خبراء لـ «الشرق الأوسط»: الأسهم السعودية تفتقد «الهوية» بخسارتها 4% إضافية أمس

طالبوا بضرورة إيجاد «صانع سوق» يستطيع حمايتها من تقلبات الأسواق العالمية

سوق الأسهم السعودية فقدت الكثير من قيمتها النقدية خلال الأسابيع القليلة الماضية (تصوير: خالد الخميس)
TT

في الوقت الذي خسرت فيه سوق الأسهم السعودية خلال تعاملاتها يوم أمس أكثر من 4 في المائة من قيمتها السوقية التي كانت عليها الأربعاء الماضي، أكد خبراء اقتصاد سعوديون لـ«الشرق الأوسط» أن سوق الأسهم المحلية تفتقد «الهوية»، وتتبع الأسواق العالمية بشكل غير منطقي.

وطالب الخبراء بضرورة إيجاد متحدث رسمي يستطيع طمأنة المتداولين عند حدوث الأزمات، إضافة إلى وجود صانع سوق يستطيع حماية السوق من تقلبات الأسواق المالية العالمية، وقالوا: «سوق الأسهم السعودية تفتقر إلى القائد الحقيقي الذي يستطيع موازنة تداولاتها، بما يحقق المصلحة العامة للمتداولين، وللاقتصاد الوطني».

وأضافوا خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط»: «سوق الأسهم السعودية لا تعاني أيا من المشكلات التي تحدث في الغرب، والتي تؤثر سلبا على أسواقها المترابطة، كما أنها ما زالت منغلقة أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهذا يجعل ارتباطها الأقوى بالداخل وليس الخارج».

وأمام هذه المطالب، فقدت سوق الأسهم السعودية خلال تعاملاتها يوم أمس نحو 4.22 في المائة من قيمتها التي كانت عليها عند إغلاق يوم الأربعاء الماضي، إذ خسرت خلال تعاملاتها أمس نحو 294 نقطة، لتغلق عند مستويات 6681 نقطة، وسط سيولة نقدية متداولة بلغت 6.8 مليار ريال (1.8 مليار دولار).

من جهته أكد فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن سوق الأسهم السعودية تفتقد «الهوية»، مضيفا: «أصبحت تابعة للأسواق المالية العالمية، ولا تستطيع تحديد مسارها المستحق، على الرغم من مقومات القوة التي تتميز بها، بدءا من: نمو ربحية الشركات المدرجة فيها، وانخفاض مكررات الربحية، والنظرة المتفائلة بأرباح القطاعات الرئيسة، ومتانة الاقتصاد السعودي، والتوسع في الإنفاق الحكومي الذي ينعكس إيجابا على ربحية الشركات». وأشار البوعينين إلى أن سوق الأسهم السعودية لم تستفد من المؤشرات الإيجابية الداخلية والخارجية، وقال: «على العكس من ذلك نجدها تتفاعل بقوة مع تراجعات الأسواق العالمية وتفقد مجمل أرباحها المحققة لأسباب خارجية يمكن احتواؤها والسيطرة عليها في الداخل». وأضاف: «صحيح أن هناك علاقة قوية بين الأسواق المالية العالمية، ولكن تلك العلاقة يجب أن تكون محدودة في السوق السعودية، لسببين رئيسين؛ الأول أن السعودية لا تعاني أيا من المشكلات التي تحدث في الغرب وتؤثر سلبا على أسواقها المترابطة، والثاني أن السوق السعودية ما زالت منغلقة أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهذا يجعل ارتباطها الأقوى بالداخل وليس الخارج».

وقال البوعينين: «الأداء الحالي لسوق الأسهم السعودية يقودنا إلى إعادة طرح أهمية وجود صانع السوق الذي لا يمكن لأي سوق مالية العمل بانضباطية دون وجوده»، مؤكدا أن السوق السعودية تفتقر إلى القائد الحقيقي الذي يستطيع موازنة تداولاتها بما يحقق المصلحة العامة للمتداولين وللاقتصاد الوطني. وأضاف: «عندما نتحدث عن صانع السوق فنحن لا نتحدث عمن يحفظ للمستثمرين أموالهم كما يحاول بعض المسؤولين تفسيره في رفضهم فكرة صانع السوق، ولكن نتحدث عن صانع السوق الذي يضبط حركة السوق في الاتجاهين الصاعد والهابط».

وبين إلى أن صانع السوق حال وجوده سيعمل على موازنة السوق من خلال أوامر العرض والطلب، مع عدم السماح بإحداث التأثير الأكبر من خلال إغراق السوق بالعروض الضخمة الضاغطة على المؤشر.

وذكر البوعينين أن صانع السوق هو القادر على استيعاب كل من متغيرات التداول، والاقتصاد، لإضافة إلى المتغيرات العالمية، ومحاولة حماية السوق من الصدمات المفاجئة التي تتسبب دائما بإحداث الهلع نتيجة نزع الثقة المفاجئ.

وقال: «إضافة إلى صانع السوق، فنحن في حاجة إلى الأب الروحي الذي يمكن له التأثير على السوق من خلال التصريحات الرسمية وطمأنة المتداولين في الأزمات، وامتصاص ردود الفعل المفاجئة المرتبطة بالأحداث الخارجية، كما يحدث من المسؤولين في الأسواق العالمية».

وقال: «السوق السعودية تفتقر إلى الأب الروحي الذي يمكن أن يكون له التأثير الأكبر من خلال طمأنة السوق والمتداولين عطفا على الحقائق والمعلومات المتاحة»، موضحا أن السوق تتنازعها رغبات كبار المستثمرين الأفراد التي تزيد من خسائر صغار المستثمرين.

من جهة أخرى طالب فيصل العقاب، المحلل المالي، بضرورة إيجاد صانع سوق، يستطيع حماية سوق الأسهم السعودية والمستثمرين فيه من تقلبات الأسواق العالمية الأخرى.

وأشار العقاب إلى أن ارتباط سوق الأسهم السعودية بالأسواق العالمية من حيث الأداء غير منطقي، وقال: «على سبيل المثال عندما تنخفض أسواق المال العالمية بنسبة 2 في المائة، نشاهد انخفاض السوق السعودية أكثر من 4 في المائة، كنوع من التفاعل مع الأسواق المالية العالمية، وهذا الأمر غير منطقي على الإطلاق».

يشار إلى أنه قادت أحداث «الربيع العربي» التي اجتاحت عددا من الدول العربية خلال الفترة الماضية إلى تسييل الصناديق السعودية المستثمرة في أسواق الأسهم العربية ما نسبته 56 في المائة، من حجم استثماراتها التي كانت عليها في عام 2010.

يأتي ذلك في الوقت الذي رفعت فيه الصناديق الاستثمارية السعودية حجم أصولها الاستثمارية في الأسواق الأميركية خلال عام 2011 بنسبة 1.1 في المائة، مقارنة بما كانت عليه في عام 2010، أوضح ذلك التقرير السنوي الأخير الصادر عن هيئة السوق المالية السعودية. ولفت التقرير في الوقت ذاته إلى أن استثمارات الصناديق السعودية في الأسهم الأوروبية تراجعت خلال عام 2011 بنسبة 16.6 في المائة مقارنة بالعام الذي يسبقه، يأتي ذلك في وقت تعاني فيه الأسواق الأوروبية من تراجعات متتالية عانت منها خلال الفترة الماضية بسبب الأزمة اليونانية، وما أعقبها من تبعات.

وأوضح التقرير أن حجم استثمارات الصناديق السعودية في الأسواق العربية انخفضت إلى 107.1 مليون ريال فقط (28.56 مليون دولار)، بينما انخفضت استثمارات هذه الصناديق في الأسواق الأوروبية إلى 1.84 مليار ريال (490 مليون دولار)، بينما ارتفعت استثمارات الصناديق السعودية في أسواق الأسهم الأميركية إلى 1.17 مليار ريال (312 مليون دولار).