الاتحاد الأوروبي يشكو الأرجنتين إلى منظمة التجارة العالمية

بسبب سياستها الحمائية وعرقلة الاستيراد والاستثمار

TT

أعلن الاتحاد الأوروبي أمس الجمعة أنه سيقيم دعوى ضد الأرجنتين أمام منظمة التجارة العالمية بسبب موقفها الحمائي، في أعقاب تأميم بوينس آيرس حصة شركة «ريبسول» الإسبانية من أسهم شركة النفط الأرجنتينية «واي بي إف».

وقالت المفوضية الأوروبية إنها تشكو في الدعوى من الإجراءات البيروقراطية في الأرجنتين التي تقيد بشكل ظالم صادرات التكتل إلى الدولة الواقعة في أميركا اللاتينية. وقال المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي كاريل دي غوشت في بيان «إن مناخ التجارة والاستثمار في الأرجنتين يزداد سوءا بشكل واضح. وهذا لا يترك أمامي خيارا سوى مواجهة النظام الحمائي الذي تتبعه الأرجنتين تجاه الصادرات وضمان استمرار قواعد التجارة الحرة والعادلة».

وقال مسؤولون في بروكسل إن قرار الشكوى لا يتعلق بشكل مباشر بالخلاف بشأن تأميم أسهم شركة النفط «واي بي إف» التي تستحوذ «ريبسول» الإسبانية على حصة كبيرة منها، لأن هذه القضية تتعلق بالاستثمار الأجنبي الذي لا تشمله قواعد الاتحاد الأوروبي. لكن المفوضية الأوروبية ربطت في بيان بين القضيتين.

وذكر مسؤولون في بروكسل، نقلا عن بيانات مكتب الوطني للإحصاء في بوينس آيرس، أن واردات الأرجنتين من الاتحاد الأوروبي تراجعت بنسبة أربعة في المائة في أبريل (نيسان) الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل، إن التكتل الأوروبي الموحد بدأ التحرك أمام منظمة التجارة العالمية، لمواجهة تحد يتمثل في قيود فرضتها السلطات في الأرجنتين على الاستيراد، كانت لها تأثيرات واضحة على التجارة والاستثمار.

وقالت المفوضية إن العديد من المستوردين يواجهون في الأرجنتين قيودا تعرقل الوصول إلى الأسواق، ومنها ما يعرف بتراخيص الاستيراد التلقائية، إلى جانب شرط الموافقة المسبقة على الطلبيات من جانب السلطات الأرجنتينية، كما يطلب من مستوردي بعض السلع الحد من الواردات بحجة تحقيق التوازن بين الإنتاج والاستثمار والاستيراد، وهي إجراءات وصفتها المؤسسات الأوروبية بأنها تتعارض مع ما يعرف بالإجراءات غير التمييزية التي وقعت عليها الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وبينها الأرجنتين. وقال البيان الأوروبي إنه منذ فبراير (شباط) 2012 بدأ تطبيق شرط الموافقة المسبقة على جميع الواردات. وكانت الأرجنتين منذ عام 2005 قد عرفت تزايدا في الطلبات للحصول على تراخيص الاستيراد، لكن في عام 2011 تأثرت هذه الطلبات بما يعرف بالتعريفة الجمركية لبعض السلع التي وصل عددها إلى 600 سلعة، ومنها الأدوات الكهربائية، والإطارات، ولعب الأطفال، والأحذية، والدراجات والمنسوجات، والسيارات وقطع الغيار، والأثاث المنزلي والديكور، والمنتجات الزجاجية والكيماوية، والهواتف المحمولة. ووصل الأمر إلى أن بعض الشركات كانت تنتظر إلى ما يقرب من ستة أشهر للحصول على تصاريح للاستيراد.

وأشار البيان إلى أن حجم الصادرات الأوروبية إلى الأرجنتين وصل عام 2011 إلى ما يقرب من 8.5 مليار يورو. وحول وجود علاقة بين التحرك الأوروبي والخلاف الأوروبي الأرجنتيني حول إجراءات أقدمت عليها بيونس آيرس استهدفت شركة إسبانية وهي القضية المعروفة بقضية «ريبسول»، قالت المفوضية إن المخاوف الأوروبية من التدابير التي أقدمت عليها الأرجنتين وتعرقل الاستيراد هي إجراءات قديمة وسبق أن اتُّخذت مواقف تتعلق بهذا الصدد في اجتماعات مختلفة سواء على الصعيد الثنائي أو متعدد الأطراف. وأعرب العديد من أعضاء منظمة التجارة العالمية عن القلق إزاء تدابير الأرجنتين بين الفترة من 2008 و2012، وآخرها في الاجتماع الأخير لمنظمة التجارة العالمية في مارس (آذار) الماضي. واحتج 19 عضوا في المنظمة على هذه التدابير، وقال البيان الأوروبي إن الأرجنتين هي جزء من نهج لدعم الاقتصاد الأرجنتيني والسيطرة على العجز في الميزان التجاري، ورغم ذلك فإن هذه التدابير أثرت بشكل كبير على التجارة والاستثمار.

وحدد البيان الخطوات التي يمكن أن يتم التحرك من خلالها، مثل طلب التشاور، وأن هناك استعدادا أوروبيا لإجراء مشاورات تفضي إلى حل وإذا لم يتحقق ذلك خلال 60 يوما يطلب الاتحاد الأوروبي لجنة تحكيمية من منظمة التجارة العالمية، منوها بأن هناك أطرافا أخرى يمكن لها الانضمام للشكوى الأوروبية ضد الأرجنتين. وفي أبريل الماضي صدرت تحذيرات شديدة اللهجة من المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي ببروكسل، إلى الحكومة الأرجنتينية من عواقب قرارها بتأميم 51 في المائة من شركة إسبانية للنفط. ويعد الاتحاد الأوروبي المستثمر الأجنبي الرئيسي في الأرجنتين بما يمثل أكثر من 50 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلد اللاتيني. وقال المفوض الأوروبي للتجارة كاريل دي غوشت إن الأرجنتين ستعاني لـ«فترة طويلة» من تبعات إقدامها على الاستحواذ على نسبة 51 في المائة من شركة «واي بي إف»، الفرع اللاتيني لشركة «ريبسول» الإسبانية للنفط. وأكد أن الاتحاد الأوروبي سيفعل «كل ما في وسعه» لمساعدة إسبانيا حتى تتمكن شركة «ريبسول» من الحصول على «تعويض كامل». بينما أدانت كتلة الأحزاب الشعبية داخل البرلمان الأوروبي ما وصفته بالمصادرة غير القانونية لأصول شركات أوروبية كبيرة.