 15.2 مليار دولار، ومع ذلك اعترف البنك المركزي من خلال تقريره الأخير الصادر قبل أيام بصعوبة الموقف، مشيرا إلى أن احتياطيات النقد الأجنبي لديه أصبحت لا تغطي سوى 3.1 شهر واردات سلعية، وذلك في نهاية شهر مارس (آذار) 2012 مقارنة بنحو 3.2 شهر في نهاية فبراير (شباط).

وأضاف آدم من خلال دراسته أن حصول الحكومة على قرض من صندوق الإنماء العربي، مع تحويل الحكومة العراقية لنحو 400 مليون دولار قيمة الحوالات الصفراء للمواطنين المصريين العاملين بالعراق منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، بخلاف مساعدات من المملكة العربية السعودية تمثلت في ضخ 500 مليون دولار سيتبعها ضخ 750 مليون دولار لشراء أذون وسندات خزانة مصرية، ثم إيداع مليار دولار لدى البنك المركزي لتدعيم وضع العملة الأجنبية بمصر، هو ما ساعد على تحسن مؤقت لوضعية الاحتياطي، مشيرا إلى أن المسكنات وإن كانت تمنع استمرار الانخفاض خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) فإن واقع الأمر يشير إلى أنها ستشكل خلال الأمد القصير ألغاما ستنفجر وتشكل اضطرابا اقتصاديا ومعضلة للرئيس المنتخب القادم.

وقال آدم إن احتياطياتنا الدولية لا تكفي سوى لثلاثة أشهر واردات سلعية، وهو أمر خطير للغاية في ظل الوضع المتفجر بدول الربيع العربي والأزمة الأوروبية والتدهور المستمر لاقتصادات بعض دول منطقة اليورو، وعلى رأسها اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا، فضلا عن أزمة الديون الأميركية التي تتجدد بين الحين والآخر، مؤكدا أن الوضع المتردي لاحتياطياتنا الدولية قد يؤدي إلى عدم القدرة على استيراد احتياجاتنا الأساسية من الغذاء ومستلزمات الإنتاج والأدوية، مع الضغط على سعر صرف الجنيه المصري.

ويرى آدم أن من أهم الأسباب التي أدت إلى انخفاض الاحتياطي التحويلات التي تمت لرؤوس الأموال التي كانت مستثمرة في أذون الخزانة إلى خارج البلاد، وبلغت هذه الأموال خلال الفترة من يناير 2011 وحتى يناير 2012 ما يصل إلى 55.5 مليار جنيه، تمثل ما يزيد على 9 مليارات دولار (خرجت من مصر خلال عام) مع زيادة إيداعات البنوك المصرية لدى البنوك بالخارج على الرغم من التدني الكبير لأسعار الفائدة بالخارج، وكذا ارتفاع نسبة مخاطر الإيداع بالخارج نتيجة تخوف البنوك الأجنبية والعربية من الأوضاع بمصر، فزادت من إيداعاتها ببنوكها الأم على الرغم من أن الإيداع خصوصا بأوروبا مخاطره مرتفعة.

وقال آدم إن مصر تواجه الآن أزمة مالية طاحنة، وهذه الأزمة نتاج طبيعي للعبث الذي بدأه جمال مبارك وأعضاء لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل وتحديدا مع مجيء حكومة نظيف، وتولي فاروق العقدة قبلها بقليل لمقدرات الجهاز المصرفي المصري، لتبدأ سلسلة من الأخطاء المالية الجسيمة التي أدت في النهاية للوضع المتدهور الحالي.