إسبانيا تجتاز امتحانا.. وميركل تدعو إلى أوروبا «متراصة الصفوف»

صندوق النقد قدر المبلغ الضروري لإنقاذ المصارف الإسبانية بين 40 و80 مليار يورو

TT

أظهرت إسبانيا أمس أنه لا يزال بمقدورها دخول أسواق الائتمان بتكلفة مرتفعة لكن يمكن تحملها وسط تحركات محمومة وراء الكواليس لإعداد حزمة إنقاذ أوروبية محتملة لبنوكها التي تعصف بها الديون.

وباعت مدريد سندات حكومية عشرية بقيمة 1.‏2 مليار يورو (6.‏2 مليار دولار) في مزاد ناجح بفائدة تزيد قليلا عن ستة في المائة ارتفاعا من 74.‏5 في المائة الشهر الماضي الأمر الذي هدأ في الوقت الحالي على الأقل المخاوف التي أثارها وزير الخزانة كريستوبال مونتورو يوم الثلاثاء حين قال إن أسواق السندات مغلقة أمام إسبانيا.

وعلى الرغم من ارتفاع أسواق الأسهم والسندات واليورو بفضل عوامل من بينها التوقعات بتحرك البنوك المركزية لإنعاش النمو الاقتصادي الضعيف لا تزال منطقة اليورو تعاني من ضغوط المستثمرين والشركاء العالميين كي تتحرك بسرعة وحسم لحل أزمة ديونها المتفاقمة.

وقال أليساندرو جيانسانتي محلل السندات لدى «إي.إن.جي بنك» في أمستردام «هناك تحسن في المناخ خلال الأيام القليلة الماضية بالنسبة للسندات الإسبانية. الحديث عن إنقاذ البنوك الإسبانية هو السبب وراء انحسار العزوف عن المخاطرة في الأسواق».

وواصلت فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بعد ألمانيا الاستفادة من وضعها كملاذ آمن وباعت سندات بقيمة 84.‏7 مليار يورو بعائدات منخفضة قياسية.

واتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيسا وزراء كندا واليابان هاتفيا هذا الأسبوع بالزعماء الرئيسيين في أوروبا للتعبير عن مخاوفهم من تفاقم الأزمة والضغط من أجل اتخاذ تدابير أقوى.

وبددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التوقعات بأن تحقق قمة الاتحاد الأوروبي التي تنعقد يومي 28 و29 يونيو (حزيران) الجاري انفراجة قوية في سبيل التوصل إلى وحدة نقدية ومصرفية أوثق بين الدول السبع عشرة الأعضاء في منطقة اليورو بقولها إن التقدم سيحتاج وقتا أطول.

وفي مقابلة تلفزيونية تبث أمس قالت ميركل إن منطقة اليورو تتحرك حتما صوب وحدة نقدية تتنازل فيها عن المزيد من السيادة الوطنية وإن ذلك سيقود إلى تخلف الدول غير الأعضاء في منطقة اليورو.

وأضافت «لا أظن أنه سيكون بوسع قمة واحدة أن تأخذ قرارا في هذا الأمر المهم».

منن جهة أخرى ذكرت صحيفة «آ بي ثي» الإسبانية الخميس أن تقرير صندوق النقد الدولي الذي سينشر الاثنين قدر بما بين أربعين وثمانين مليار يورو قيمة المبلغ الضروري لإنقاذ المصارف الإسبانية.

وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر اطلعت على التقرير إن الصندوق يطرح سيناريوهين.

ويأخذ السيناريو الأول في الاعتبار الوضع الحالي وبقدر الاحتياجات بأربعين مليار دولار تخصص لمجموعة من عشرة مصارف بينها «بانكيا» الذي تنوي الدولة الإسبانية إنقاذه بمساعدة تاريخية تتجاوز 23 مليار يورو.

أما السيناريو الثاني فيتحدث عن وضع أسوأ يركز خصوصا على حدوث انكماش كبير ويتطلب ثمانين مليار يورو لإنقاذ النظام المالي الإسباني. إلا أن مصادر قالت للصحيفة إن هذا الأمر «ليس واقعيا».

وستتخذ مدريد خلال 15 يوما قرارا حول إعادة رسملة مصارفها وبالنتيجة حول طلب مساعدة دولية، كما قال الأربعاء وزير المال الإسباني لويس دي غويندوس في البرلمان الأوروبي في بروكسل.

وإلى جانب تقرير الصندوق، تنتظر مدريد أيضا تقرير المكتبين الخاصين للتدقيق الحسابي رولان بيرجيه وأوليفر وايمن حول الاحتياجات لإنقاذ المصارف.

ويرى المحللون أن المبلغ الضروري يتراوح بين ستين ومائتي مليار يورو لكن وزير الميزانية الإسباني أكد الثلاثاء أن المبلغ «لن يكون كبيرا جدا».

ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخميس إلى عملية طويلة الأمد لبناء أوروبا سياسية معززة بينما تهز أزمة مالية إسبانيا ويطالب شركاؤها بحلول فورية.

وقالت ميركل في مقابلة مع التلفزيون الألماني «إيه آر دي» الخميس «نحن بحاجة لأوروبا أكثر فاعلية (..) لوحده في الميزانية (..) ونحتاج قبل كل شيء إلى وحدة سياسية. علينا التخلي تدريجيا لأوروبا (للاتحاد) عن صلاحيات».

وأضافت «لكن علينا ألا نبقى في حالة جمود لأن هذا البلد أو ذاك لا يريد السير في هذا الاتجاه»، ملمحة بذلك إلى قبولها باتحاد أوروبي يسير بسرعتين.

لكن في الوقت نفسه، قالت ميركل «علينا أن نكون منفتحين ونعطي الإمكانية للجميع للمشاركة».

وذكرت حرية التنقل في أوروبا التي تنظمها اتفاقات شنغن ووجود منطقة اليورو بحد ذاتها كمثالين على مجالات يتحرك فيها الاتحاد الأوروبي بسرعات متفاوتة.

وحول القمة المرتقبة جدا للاتحاد الأوروبي التي ستعقد في 28 و29 يونيو (حزيران) في بروكسل، سعت ميركل كعادتها إلى التقليل من النتائج المتوقعة من اللقاء مؤكدة أن إنقاذ أوروبا سيتم عبر إجراءات بنيوية على الأمد الطويل.

وقالت إنها لا تعتقد أن «قمة واحدة قادرة على حل شيء دفعة واحدة»، موضحة أنها تريد أن تعرض على شركائها في القمة اقتراحا لبرنامج عمل هدفه تحقيق اتحاد سياسي.

وطلب الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي سيزور برلين الخميس «خطة فورية لتسوية الأزمة» في منطقة اليورو، كما كانت المسألة موضع مناقشات جرت الأربعاء بين أوباما ونائب رئيس الوزراء الصيني المكلف الاقتصاد وانغ كيشان.

وتتعرض المستشارة الألمانية لضغوط من فرنسا التي تطالب بإجراءات سريعة من أجل النمو من بينها إصدار سندات أوروبية تسمح بتبادل ديون مختلف الدول وتخفيف العبء عن أضعفها.

وتشكل إسبانيا وقطاعها المصرفي المضطرب المصدر الرئيسي للقلق الخميس، حيث تقوم بإصدار سندات بفوائد سجلت ارتفاعا كبيرا متخطية 6 في المائة (6,044 في المائة) على عشر سنوات لمجموع 2,074 مليار يورو.

إلا أن البورصات الأوروبية لم تتأثر على ما يبدو بارتفاع معدلات الفائدة هذا وسجلت ارتفاعا اليوم بعيد بدء العملية. كما استفادت من إعلان البنك المركزي الأوروبي أمس الذي سيمدد القروض غير المحدودة إلى مصارف المنطقة وفتح الباب لخفض في معدلات الفائدة الشهر المقبل.

وحتى ذلك الموعد، ستكون استحقاقات سياسية حاسمة قد مرت، تتمثل بالانتخابات التشريعية في كل من اليونان وفرنسا في 17 يونيو.

من جهة أخرى، كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس أن أكثر من ثلاثة أرباع الألمان (78 في المائة) يعتقدون أن «الأسوأ قادم في أزمة منطقة اليورو»، لكن سبعين في المائة واثقون من أن أوروبا ستتجاوز هذه الأزمة الحالية واليورو سيستمر.

وأوضحت ميركل مجددا استراتيجيتها للنمو في أوروبا. وقالت إن «تعزيز الميزانية والنمو وجهان لعملة واحدة»، مؤكدة أن النمو يجب أن ينتج عن قدرة تنافسية معززة في مختلف دول الاتحاد.

وقالت «علينا، كل دولة في أوروبا، مواجهة نقاط ضعفنا».

وتابعت أن التنافسية «تعني أن ننتج بشكل يسمح لنا بالبيع في كل مكان في العالم». وأضافت «هذا ما أدافع عنه وأعتقد أن هذا موضع إجماع في أوروبا».

وبحسب الدراسة، يخشى كثير من الألمان شبح التضخم وتزايد تكاليف الحياة.

كما كشفت الدراسة التي أجراها معهد «تي انس إس انفراتست» بتكليف من مصرف أليانس بنك، وحصلت وكالة الأنباء الألمانية على نسخة من نتيجتها أمس الخميس أن مستوى ثقة المستهلك الألماني في الديون لا يزال منخفضا.

ورغم تزايد الثقة في استقرار اليورو بنسبة 2 في المائة مقارنة بآخر استطلاع مماثل أجراه نفس المعهد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لترتفع إلى 32 في المائة إلا أن ذلك يعني أن أقل من ثلث الألمان هم الذين لا يزالون على ثقة في قوة العملة الأوروبية الموحدة.

وذكر 31 في المائة ممن شملهم الاستطلاع الذي أجري ضمن الدراسة أنه ليس لديهم أي ثقة أو لا يكادون يثقون في استقرار اليورو في حين أن 38 في المائة منهم لا يستطيعون اتخاذ القرار السليم بهذا الشأن.

وقد حام اليورو قرب أعلى مستوياته في أسبوع أمس واستمدت العملات المرتبطة بالنمو الدعم من توقعات بأن يتدخل صناع السياسة قريبا لدعم التعافي الاقتصادي الهش.

ودفع ذلك المستثمرين لتصفية مراهنات على عملات تعتبر ملاذا آمنا مثل الدولار والين. وقال متعاملون إن الضغط قد يستمر على العملتين قبل شهادة لبن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أمام لجنة بالكونغرس في وقت لاحق اليوم.

وانتعشت الآمال في أن يعلن المركزي الأميركي مزيدا من إجراءات التحفيز بعدما بررت جانيت يلين نائبة رئيس البنك اتخاذ مزيد من إجراءات التيسير لدعم اقتصاد هش مع تفاقم الاضطرابات المالية في أوروبا.

وبلغت العملة الأوروبية الموحدة في أحدث حركة لها 2565.‏1 دولار بعدما ارتفعت لفترة وجيزة إلى 25859.‏1 دولار مسجلة أعلى مستوى منذ أواخر مايو (أيار) وبزيادة نحو 3.‏2 في المائة عن أدنى مستوى في عامين المسجل الأسبوع الماضي عند 2288.‏1 دولار.

وانخفض مؤشر الدولار 1.‏0 في المائة إلى 253.‏82.

وارتفع الدولار الاسترالي إلى أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 9969.‏0 دولار أميركي إثر بيانات قوية للوظائف جاءت بعد يوم من إعلان نمو قوي. وبلغت العملة الاسترالية في أحدث معاملة 9955.‏0 دولار أميركي بزيادة 4.‏0 في المائة عن الإغلاق السابق.

وتفوق الدولار على العملة اليابانية التي تأثرت على نطاق واسع مع تحسن الشهية للمخاطرة. وتضرر الين أيضا من تهديدات السلطات اليابانية في الآونة الأخيرة بالتدخل لكبح صعود العملة.

وارتفع الدولار 1.‏0 في المائة إلى 30.‏79 ين مبتعدا عن أدنى مستوى في ثلاثة شهور ونصف الشهر البالغ نحو 65.‏77 ين والمسجل في أول يونيو.