خطط التقاعد تثير حالة من التشاؤم في الغرب

مواطنو الولايات المتحدة وأوروبا لا يتوقعون شيخوخة مريحة

TT

تزداد حالة التشاؤم التي تنتاب مواطني الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا حول أوضاعهم المالية بعد التقاعد، حيث تدفع المشكلات المالية التي تعاني منها الحكومات نحو خفض الأموال المخصصة للبرامج الاجتماعية ورفع سن التقاعد، وذلك وفقا لنتائج دراسة استقصائية نشرت يوم أمس الخميس.

اكتشفت الدراسة، التي شملت 9,000 شخص في الولايات المتحدة وأوروبا وقامت شركة التأمين الهولندية «أيغون» بتمويلها، أن 71 في المائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن فرصة الأجيال القادمة في العثور على وظيفة ستكون أسوا بكثير من آبائهم، وهي الرأي الذي ينبع من حقيقة أنه مع الزيادة في متوسط أعمار الناس، فقد تكون سنوات ما بعد العمل شديدة الصعوبة على الكثيرين، مما يضع ضغوطا هائلة على الموازنات العامة.

وفي مقابلة أجريت معه عبر الهاتف، صرح ألكيس وينايندتس، الرئيس التنفيذي لشركة «أيغون»: «يمكن للشخص الحياة لثلاثين عاما أخرى بعد وصوله لسن التقاعد في عمر 60 أو 65 سنة، حيث إن السنوات التي يقضيها الشخص بعد التقاعد قد تكون مماثلة تقريبا لكامل سنوات عمله. تعد زيادة متوسطات الأعمار في الوقت الحالي أمرا يشعر الناس بالسعادة، ولكن لا يزال هناك بعض المخاوف التي تنتابهم حول الأمور المالية».

اتفق معظم المشاركين في الدراسة على أن التخطيط للتقاعد هو قرارهم الشخصي بالدرجة الأولى، ولكن غالبيتهم أيضا قد أكدوا أنهم ليسوا مستعدين لهذه الخطوة بالدرجة الكافية، حيث قال 15 في المائة منهم فقط إنهم يشعرون أنهم يسيرون على الطريق الصحيح. ولكن الشيء الغريب هو عدم قيام غالبية الأشخاص الذين يشعرون بعدم الثقة في التقاعد باتخاذ أي خطوة محددة لتجهيز أنفسهم لهذا الأمر.

أكدت الدراسة أيضا وجود دعم كبير لإصلاح برامج المعاشات الحكومية، حيث يفضل 42 في المائة من المشاركين في الدراسة خفض معدل الفائدة مقترنا بزيادة الضرائب، بينما يفضل 27 في المائة إبقاء معدلات الفائدة كما هي من دون تغيير مع زيادة الضرائب لكي يتمكنوا من الحصول على مستحقاتهم. وفي نفس الوقت، عارض 47 في المائة من المستطلعة آراؤهم رفع سن التقاعد.

ومع الارتفاع المتوقع في متوسط الأعمار، يزيد التحدي الذي يواجه الشركات والحكومات في تمويل مخصصات المعاشات. ففي أوروبا الغربية، حيث تقوم مدفوعات الضمان الاجتماعي بتعويض نسبة كبيرة من دخل التقاعد مقارنة بأي مكان آخر، حذرت المفوضية الأوروبية من أنه ما لم يقم الناس بالعمل لفترات أطول وادخار أموال أكثر: «فلا يمكن أن يضمن أحد استمرار دفع أموال المعاشات، حيث ستصبح الزيادة المطلوبة في النفقات أمرا لا يمكن احتماله».

وفي بعض البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، دفع تراجع خطط التقاعد محددة الفائدة وصعود خطط أخرى على غرار المساهمات الثابتة، مثل الخطة «401 (k)» في الولايات المتحدة الأميركية، الكثير من الناس في العقود الأخيرة إلى اللجوء إلى المقامرة في قطاع العقارات في الأسواق المالية، وهي الخطوة التي أثمرت عن نتائج مخيبة للآمال بالنسبة للكثيرين، بينما تركت معدلات الفائدة المنخفضة بشكل قياسي القليل من الخيارات أمام المدخرين حول آمال الادخار الآمن في المستقبل.

يقول آلان فونتين، 60 عاما ويعمل مصفف شعر في باريس: «سوف يصاب الكثير من الناس بخيبة الأمل. تقطع الحكومة على نفسها الكثير من الوعود، ولكننا في فرنسا سيكون عندنا قريبا شخص متقاعد أمام كل شخص عامل، مما يدل على أن هذا النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة».

يقول فونتين، الذي أصبح مؤهلا للتقاعد في الوقت الحالي حيث إنه عمل لـ42 عاما، ولكنه لن يتمكن من الحصول على كامل مدفوعات الضمان الاجتماعي إلا عند بلوغه 65 عاما، إن السؤال الذي يدور بمخيلته الآن هو متى سيشعر بأنه قادر على التقاعد من العمل.

يقول فونتين: «من المحتمل أن يواجه الأشخاص الذين يتقاعدون عن العمل في الوقت الحالي ظروفا أسوأ بكثير من الظروف التي واجهت آباءهم»، مضيفا أنه يأمل بأن توفر له الشقة الأستوديو الصغيرة التي تمكن من شرائها في باريس مبلغ إيجار كافيا ليشعره وهو وزوجته بالراحة.

اكتشف الدراسة أن خروج الناس من الحياة العملية مباشرة إلى التقاعد الكامل قد بدأ في الاختفاء مؤخرا، في ظل وجود الكثير من الخطط لمواصلة العمل بعد سن التقاعد التقليدي، حيث من المتوقع أن يقرر 30 في المائة من الموظفين التقاعد بصورة كاملة بعد بلوغهم سن المعاش في الأعوام القادمة، مقارنة بـ54 في المائة من المتقاعدين الحاليين الذين قرروا التقاعد بشكل كامل.

أكد وينايندتس أنه متفائل بإمكانية حل هذه المشكلة، مضيفا: «أعتقد أن هناك المزيد من التقبل لخطط التقاعد المرنة، والتي يعمل بموجبها المتقاعد في وظيفة بدوام جزئي، ولكن مثل هذه المرونة سوف تتطلب إجراء بعض الإصلاحات في سوق العمل، ولا سيما في أوروبا».

* خدمة «نيويورك تايمز»