بعد «الحمى» اليونانية.. وجع رأس إسباني يؤرق أوروبا

وضع البنوك الإسبانية والخروج المحتمل لليونان من اليورو يثيران مخاوف عالمية

مخاوف حقيقية تهدد منطقة اليورو ومعها العالم (أ.ب)
TT

قال البرلمان الأوروبي إن لجنة الشؤون النقدية والاقتصادية داخل المؤسسة التشريعية الأعلى في الاتحاد الأوروبي ستجري نقاشا مع رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، حول مخاطر سياسة التقشف، والمأمول من استراتيجية النمو، وذلك خلال جلسة تنعقد الخميس ببروكسل، ويأتي ذلك وسط الجدل حول جدوى سياسات التقشف، التي أغضبت رجل الشارع الأوروبي في بعض الدول الأوروبية وخاصة في اليونان وإسبانيا، وقالت مصادر أوروبية ببروكسل إن تطورات الأوضاع في أثينا ومدريد تأتي في مقدمة الاهتمامات والمتابعة من جانب المؤسسات الاتحادية والأوساط المالية والاقتصادية، وتزامن ذلك مع تصريحات أدلى بها الزعيم الاشتراكي اليوناني ايفانغيلوس فينيزيلوس يصف تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، التي تحدثت فيها عن وجوب تسديد اليونانيين لضرائبهم، بـ«غير المقبولة والمهينة». وقال الزعيم الاشتراكي اليوناني ايفانغيلوس فينيزيلوس: «بالنظر إلى نبرة السيدة لاغارد، قلت إنها نبرة غير مقبولة وهجومية. ولقد حدثت كثير من ردود الأفعال على شبكة الإنترنت، واضطرت السيدة لاغارد لإجراء مراجعة لتصريحاتها. أنا سعيد لذلك لأنها وضعت في الحسبان ردود أفعال بلد وشعب فخورين بنفسيهما»، وانتقاد تصريحات لاغارد جاء أيضا على لسان الحكومة الفرنسية، التي وصفت رؤية مديرة صندوق النقد الدولي بالكاريكاتيرية والمبسطة، فيما شن زعيم جبهة اليسار الفرنسية جان لوك ميلونشون هجوما لاذعا على لاغارد.

«كيف يمكن لها الحديث عن اليونانيين بهذا الشكل؟ ماذا تعرف عن حالة اليونانيين؟ لماذا لا توجه هذا الكلام إلى الرأسماليين الذين يجب أن يدفعوا ضرائبهم لكنهم لا يفعلون. أما المواطن العادي فهو بالفعل يدفع ضرائبه. هذه الكلمات تدفع للغضب وإن كان لديها أي أخلاق سياسية فعليها الاستقالة»، وحاولت لاغارد التخفيف من حدة تصريحاتها في وقت لاحق، عندما أكدت على تعاطفها الشديد مع اليونانيين والتحديات التي يواجهونها.

وبحسب الإعلام الأوروبي، فإن تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد بشأن اليونان تثير الغضب والانتقادات لدى اليونانيين الذين يعيشون ظروفا قاسية بسبب السياسيات التقشفية الحكومية الصارمة التي تفرضها المساعدات المالية التي تتلقاها من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وخاصة أن لاغارد دعت اليونانيين إلى التمسك بزمام مصيرهم بدفع الضرائب المفروضة عليهم، وقالت إنها تفكر في الأطفال الجياع بأفريقيا أكثر من تفكيرها في أوضاع اليونانيين، تخطو فرضية انسحاب اليونان من منطقة اليورو كل يوم خطوة جديدة مع اقتراب موعد الانتخابات اليونانية التشريعية الجديدة بعد ثلاثة أسابيع. وتقول تقارير إعلامية أوروبية إنه وسط هذه الأجواء القلقة يحول المودعون أموالهم من بنوك اليونان ويحبس المستثمرون أنفاسهم بانتظار نتائج الانتخابات اليونانية التي ستجري في السابع عشر من الشهر المقبل، ويتقدم في استطلاعات الرأي حتى الآن مرشح اليسار على منافسيه من أحزاب اليمين والخضر.

وبالتأكيد ستحدد هذه الانتخابات عما إذا كانت أثينا ستبقى في منطقة اليورو، أم ستتخلى عن عضويتها في اليورو، وبالتالي عن عضويتها في الاتحاد الأوروبي. ويهدد مرشح اليسار اليوناني في حال فوزه بالتفاوض حول شروط حزمة الإنقاذ وبرنامج التقشف. وهذا التفاوض مرفوض بالنسبة لألمانيا، وكثير من أعمدة دول منطقة اليورو، كما يرفضه كذلك صندوق النقد الدولي. «ولكن في الواقع لا أحد يعرف ماذا سيحدث لعضوية اليونان قبل ظهور نتائج الانتخابات»، كما يقول الخبير والمصرفي الأميركي لويدز شولتز الذي يدير شركة استثمارية في حي المال بلندن. وقال شولتز: «كل ما أعرفه حتى الآن أن أثرياء اليونان وأصحاب الشركات المتوسطة والمودعين يتدفقون إلى لندن وأن المصارف وعلى رأسها مصرف (سيتي بنك) تعمل لتلبية احتياجات أصحاب الثروات والمودعين الهاربين من السفينة اليونانية. ولكن خلافا للتوقعات المتشائمة يرى شولتز أن تكلفة خروج اليونان من اليورو ستكون أكبر من الاحتفاظ بها في اليورو. ومن هذا المنطلق يعطي شولتز نسبة تتراوح بين «10 إلى 20 في المائة» لخروج اليونان من اليورو، ونسبة تتراوح بين «80 إلى 90 في المائة» لبقاء اليونان، ويقول في هذا الصدد: «من سيفوز في انتخابات اليونان سيجد نفسه أمام القبول ببرنامج التقشف وشروط حزمة الإنقاذ، ولكن ألمانيا تحديدا ودول اليورو يمكن أن تتفاوض معه حول حزمة نمو وتحفيز للنشاط الاقتصادي في اليونان. وتوقع أن يقبل الرئيس المقبل، أيا كان، بمثل هذا الاقتراح ويتفاوض على حزمة إنعاش اقتصادي جديدة تضاف إلى حزمة الإنقاذ دون أن يخدش أو يمس الشروط التي تم الاتفاق عليها». وقال إن ألمانيا حريصة على عدم تفكك اليورو وستجد في مثل هذا الاقتراح مخرجا من أزمة اليونان. وقد طلب زعيم حزب سيريزا أنطونيس تسيبراس وقف تسديد الديون التي تسحق البلاد، ويعتزم إعادة التفاوض حول بنود العقد الموقع مع الاتحاد الأوروبي مع التأكيد في الوقت نفسه على رغبته في إبقاء التداول بالعملة الموحدة.