صالح كامل يدعو إلى تغيير اسم البنوك «الإسلامية» إلى «الإبراهيمية»

رئيس غرفة جدة يستند في دعوته إلى تحريم الربا في الأديان السماوية الثلاثة

صالح كامل
TT

طالب رجل الأعمال السعودي صالح كامل رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة (غرب السعودية) بتغيير اسم البنوك الإسلامية الحالية إلى البنوك الإبراهيمية، مدعما ذلك باتفاق الأديان السماوية الثلاثة على تحريم الربا والدعوة إلى الاقتصاد العادل الذي يحقق مصالح كل الأطراف.

وقال كامل الذي كان يتحدث مساء أول من أمس على هامش ندوة أسواق المال الإسلامي التي نظمتها كلية دار الحكمة: «إنه من الظلم للاقتصاد الإسلامي أن نعتقد أنه يختصر في البنوك الإسلامية أو تحريم الربا»، لافتا إلى أن «الاقتصاد الإسلامي أشمل من ذلك، إذ إن الربا محرم في الديانات جميعا، وكان من الأولى أن نسمي هذه البنوك (الإبراهيمية) بدلا من (الإسلامية)، فهذه الأديان تعود إلى أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ولا يحق أن ننقص اليهودية والمسحية حقهما في تحريم الربا».

وأضاف: «ذكرت حديثا شريفا أمام المستشارة الألمانية ميركل عندما زارتنا في الغرفة التجارية في نهاية الأزمة العالمية، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تَبِع ما ليس عندك). هذا الحديث لو طبق لما قامت الأزمة العالمية، وقد اقتنعت بهذه النقطة وقدمنا لها ورقة عمل وعادت إلى بلادها وأصدرت قانونا يمنع البيع على المكشوف».

وأشار كامل إلى أنه من المهم إدراك وفهم قواعد الاقتصاد الإسلامي وتقديمها هدية للبشرية جمعاء، لأن الاقتصاد الرأسمالي المبني على الطمع لا يمت إلى أي دين سماوي بصلة، كل الأديان السماوية الثلاثة تحث على العدل والاقتصاد القائم على قواعد العدل. وقال: «لكن نحن للأسف لم نفهم ذلك جيدا وبدأنا في البنوك الإسلامية قبل 30 عاما وحققت نجاحا على المستوى الكمي بشكل كبير جدا، وعندما بدأنا واجهنا الكثير من الانتقاد ووصفونا بالمجانين، ولم نتوقع أن تصل الحركة المصرفية الإسلامية إلى ما يعادل تريليوني دولار في العالم ونحو 500 مؤسسة إسلامية تعمل في الأسس الإسلامية للصيرفة، إلا أن النجاح كان في الكم فقط ولم يكن في الكيف، إذ إن البنوك الإسلامية لم تحقق مقاصد الشريعة».

وتابع: «نحن نعرف أن في الشريعة الإسلامية مقاصد وآليات، فالآليات أعتقد أنها مطابقة للشريعة في أغلب البنوك، أما المقاصد قل أن تجد ما يحققها. وكان لا بد من إيجاد حل لذلك، وقمنا بتصميم حل لهذه في المجلس العام للبنوك الإسلامية والمؤسسات الإسلامية، ولنا أكثر من 10 سنوات ليتم إنشاء سوق للأوراق المالية وليست سوقا مالية، لأن الإسلام ينظر إلى النقود على أنها وسيلة للتبادل ومعيار للقيمة وليست مثلا للقيمة».

وتطرق كامل إلى أن البنوك الإسلامية تعاني مشكلة في تخطيط السيولة لأنها نشأت كبنوك والعلاقة بينها وبين المودعين لم تكن علاقة شركاء، حيث يعتبر مستثمرا ولم يوجد إيداع يتم عليه فوائد ولا يوجد ملجأ لأصحاب صناعة الصيرفة الإسلامية، خصوصا في ظل عدم الدعم من قبل البنوك المركزية التي لا تعمل بالنظام الإسلامي، مشيرا إلى أنه بسبب ذلك وجد أن الكثير من البنوك الإسلامية تعطل المال لشراء سلع لا تشترى لذاتها، بل تبقى في موقعها وتباع لطرف جديد في كل مرة بغرض ولا تستخدم، ويتم ذلك من خلال إيجاد سوق للأوراق المالية ويتم إصدار صكوك مدرة للدخل، وأضاف: «إذا وصلنا إلى هذا النوع من الصكوك فسنكون وصلنا إلى سوق تدفعنا للاستثمار ولا تبقى الأموال معطلة».

وفي رد على سؤال حول ارتفاع قيمة التمويل الإسلامي أمام التمويل التقليدي قال كامل: «للأسف إن البنوك الإسلامية قامت على نموذج البنوك التقليدية، وكان من المفترض أن تبدأ بشركات استثمار، وهذا يدعم المطالب بإيجاد سوق للأوراق المالية، إذا طبق هذا سيزيد الأرباح وينعكس على انخفاض عمولة القروض في البنوك الإسلامية مما يزيد معدل التنافسية».

وحول أهمية السوق الأولية والثانوية في السعودية أشار صالح كامل إلى أن «معظم دول العالم مرت بمراحل حتى وصلت إلى سوق الأسهم، إلا أن الذي حدث في المملكة أنها قفزت من البنك التقليدي إلى البورصة، وهي شر لا بد منه، وهي مطلقة حاليا واقتصاد طفيلي لا يوفر وظائف لأحد، والمضاربون يتلاعبون في السوق، ولكن في السوق الثانوية يتم تنظيمها وفي السوق الأولية يتم فيها التقاء الأموال بالأفكار، مما يوفر العوائد المالية الجيدة ويوفر الوظائف، ومن أساس الاقتصاد الإسلامي اعتمار الأرض، ويهدف إلى أن تركز السوق على الاستثمار لا على المضاربة».

وفي رد على سؤال «الشرق الأوسط» حول سبب تعثر إنشاء البنك الإسلامي في السعودية، قال كامل إن «مشروع البنك الإسلامي في قطر الذي يعد نموذجا يتم العمل فيه برأسمال 100 مليار دولار، وهو يضم اتفاقية مع مجموعة (البركة) والبنك الإسلامي للتنمية، وسوف تساهم في تشغيل المبالغ المتراكمة في البنوك الإسلامية»، مشيرا إلى أن السعودية رفضت الفكرة بعد أتم عرض تفاصيلها على وزارة المالية.

من جانبه قال الدكتور عبد الله قربان مدير معهد الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز إن الجامعة قد بدأت في غرفة صغيرة إلى أن تبرع الشيخ صالح كامل بمبلغ تم من خلاله إطلاق نواة مركز ضخم للاقتصاد الإسلامي، وأضاف: «نحن الآن في المعهد والبنوك الإسلامية نجحت ولفتت أنظار الغرف». وتابع: «نحن نشاهد تحركا كبيرا في العالم بسبب الأزمة العالمية للاهتمام بدراسة التمويل، وتم نشر آراء خبراء عالميين في التمويل»، مشيرا إلى أن الطرح الأكاديمي يختلف عما في أرض الواقع مثل الجشع والغموض والتعقيد، والقطاع المالي التقليدي قائم ومعقد جدا، وقد أظهرت الأبحاث أنه أصبح أكثر غموضا من أي وقت مضى، موضحا أن المطالب تركز على أن يتم صياغة التمويل وتحقيق اقتصاد عادل.

وأشار إلى أن التحدي يكمن في التقصير من جميع الأطراف سواء البنوك المركزية أو الجامعات أو البنوك ذاتها، مطالبا بتحرك أكثر للنهوض بهذه الصناعة وإعادة ترتيبها لتحقيق أهدافها الحقيقية.