3.8 مليار دولار ضائعة

علي المزيد

TT

يسود اعتقاد قوي لدي أن رجال الأعمال يعظمون الربح لدرجة كبيرة، ولديهم الاستعداد للتضحية بكل شيء للحصول على الربح، وأنهم يطبقون المبدأ الميكافيللي: الغاية تبرر الوسيلة أكثر من الساسة، وغيري يصف الجشعين منهم بمصاصي الدماء، ويستدلون على ذلك بضعف مشاركتهم الاجتماعية.

وأخبركم أيها القراء الكرام أنني بدأت أغير رأيي بشكل جزئي حينما علمت بموقف تجار السعودية بإلغاء الاجتماع مع الوفد التجاري الروسي الأسبوع الماضي، ويبلغ حجم التبادل التجاري السعودي مع الروس 14.2 مليار ريال (3.8 مليار دولار). تجار السعودية عللوا إلغاء الاجتماع مع التجار الروس بموقف الحكومة الروسية الداعم للنظام السوري، واصفين الموقف بغير الإنساني وغير الأخلاقي، وأن الموقف نابع من ضمير التجار المتطابق مع موقف الشعب السعودي والعربي تجاه القتل في سوريا، وأن خطورة الموقف ترفض الحيادية.

لا أخفيكم القول: إنني أعجبت بموقف التجار السعوديين، وأتمنى أن يكون ذلك موقف كل التجار العرب، فليس هناك أقسى من المقاطعة التجارية التي تجعل البلد المقاطَع في عزلة في زمن القرية الواحدة أو الغرفة الواحدة.

وأعجبني أكثر تهديد التجار السعوديين بخفض حجم التبادل الحالي ليصل لمستواه منذ عشر سنوات. نحن نتبادل مع الروس في قطاعات مهمة منها: الإنشاءات، والمدن الصناعية، والبناء والتشييد، والنقل، والسكك الحديدية، والسياحة، والحج والعمرة.. وغيرها.

هذه القطاعات قوام الاقتصاد، والروس بين خيارين؛ إما توسيعها عبر التخلي عن النظام السوري، أو خفضها والارتباط بالنظام السوري.

بقي التذكير بأن الموقف السعودي أحادي الجانب، وإذا تمادى الروس في دعم النظام السوري فقد يلحق بالسعوديين عرب آخرون، وقد يتبعهم مسلمون، وغيرهم من أصدقاء العرب، ودائما الخاسر هو المقاطَع، وهو من يضيع المليارات، أما المليارات فستجد بائعا يقبلها.

* كاتب اقتصادي