نقرات «أعجبني» على «فيس بوك» تتحول إلى إعلانات

تعتمد الطريقة على زيادة عائدات الإعلانات.. والشركة لن تستعرضها بالتفصيل

هذا التغيير الجديد في الإعلانات أنه خادع ومضلل، حيث لا يدرك المستخدمون دائما أن الروابط والنقر على أيقونة «أعجبني» يمكن أن يستخدم لغرض التسويق (أ.ف.ب)
TT

في يوم عيد الحب وجد نك بيرغوس مصادفة رابطا على الإنترنت لمنتج غريب على موقع «أمازون»، وهو برميل 55 غالونا من كريم ترطيب. ورأى نك أنه مرح بطريقة لا تقاوم، وكما يفعل المرء في هذا العصر من المشاركة الفورية، نشر الرابط على موقع «فيس بوك» مع تعليق قال فيه «لعيد الحب ولكل يوم ولباقي أيام حياتك». وفي غضون أيام بدأ أصدقاء بيرغوس يرون مشاركته على «فيس بوك» بين الإعلانات على صفحات الموقع مع اسمه وصورة له وهو يبتسم.

رأى موقع «فيس بوك»، أو واحد من أنظمة تشغيله، هذه المشاركة باعتبارها دعما شخصيا منه للمنتج وحولها إلى إعلانات يدفع مقابلها موقع «أمازون». لقد كانت بحسب لغة «فيس بوك» تجربة ووسيلة ربما تكون مربحة تحول انجذاب مستخدم «فيس بوك» لشيء إلى إعلان موجه إلى أصدقائه.

وتعد «أمازون» شركة من بين شركات كثيرة تدفع لـ«فيس بوك» من أجل نشر مثل هذه الإعلانات التي تظهر بصورة تلقائية عندما يضغط المستخدم على أيقونة «أعجبني» لمنتجاتها أو تتم إحالته بطريقة أخرى. ويوافق مستخدمو الـ«فيس بوك» على المشاركة بشكل ما على الإعلانات من خلال الموافقة على شروط الخدمة التي تتكون من 4 آلاف كلمة عند تسجيلهم في الموقع. ومع تزايد الضغط على شركة «فيس بوك» من أجل زيادة الأرباح والوصول إلى المستوى المتوقع من الطرح العام الأولي لأسهم الشركة، فإنها تعتمد على هذه الطريقة في زيادة عائدات الإعلانات. وصرحت الشركة بأنها لن تستعرض العائدات التي تحصل عليها من الإعلانات بالتفصيل. ومن المرجح أن يزيد الأداء الأولي الضعيف في البورصة، حيث انخفض سعر السهم عن السعر عند بداية الطرح بنسبة 22 في المائة، هذا الضغط.

مع ذلك أثبت هذا التغيير الجديد في الإعلانات أنه خادع ومضلل، حيث لا يدرك المستخدمون دائما أن الروابط والنقر على أيقونة «أعجبني» التي تنتشر على موقع الـ«فيس بوك» يمكن أن يستخدم لغرض التسويق. وقد وافق موقع الـ«فيس بوك» بالفعل من حيث المبدأ على تسوية هذه الدعاوى القضائية الجماعية حول هذا الأمر في كاليفورنيا. وتفتقر هذه المشاركات إلى حس الدعابة، وهو ما يمكن أي يؤدي إلى مفاجآت مثلما حدث في حالة بيرغوس. وقال بيرغوس (32 عاما)، الذي يعمل منتج وسائط متعددة في مدينة آيوا والذي كتب عن المشكلة على مدونته «لقد شعرت ببعض الضيق وإن لم يصل إلى حد إلغاء حسابي على موقع (فيس بوك) والاستشاطة غضبا. أعلم جيدا ضريبة استخدام موقع (فيس بوك). إنه لا يكلفني المال، لكنه يستخدم الكثير من معلوماتي الشخصية».

وتراقب «وول ستريت» عن كثب كيف يخطط موقع الـ«فيس بوك» لاستخدام المعلومات التي يقدمها يوميا ما يزيد على 900 مليون مستخدم. وحققت الشركة خلال الربع الأول من العام عائدات قدرها مليار دولار؛ وكان الجزء الأكبر منها بفضل الإعلانات، لكنها لم تكشف عن الجزء الذي تم تحقيقه من استغلال الأشخاص في دعم المنتج. وبدأ موقع الـ«فيس بوك» مؤخرا في عرض مثل هذه الإعلانات ضمن المشاركات الأحدث على الموقع وعلى تطبيقات الهواتف المحمولة التي تتيح الاتصال بالموقع، حيث تظهر إعلانات أقرب إلى التقليدية رغم أنها تحمل توصيف «برعاية». وأخبرت الشركة المستثمرين أن احتمال تذكر المستخدمين للإعلان إذا جاء من خلال صديق على الـ«فيس بوك» يبلغ 50 في المائة. وأوضحت الشركة للمستخدمين أنهم عندما يغيرون إعدادات الخصوصية بحيث لا تظهر علامة «أعجبني» تحت الإعلانات في أكثر المساحات الإعلانية تميزا على صفحات الموقع، لا يمكنهم الهروب من الأشكال الأخرى من الدعم الشخصي للمنتجات أو الخدمات التي تظهر في مساحات أخرى. وأوضح موقع «فيس بوك» من خلال مركز المساعدة الخاص به «لا يمكنك الهروب من الأشياء المدعمة من قبل أشخاص لأنها تظهر ضمن سلسلة المشاركات الأحدث».

وقال المتحدث باسم الشركة إن المستخدمين لهم حق اختيار عدم النقر على أيقونة «أعجبني» المجاورة للشيء إذا لم يرغبوا في أن تكون لهم علاقة به. كذلك يمكنهم ضبط إعدادات الخصوصية لتحديد الأشخاص الذين يستطيعون الإطلاع على نشاطهم.

ويقول آميت شاه، مسؤول التسويق في «1 – 800 - فلاورز»، إن دعم المنتجات من خلال استخدام أشخاص يؤثر كثيرا في جذب عيون جديدة إلى صفحة الشركة على الـ«فيس بوك»، خاصة خلال المناسبات التي يتم تحقيق مبيعات هائلة من ورائها مثل عيد الأم. وأوضح أن الشركة لم تكن بحاجة للحصول على تصريح من معجبيها لنشر تلك الإعلانات. وأضاف «لقد وافق المستخدم لأنه مشترك في صفحتك وأنت تعزز هذه المشاركة. لقد اكتشفنا من واقع تجربتنا أن الناس يحبون سماع تجارب وروايات عملاء آخرين».

يوفر دعم المنتج أو الخدمة برواية أو تجربة شخصية المال بالنسبة إلى مسؤولي التسويق. ولا يحتاج الأمر إلى إبداع، فكل ما عليهم فعله نشر تفضيل المستخدم الذي أقر به سواء كان ذلك لمنتج أو لمرشح سياسي ونشر هذا الخبر بين أصدقائه. ما يدخل هذه الإعلانات إلى نطاق التجارب المدعمة للمعلن عنه من قبل أشخاص هو أيقونة «أعجبني». مع ذلك ينقر المستخدمون تلك الأيقونة لأسباب مختلفة، فأحيانا يكون الهدف هو الفوز بجوائز، كما كانت يروج أحد إعلانات سلسلة تاجر ملابس «بروكلين إنداستريز» مؤخرا، حيث كان يقول «انقر أعجبني على صفحتنا على (فيس بوك) وادخل السحب على حقيبة هدية سعرها 450 دولارا».

نقر بيرغوس، أحد المعجبين بحذاء التزلج ذي العجلات، أيقونة «أعجبني» على صفحة متجر «سين سيتي سكيتس» لمعرفة أحدث المنتجات التي يعرضها المتجر من خلال موقع «فيس بوك». بيتر زيباك البالغ من العمر 32 عاما وصديق بيرغوس نبهه إلى الإعلان الذي ظهر فيه وهو ينقر «أعجبني» على صفحة الرئيس أوباما رغم أنه فعل ذلك رغبة منه في معرفة معلومات عن الحملة. وقال زيباك إنه لم يعرف ما إذا كان دعمه استغل كإعلان سياسي. وهاجم إيريك غولدمان، الأستاذ المشارك بكلية الحقوق بجامعة سانتا كلارا، موقع «فيس بوك» للتقول على مستخدمي الموقع كما أوضح في مدونته. وكتب أن موقع «فيس بوك» يفسر النقر على أيقونة «أعجبني» بأنه بيان بموقف هذا الشخص وتصريح باستغلال ذلك في إعلان. وأوضح غولدمان قائلا «الإعلان عن منتجات من خلال دعم أشخاص لا يفيد هذا الشخص بشيء، فأنا كمستخدم لا يعود علي أي نفع من إعلان دعمي الضمني، بل ربما يضر ذلك بعلاقتي بأصدقائي، لكنه بالتأكيد يفيد المعلنين على موقع الـ(فيس بوك)». وأدى استخدام دعم الأشخاص في عالم الإعلانات على الإنترنت إلى إقامة دعوى قضائية جماعية في كاليفورنيا رغم إعلان الشركة الشهر الماضي عن عزمها التوصل إلى تسوية. وقال محامي المدعين أمام المحكمة المختصة في الولايات المتحدة إن الشركة لم تكن عادلة وتبنت نهجا مخادعا من خلال استغلال أسماء المستخدمين وصورهم في الإعلانات من دون الحصول على موافقتهم. وفي معرض دفاع الموقع عن موقفه، تبنى خطاب حرية الصحافة بالقول إنه لم يكن هناك أي داع للحصول على موافقتهم نظرا لأن دعمهم للمنتجات لم يكن أكثر من مجرد «أخبار»، فمستخدمو موقع الـ«فيس بوك» شخصيات عامة بالنسبة لأصدقائهم. ولم يتم الكشف عن تفاصيل التسوية الأولية.

أوضحت أنجل فريلي، مصممة ملابس في سياتل وأحد المدعين في تلك الدعوى القضائية، أنها تتذكر نقرها على أيقونة «أعجبني» على صفحة دورة تعليمية للغة الفرنسية مقدمة من مركز «روزيتا ستون». وكانت تفكر في ذلك الوقت في الانتقال إلى باريس، وكانت تأمل أن تحمل لها أيقونة «أعجبني» تخفيضا في رسوم الاشتراك في الدورة التعليمية، لكن لم يحدث ذلك، بل ما حدث كان ظهورها بعد بضعة أشهر في إعلان عن «روزيتا ستون» على صفحات أصدقائها. ونقرت فيرلي، البالغة من العمر 29 عاما، على أيقونة «أعجبني» على الكثير من صفحات موقع «فيس بوك»، لكنها شعرت بالاستياء من استغلالها في الإعلانات. وقالت «لم يكن هذا هو الاتفاق عندما سجلت على الموقع». صادف زاباك في مدينة آميس بولاية آيوا خبرا من صديق آخر ذلك اليوم. ظهر اسم ستيفن غود ووجهه بين المشاركات الأحدث على الموقع مع توضيح بأنه «معجب» بـ«الخطوط الجوية الأميركية».

لم يشعر غود، البالغ من العمر 30 عاما، بالمفاجأة، حيث قال إنه من السذاجة الظن بأنه سيحصل على صفقة بلا ثمن مع الـ«فيس بوك».

وكما أوضح مسؤول مواقع التواصل الاجتماعي في أخوية «في دلتا تيتا» المسيحية، إنه كان يجرب الإعلانات المدعومة من أشخاص أملا في الاستفادة من نقرات «أعجبني». وأوضح غود «إذا كنت تستخدم الموقع، فيجب أن تكون مستعدًا للاستغلال». وقال «إنها طبيعة الوحش المسمى بالـ(فيس بوك)».

* خدمة «نيويورك تايمز»