«جنرال إلكتريك» لـ «الشرق الأوسط»: المنطقة تحتضن كل مقومات النجاح لكنها بحاجة لاستراتيجية تنموية

الرئيس التنفيذي لـ «الشرق الأوسط»: دول المنطقة تمضي بخطى واثقة نحو تحقيق أهداف تنموية محددة

نبيل حبايب الرئيس التنفيذي لشركة «جنرال إلكتريك»
TT

اعتبرت شركة «جنرال إلكتريك» الأميركية أن الجدل الاقتصادي العالمي يتجه الآن إلى مدى قدرة اقتصادات دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا (BRICS) على مواجهة التحديات العالمية الجديدة، معتبرة أن ذلك يعزى إلى تقلب ميزان القوى الاقتصادية وعوامل سياسية أخرى، لافتة إلى أنه على الرغم من أن معدلات النمو في هذه المناطق التي تتفوق على ما هو محقق في الولايات المتحدة الأميركية، تبقى أمام تحديات كبيرة بسبب عدم الاستقرار في القارة الأوروبية.

وقال نبيل حبايب، الرئيس التنفيذي لشركة «جنرال إلكتريك» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، إنه في حين يتفق صناع القرار على حقيقة انتقال محور الاقتصاد العالمي من الغرب إلى الشرق، فإن أنظارهم موجهة في الوقت ذاته نحو تكتل جديد للنمو، يغطي مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والعراق وقطر وتركيا ومصر، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الفروق الاقتصادية والاجتماعية بين هذه الدول هي «بدون أدنى شك، جوهرية، إلا أن القاسم المشترك فيما بينها هو فرص النمو الواعدة على كل المستويات».

وأضاف حبايب لـ«الشرق الأوسط» أنه لا شك بأن العالم من حولنا يشهد في المرحلة الراهنة تحولات كبيرة ومتسارعة. ففي يناير (كانون الثاني) الماضي، وخلال الملتقى الذي جمع قادة العالم خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي لمناقشة التحولات الهائلة في الاقتصاد العالمي، تبدت بوضوح ثلاثة مخاوف رئيسية: أزمة منطقة اليورو، والأحداث السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومدى قدرة هذه الدول على التكيف معها، والتحديات التي تواجهها الولايات المتحدة الأميركية على الصعيد الاقتصادي.

يتجه الجدل الاقتصادي الآن إلى مستويات أخرى، بما في ذلك مدى قدرة اقتصادات دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا (BRICS) على مواجهة التحديات العالمية الجديدة، حيث يبلغ التعداد السكاني لهذه الدول مجتمعة ما يزيد على 450 مليون نسمة، وتتمتع بركائز اقتصادية قوية، لا سيما من حيث الموارد الرئيسية التي يرتكز عليها نمو الاقتصاد العالمي، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 60 في المائة من احتياطي النفط العالمي ونحو 45 في المائة من احتياطي الغاز موجود في هذه المنطقة، في حين تبلغ نسبة الشباب دون سن الـ25 في هذه الدول إلى ما يقارب 60 في المائة.

وبحسب «جنرال إلكتريك» فإنه على خلاف دول منطقة الـ«BRICS» التي تمثل أكثر من 3 مليارات شخص بإجمالي ناتج محلي اسمي يقدر بـ14 تريليون دولار أميركي، فإن المساحة أو الضخامة ليست العامل الرئيسي في تحقيق النمو بالنسبة لدول المنطقة، بل هو حجم الفرص المتاحة فيها التي تمهد لتحولات جذرية مدفوعة بتطوير البنية التحتية، واتساع شريحة الشباب، وارتفاع عائدات النفط، والالتزام الجدي بمبادرات التنمية المستدامة.

ويعتبر حبايب أن كل من هذه الدول تمضي بخطى واثقة نحو تحقيق أهداف تنموية محددة؛ «فرؤية تركيا 2023، على سبيل المثال، تهدف إلى جعلها واحدة من أكبر الاقتصادات العالمية بحلول عام 2023. أما رؤية 2020 في المملكة العربية السعودية فتسعى إلى ترسيخ النمو والازدهار على المستويين الاجتماعي والاقتصادي؛ في الوقت الذي تهدف فيه رؤية 2021 الإماراتية إلى تأكيد مكانة الدولة كواحدة من أفضل الأماكن للعيش والعمل في العالم، خلال العقد المقبل، في حين تتطلع قطر عبر رؤيتها الوطنية لعام 2030 إلى تعزيز تقدمها وتزويد سكانها بأفضل مستويات العيش التي تستفيد منها الأجيال المقبلة أيضا».

ويرى حبايب أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا تتعامل مع مختلف التحديات عبر مقاربة تعتمد الحكومات فيها على التمويل الموسع للبنى التحتية لتطوير أداء قطاع الرعاية الصحية، وتحسين أنظمة النقل والخدمات اللوجيستية، والاستفادة من موارد الطاقة المتجددة لتلبية الطلب المتنامي على الكهرباء والمياه لضمان توفرها للأعداد المتزايدة من السكان.

مضيفا: «عندما تواجه الدول التي تمتلك عددا من أسرع اقتصادات العالم نموا، ولها امتداد جغرافي وثقافي مشترك نسبيا، تحديات متشابهة، يكون الحل الأجدى متمثلا في اعتماد مقاربة شاملة ومتناسقة لتخطي أي عقبات».

ويعتبر حبايب أنه من خلال التجربة التي اكتسبتها «جنرال إلكتريك» على مدى أكثر من ثمانين عاما هي فترة وجودنا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وما يزيد على الستين عاما في تركيا، «فإننا مدركون أن هذه التحديات متمحورة بصورة رئيسية حول إيجاد حلول عملية لمشكلات ندرة موارد المياه، وتوفير فرص العمل، وبناء المستشفيات، واستكشاف موارد جديدة للطاقة كالشمس وطاقة الرياح، ومنح الشباب فرصة المساهمة بدور فاعل ضمن كوادر العمل».

ويرى حبايب أن ما تحتاجه المنطقة هو استراتيجية تنموية تقوم على الشراكات البناءة التي تحقق نتائج ملموسة، إذ إن المنطقة تحتضن كل مقومات النجاح على المدى الطويل، وهي قادرة على ملاقاة تطلعات شعوبها على مختلف المستويات، بما في ذلك موارد الطاقة والموارد المتجددة ورأس المال والتكنولوجيا والقوى العاملة، لكن الإفادة من هذه العناصر يجب أن تتم في الوقت المناسب، وعلينا أن لا نفوت أبدا هذه الفرصة الاستثنائية.