رئيس شركة دار الأركان السعودية: ارتباط القطاع العقاري بالاقتصاد الوطني رهين بعاملي التمويل والتنظيم

يوسف الشلاش أكد لـ «الشرق الأوسط» أن الهيكل العام للتمويل العقاري يحتاج لإعادة نظر

رسم تخيلي لمشروع قصر خزام وفي الإطار يوسف الشلاش رئيس مجلس إدارة شركة دار الأركان (تصوير: إقبال حسين)
TT

شدد يوسف الشلاش الرئيس التنفيذي لشركة دار الأركان للتطوير العقاري على أن واقع القطاع العقاري في السعودية يتسم بعوامل إيجابية وأخرى سلبية، حيث تتلخص العوامل الإيجابية في اقتصاد المملكة القوي والمتنامي، والذي تدعمه عوامل ديموغرافية إيجابية، منها قوة الاقتصاد السعودي التي تُعزى لاحتياطات الطاقة والقيمة المضافة من خلال مشروعات متنوعة في كافة القطاعات الاقتصادية.

وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن التحديات التي تواجه القطاع العقاري تتمثل في المعدلات العالية جدا لأسعار مواد البناء وحاجة التطور العمراني المتسارع لزيادة معدلات العرض المحلي من المدخلات المتعلقة بما يوازن الطلب المتنامي لتجنب المزيد من الضغط باتجاه ارتفاع أسعار هذه المدخلات.

وقال إن شركته تعتبر أكبر شركة سعودية استقطبت استثمارات خارجية لتطوير وحدات سكنية في المملكة، حيث طرحت 4 إصدارات، 3 منها خارجية وإصدار محلي، وبلغت قيمة الإصدار المحلي 750 مليون ريال (200 مليون دولار)، بينما بلغت الإصدارات الخارجية نحو 7.7 مليار ريال (2 مليار دولار).

* ما نظرة الشركة إلى واقع القطاع العقاري وأنظمته في المملكة وتوقعاتها المستقبلية حياله؟

- أعتقد أن واقع القطاع العقاري يتسم بعوامل إيجابية وأخرى سلبية. العوامل الإيجابية تتلخص في اقتصاد المملكة القوي والمتنامي، والذي تدعمه عوامل ديموغرافية إيجابية. قوة الاقتصاد السعودي تُعزى لاحتياطات الطاقة والقيمة المضافة من خلال مشروعات متنوعة في كافة القطاعات الاقتصادية. عطفا على ذلك تبلغ احتياطات المملكة من النفط 25 في المائة من الاحتياطي العالمي ويتمتع اقتصاد المملكة بمعدلات منخفضة جدا من الديون في القطاعين العام والخاص، كما يصنف كأكبر اقتصاد في المنطقة الأمر الذي يجعله يتمتع بدرجة عالية من المرونة في مجابهة اضطراب الاقتصاد العالمي، العوامل الديموغرافية الإيجابية تتمثل في سرعة نمو معدل سكان المملكة، والتركيب الديموغرافي السعودي الذي تسوده الناشئة من السكان؛ نحو 50 في المائة من إجمالي السكان دون سن العشرين، وسرعة نمو معدلات التمدن بالمملكة. لهذا سيظل قطاع العقار في المملكة محور الاستثمار المحلي إذا حظي بالإصلاحات الهيكلية والتشريعية والفنية المأمولة، حيث ستتوفر فرص استثمارية أفضل من تلك الموجودة في دول الخليج والأسواق الناشئة الأخرى، التحديات التي تواجه القطاع العقاري تتمثل في المعدلات العالية جدا لأسعار مواد البناء وحاجة التطور العمراني المتسارع لزيادة معدلات العرض المحلي من المدخلات المتعلقة بما يوازن الطلب المتنامي لتجنب المزيد من الضغط باتجاه ارتفاع أسعار هذه المدخلات.

أيضا التطور العمراني المتسارع يتطلب زيادة مقدرة في طاقة التطوير والبناء الأمر الذي يستدعي إيجاد السبل التي تكفل الحصول على التمويل المتعلق بالتطوير العقاري ومدخلات صناعته واستقطاب الاستثمارات الأجنبية. كذلك تستدعي تلك التحديات إعداد وتطبيق القوانين والأنظمة التي تعين على تطور سوق العقار، والعمل على تطوير أسواق الرهن العقاري، والسماح بالبيع على المخطط وتحديد حقوق المستأجرين والملاك. أود أن أضيف في هذا السياق أن الهيكل العام للتمويل يحتاج لإعادة نظر حتى يكتسب المرونة اللازمة لاستيعاب زيادة معدلات التمويل وخفض معدلات تكاليف القروض السكنية، وتبني نظم تمويل تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وكفالة الحكومة للرهون العقارية، ولذا ينبغي على مصادر التمويل المحلية (البنوك وصندوق التنمية العقارية) والمؤسسات التي لديها احتياطات نقدية كبيرة توفير التمويل اللازم لتلك الاحتياجات، مستقبل القطاع العقاري مرهون بالإصلاحات التي ذكرت والتي من شأنها معالجة جمود العرض في سوق العقار وذلك مقابل الطلب الذي يتسارع نموه وتراكمه. أعتقد أن الجهات المعنية بالإصلاح تبذل جهدا مقدرا في تطوير وتنظيم بيئة الاستثمار العقاري وأستدل على ذلك بالمراسيم الملكية المتعلقة والإجراءات التنظيمية التي تمخض عنها تكوين أول وزارة للإسكان واستراتيجية الإسكان الطموحة خلال العشر سنوات القادمة والتطورات التي حدثت في صندوق التنمية العقارية واتجاه المؤسسات التي تملك فوائض مالية كبيرة لتمويل مشروعات الحجم الكبير، إننا نستبشر بذلك خيرا ونتطلع إلى مستقبل تتطور فيه بيئة الاستثمار العقاري نحو الأفضل.

* ما نظرتكم حول توقعات السوق العقارية؟

- إذا نظرنا لخطط التنمية الوطنية واستراتيجية الدولة فيما يتعلق بالاستجابة للطلب على الإسكان، سندرك مدى ضخامة الموارد التي ينبغي تخصيصها لقطاع التطوير العقاري لتحويل تلك الخطط والاستراتيجيات لواقع ملموس. هذا مؤشر هام لازدهار قطاع العقار في المستقبل المنظور حيث سيتسارع نمو معدل الطلب في ذلك السوق وأسواق مدخلات صناعة العقار، الأمر الذي سيتدعي جهود القطاعين العام والخاص في توفير معدلات العرض التي من شأنها أن توازن أو على أقل تقدير تقلل من الفجوة بين العرض والطلب. أعتقد أن توفير معدلات العرض المعنية يتطلب زيادة معدلات إنتاج مدخلات صناعة العقار وإيجاد مصادر لتمويل الاستثمار العقاري، كما ينبغي تطوير مشروع تمويل يستهدف رفع قدرات المستهلكين الشرائية وإعادة النظر في البنية التشريعية والنظامية والفنية لتستوعب المتغيرات التي يتواتر حدوثها في سوق العقار. كذلك ينبغي قيام شراكة حقيقة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشروعات عقارية من الحجم الكبير تعين على رفع معدلات العرض بنسب مقدرة. خلاصة القول أن القطاع العقاري سيشهد في المستقبل المنظور، ازدهارا غير مسبوق إذا توافرت الشروط التي ذكرت آنفا.

* كيف يمكن ربط القطاع العقاري بالاقتصاد الوطني من وجهة نظرك؟

- ارتباط القطاع العقاري بالاقتصاد الوطني رهين بعاملي التمويل والتنظيم. الأول يتمثل في وجود مشروع تمويل متكامل يستهدف التطوير العقاري كما يستهدف رفع القدرات الشرائية، حيث يتوقع الباحثون والمحللون في المجال المالي والاقتصادي أن مشروع التمويل المعني سيفضي، خلال العشر سنوات القادمة، لأن تنشأ صناعة عقارية تقدر سنويا بما قيمته 32 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. فضلا عن ذلك سيتيسر للقطاع المالي الحصول على معدلات مقدرة من الأرباح من شأنها أن تعزز من توفر فرص تمويل الاستثمار بوجه عام، التنظيم يتمثل في العمل على تطوير البنية التشريعية والنظامية والفنية لتستوعب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يتواتر حدوثها في السوق المعنية. تطور البنية التشريعية والنظامية والفنية سيفضي بلا ريب لتنظيم وازدهار القطاع العقاري من خلال آليات السوق التي تحقق أفضل الشروط للممولين والمنتجين والمستهلكين.

* ما السبب في عدم دخول الجهات أو البنوك المحلية؟

- أعتقد أن هياكل التمويل القائمة والضوابط النظامية التي تتحكم في المعاملات النقدية لا تتيح للبنوك المحلية الدخول في مجال تمويل الاستثمار العقاري، فالاستثمار العقاري في حقيقة أمره استثمار في أصول رأسمالية (وليس سلعا استهلاكية) ولذا تتطلب استثمارات الحجم الكبير منه، تخصيص موارد مالية ضخمة جدا لا تتوافق مع الملاءة المالية للبنوك المحلية. فضلا على ذلك هياكل التمويل الحالية تستهدف صيغا قصيرة الأجل وبالتالي تركز على قطاع الاستهلاك، بينما دورة الاستثمار في أصول رأسمالية، طويلة نسبيا وتتطلب صيغ تمويل متوسطة إلى طويلة الأجل تتوافق مع الدورة المعنية.

* ما تقييمكم للوضع الحالي لشركة دار الأركان؟

- أعتقد أن هناك مؤشرات هامة تجسد وضع الشركة الحالي، والذي أعتبره في غاية الامتياز، في ظل الظروف الاستثنائية التي شهدنا فيها انهيار كيانات استثمارية كبرى، لا سيما أن الظروف الاستثنائية هذه تتمخض عنها مخاطر استثمارية جمة على امتداد العالم. هذه المؤشرات يمكن تلخيصها فيما يلي: «دار الأركان» تتوفر على قاعدة أصول صلبة وقيمة جدا تضمن لها الحصول على موارد نقدية مقدرة، نسبة القروض التي تحصلنا عليها حتى الآن لا تتعدى 30 في المائة من إجمالي الأصول، وبالتالي تعتبر دار الأركان من أفضل الشركات في المنطقة من المنظور الائتماني. أيضا سجلنا الائتماني الذي يوثق لتاريخ طويل من الإيفاء بالتزاماتنا في مواقيتها يدعم موقفنا في أسواق الائتمان وسيعيننا على الحصول على فرص أوفر وشروط أفضل للتمويل، تمكنت «دار الأركان»، بنهاية العام المنصرم، من جمع موارد نقدية بلغت 2.5 مليار ريال (666 مليون دولار)، الجدير بالذكر أن تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية متى ما انفكت تفرض حالة فريدة من ندرة التمويل تتزامن مع استكمال مشروعاتنا القائمة وسداد القروض. هذا الواقع الحرج فرض علينا أن نكافح ما استطعنا من أجل البقاء، أي أن نكون أو لا نكون، وفي مثل هذه البيئة الاستثنائية، التحدي الأوحد والأكبر الذي كان علينا مواجهته، هو الإيفاء بالتزاماتنا الائتمانية في تواريخ استحقاقها والمضي قدما في استكمال مشروعاتنا القائمة، إن «دار الأركان» أثبتت أنها على قدر التحدي واستطاعت تجاوز تلك العقبة الكؤود باقتدار لتستشرف مستقبلا أفضل من النمو والانتشار، أود شاكرا أن أوجه من يريد الاستيثاق مما ذكرت بالاطلاع على موقع الشركة الإلكتروني للوقوف على تفاصيل البيانات المالية وبيان العمليات الاستثمارية الواردة في التقارير السنوية.

* هناك كثير من المحللين ذكروا أن ما يضعف عملية التقييم عدم وجود آلية محددة لتقييم العقارات في السعودية، ما رأيك بذلك؟

- أعتقد أن تلك محض آراء لكن واقع التقييم يختلف عما ذكره المحللون، فآلية التقييم تحددها هيئة السوق المالية وفق معايير متحفظة ينبغي أن يلتزم بها خبراء التقييم. أيضا هناك معايير دولية ومدارس متعددة للتقييم تعتمدها الهيئات المالية النظامية المعنية بتنظيم عمليات الاستثمار المالي، ولذا أعتقد أن الحديث عن عدم وجود آلية محددة لا يعكس الواقع الفعلي للتقييم.

* ما خططكم للخمسة أعوام المقبلة؟

- تهدف خططنا للخمسة أعوام المقبلة لأن يتكون دخل الشركة، بحلول عام 2017، مما نسبته 30 في المائة من عوائد مبيعات الأراضي، و20 في المائة من مشروعات التطوير و50 في المائة من تأجير وإدارة العقارات. لقد طورنا مجموعة من المشروعات كما أنشأنا محفظة كبيرة من العقارات الجاهزة، وهذه ستوفر معا عائدات بيع عالية بجانب الدخل الثابت والمنتظم من تأجير العقارات، الأمر الذي سيدعم الشركة على مدى السنوات القادمة، خاصة أن مشروع القصر قد اكتمل وبدأ في توفير عائدات تأجير منتظمة ومتنامية. أعمال مشروع شمس الرياض ومشروع شمس العروس ومشروع قصر خزام، التي تسير حسبما هو مستهدف، ستتيح لنا استقطاب موارد مالية، تمكننا، بجانب مواردنا الناتجة عن عملياتنا الاستثمارية، من تمويل كافة نفقات هذه المشروعات في المستقبل، وتحقق لنا بالتالي معدلات النمو التي نصبو إليها، ستسعى «دار الأركان» لاستغلال العديد من الفرص المجدية التي ستتيحها السوق نتيجة للمراسيم الملكية واستراتيجية الإسكان الوطنية الطموحة، التي أدت بالفعل للتطور الذي حدث مؤخرا في صندوق التنمية العقارية. الجدير بالذكر أن الشركة تبحث مع وزارة الإسكان تطوير آلية إنشاء وحدات سكنية. فالشركة (حالما رغبت وزارة الإسكان) لديها القدرة على تطوير أكثر من 50 ألف وحدة سكنية خلال 3 أو 4 أعوام على أراضيها المطورة. هذا العدد من الوحدات السكنية يمثل 10 في المائة مما تستهدفه وزارة الإسكان خلال العشر سنوات المقبلة. أعتقد أن هذا الأمر سيعزز من فرص نمو وتوسع «دار الأركان» (حيث تدرس الشركة حاليا فرص استثمارية خارج المملكة في الخليج وتركيا وماليزيا)، كما سيعزز من مزاياها التنافسية ويصنفها في صدارة مؤسسات التطوير العقاري على المستويين المحلي والإقليمي.

* هل بدأتم المفاوضات مع وزارة الإسكان؟

- بدأنا مفاوضات ومداولات، أعتقد أنها مثمرة، مع الوزارة منذ العام الماضي.

* معنى حديثك السابق أن الاستراتيجية الجديدة ستخلق توازنا واستقرارا للشركة خلال الفترة المقبلة؟

- نعم.. الاستراتيجية ستؤدي إلى توازن واستقرار الشركة، الأمر الذي سيؤسس لانطلاق الشركة نحو النمو المتواتر.

* كثر الحديث مؤخرا عن قدرة الشركة في سداد ديونها في الأوقات المحددة؟

- هذا الحديث يناقضه سجلنا الائتماني الذي يوثق لتاريخ طويل من الإيفاء بالتزاماتنا الائتمانية في تواريخ استحقاقها كما تناقضه معدلات الدخل الثابت والمتغير من عملياتنا الاستثمارية المتنوعة. لا ينتابني أدنى شك في الإيفاء بالتزاماتنا الائتمانية، سواء كانت الحالية أو المستقبلية، في تواريخ الاستحقاق، لا سيما أن هذه الالتزامات منصوص عليها في خطتنا المالية وهذا يعني أننا نعمل وفق خطة محكمة على جمع وتراكم احتياط نقدي من عملياتنا الاستثمارية من أجل السداد في تاريخ الاستحقاق. يجدر الإشارة إلى أن الشركة لديها، فوق ذلك، أصول صلبة القاعدة وعظيمة القيمة تضمن لها الحصول على أي موارد نقدية إضافية حينما تشاء.

* هل من ضمن سداد هذا القرض ديون من بنوك محلية تتفاوضون عليها في الوقت الحالي؟

- منهج «دار الأركان» الاستثماري لا يتيح لها أن تنحو هذا المنحى. القروض التي تحصلنا عليها وظفناها في مشروعات تنتج أصولا رأسمالية تحقق منافع مالية واقتصادية على مدى عمر تلك المشروعات. إذا تراكم الدخول الثابتة والمتغيرة التي تحققها تلك المشروعات (بمعدلات أرباح مقدرة) يظل كافيا لسداد القروض المعنية. عطفا على ذلك، وكما أسلفت، قاعدة الأصول الصلبة التي تتعاظم قيمتها تضمن الحصول على أي موارد مالية إضافية من شأنها تجسير أي فجوة قد تحدث في تمويل سداد القروض المعنية.

* من التحديات التي تواجه الشركة إقدام «ستاندرد أند بورز» على تخفيض تصنيفها الائتماني للشركة مؤخرا مع نظرة سلبية كيف ترى ذلك؟

- قبل النظر في أمر التصنيف الائتماني، علينا أن ننظر للظروف الاستثنائية التي أحاطت بالتصنيف. الظروف الاستثنائية تلك تمخضت عن الأزمة الطاحنة التي اجتاحت العالم وقادت اقتصاده نحو الانهيار والدمار والبوار (انهيار أسواق المال ودمار هياكل الاقتصاد وبوار السلع). تداعيات تلك الأزمة بثت العديد من المخاوف في مؤسسات التصنيف الائتماني وفرضت قيودا صارمة على معايير التصنيف انخفضت بموجبها معدلات التصنيف الائتماني في العديد من الدول الأوروبية. إذن انخفاض معدل التصنيف الائتماني لا يتعلق بعوامل البيئة الداخلية لـ«دار الأركان» وإنما بعوامل البيئة الخارجية التي ليس لـ«دار الأركان» يد فيها، بيد أن معدل التصنيف الائتماني قابل للارتفاع في القريب العاجل فور سداد كل أو جزء من التزاماتنا الائتمانية. وعلى الرغم من انخفاض معدل التصنيف الائتماني، ما زالت «دار الأركان» حائزة على أفضل تصنيف ائتماني في المملكة وفي المنطقة بأسرها في قطاع التطوير العقاري.

* هل لمساحة السعودية الكبيرة وتوزع مشاريع الشركة لا يظهر الأثر الكبير لمشاريع الشركة على القطاع العقاري من خلال طرح وحدات سكنية أو غيرها؟ وكم مشروعا عقاريا تستهدفون تطويرها خلال الفترة المقبلة؟

- من المعلوم أن سوق العقار في المملكة ضخمة جدا وآخذة في الاتساع نتيجة لتسارع النمو وتراكم الطلب. فيما يتعلق بمعدلات العرض، فقد توصل بحث في سوق العقار اضطلعت به «دار الأركان» في عام 2005 إلى أن معدل العرض يعادل بالكاد 2 في المائة فقط من الطلب الكلي، ولا ريب أن هذا المعدل قد تناقص الآن نتيجة لجمود العرض وتسارع نمو وتراكم الطلب. بالإضافة لذلك المدن الكبرى في المملكة تتكاثر وتتسع لتزيد من معدلات نمو وتراكم الطلب الكلي. «دار الأركان» قدمت النموذج الذي كان من الممكن أن تحتذيه رصيفاتها لولا عقبة التمويل، بالخروج عن هيكل الاستثمار التقليدي إلى هيكل الإنتاج المكثف من خلال تطوير بيئات سكنية متكاملة على قاعدة مشروعات الحجم الكبير، وذلك رغما عن ندرة تمويل هذا النوع من المشروعات. فإذا تيسر التمويل اللازم وتضافرت جهود القطاعين العام والخاص لتنفيذ عدد مقدر من مشروعات الحجم الكبير ستكون هناك إضافة حقيقية لمعدلات العرض. ولذا في ظل تنامي وتراكم الطلب وجمود العرض وتناقصه، تظل جهود القطاع الخاص وحده ممثلا في «دار الأركان» كساكب قطرة في لج بحر.

* كم عدد الوحدات السكنية التي طرحتموها خلال الفترة الماضية؟

- ما يقارب 15 ألف وحدة سكنية، إضافة إلى وحدات تجارية وأراض مطورة.

* دخلتم في شراكات لتطوير عشوائيات في جدة والرياض، كيف ترى وضع هذه المشاريع؟

- هذه تجربة غير مسبوقة حيث إنها أول شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشروع عملاق على قاعدة مشروعات الحجم الكبير. أعتقد أنها تجربة مفيدة جدا تناسلت فيها الأفكار وتلاقحت فيها الفهوم وتضافرت فيها الجهود لتقدم نموذجا يستهدى به في تنفيذ مشروعات شبيهة في المستقبل المنظور، إذ إن التجربة المعنية ستعود بمنافع اقتصادية واجتماعية وبيئية شتى. نحن في «دار الأركان» نأمل تكرار مثل هذه التجارب التي من شأنها تقديم الحلول الناجعة للاستجابة للطلب الذي يتسارع نموه وتراكمه.

* آخر التطورات في مشروع قصر خزام؟

- المشروع الآن في مرحلة تقنين ملكية الأراضي حيث تأتي مرحلة تنفيذ البنية الأساسية بعد ذلك. هذا وقد فرغت الشركة من مرحلة المسح العقاري الشامل وآلية تعويض الملاك واعتماد المخطط العام للمشروع. التمويل المبدئي للمشروع يقدر بنحو 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار) وقد حصلت الشركة على الموافقة المبدئية من صندوق الاستثمارات العامة للمشاركة في التمويل، بينما توفر البنوك التجارية والمؤسسات الأخرى التي تتمتع بفوائض مالية مقدرة، ما تبقى من تمويل المشروع.

* ما مشاريع الشركة التي يجري تنفيذها حاليا؟

- مشروع «شمس الرياض» يعتبر أكبر مشروع سكني يطوره القطاع الخاص في المملكة حتى تاريخه، وتبلغ مساحته الإجمالية 5 ملايين متر مربع وتشمل مرافق المشروع 8,000 وحدة سكنية من مختلف الأحجام ومبان تجارية وأسواق مركزية وأسواق تجزئة، مشروع «شمس العروس» مساحته 3 ملايين متر مربع. وسيطور كبيئة سكنية متكاملة، تحتوي على أكثر من 10000 وحدة سكنية متنوعة وتشمل كافة مرافق الخدمة من حدائق عامة، مراكز ترفيه، مراكز تسوق، مكاتب، مطاعم، مدارس ومساجد، مشروع «القصر السكني» ويتكون من 822 قطعة أرض على مساحة كلية قدرها 813,389 مترا مربعا مرافق المشروع تشمل 4,000 وحدة عبارة عن فلل وشقق ومرافق تجارية، مشروع «القصر التجاري» ويتألف من أربعة طوابق بالإضافة إلى مرأب تحت سطح الأرض. مرافق المشروع تشمل مطاعم ومقاهي، مراكز ترفيه، محلات السوبرماركت والهايبرماركت ومرافق تجزئة وتبلغ مساحة المشروع التجاري المتاحة للتأجير نحو 86.5 ألف متر مربع، مشروع «قصر خزام» سينفذ من خلال شراكة بين «دار الأركان» وأمانة جدة في جدة. مساحة المشروع الإجمالية تبلغ نحو 4.13 مليون متر مربع وتقدر التكلفة الإجمالية بنحو 11 مليار ريال (2.9 مليار دولار)، مشروع التلال في المدينة المنورة ومساحته الإجمالية تبلغ 2.22 مليون متر مربع، ويتم تنفيذ المشروع على مدى ثلاث مراحل. مرافق المشروع تشمل 1,437 وحدة سكنية ونحو 1.1 مليون متر مربع من الأراضي المطورة مخصصة للمرافق السكنية والمراكز التجارية ومراكز للخدمات العامة.

* كيف تنظر لتجربتكم في إصدار الصكوك؟

- تعتبر «دار الأركان» أكبر شركة سعودية استقطبت استثمارات خارجية لتطوير وحدات سكنية في المملكة. طرحنا 4 إصدارات، 3 منها خارجية وإصدار محلي. بلغت قيمة الإصدار المحلي 750 مليون ريال (200 مليون دولار)، بينما بلغت الإصدارات الخارجية نحو 7.7 مليار ريال (2 مليار دولار)، الإصدارات المذكورة مدرجة في أسواق المال الخليجية كالبحرين ودبي، كما أنها مدرجة في أسواق المال في ماليزيا وأوروبا وأميركا. هذه الصكوك استثمرت فيها مجموعة كبيرة من المستثمرين والمؤسسات المالية في أوروبا وآسيا وأميركا ودول الخليج. لقد قمنا بسداد جزء من تلك الصكوك وسنسدد جزءا آخر قريبا، وحينئذ سنكون سددنا الجزء الأكبر من هذه الإصدارات، إن نجاح «دار الأركان» في إصدار هذه الصكوك وإقفالها في مواقيتها المحددة وسدادها في تاريخ الاستحقاق يعتبر تجربة فعالة ورائدة في تمويل مشروعات الحجم الكبير التي تنتج أصولا رأسمالية، وأعتقد أنها ستهيئ الحلول الناجعة للتعقيدات العديدة المتعلقة بتخصيص موارد مالية ضخمة للاستثمارات الرأسمالية الكبيرة.