أوروبا تراقب تصويت اليونانيين وتحذرهم من الخروج من منطقة اليورو

قمة لرئيس مجلس الاتحاد الأوروبي عبر الفيديو مع قادة الدول المشاركة في قمة العشرين

TT

العالم يكتم أنفاسه.. الجميع في انتظار ما سوف تتمخض عنه نتائج الانتخابات المقررة في اليونان اليوم، والتي وصفتها وسائل الإعلام الأوروبية بأنها تصويت على اليورو. وقال الإعلام البلجيكي في بروكسل إن الانتخابات لن تحدد فقط مصير اليونان، بل أيضا مستقبل أوروبا، ومن هذا المنطلق خرجت التصريحات من كل ناحية تتناول هذا الأمر، وتعبر عن القلق، وتصف الحدث بأنه في غاية الجدية. ولهذا قام هرمان فان رومبوي، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، بعقد قمة عبر الفيديو مع عدد من قادة دول الاتحاد الأوروبي الذين سيشاركون في قمة مجموعة العشرين، الاثنين والثلاثاء المقبلين. وحسب بيان أوروبي، فقد بحث فان رومبوي مع القادة تنسيق المواقف والحديث بصوت أوروبي واحد خلال القمة، التي ستبحث في أزمة الديون السيادية التي تعصفة بمنطقة اليورو.

كما تطرق فان رومبوي مع قادة ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا إلى مواجهة تداعيات التصويت في اليونان، واستعدادات البنوك المركزية، لأي من التأثيرات التي قد تنعكس على الأسواق المالية الاثنين، أي اليوم التالي للانتخابات في اليونان. ومن جانبه، قال ماريو دراغي، رئيس المصرف المركزي الأوروبي، إن المؤسسة المصرفية الأوروبية استعدت لضخ أموال جديدة لمساعدة البنوك التي تحتاج إلى مساعدة مالية. وكان البنك قد أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن تخصيص تريليون يورو لهذا الغرض. ووصف دراغي هذه الخطوة بأنها كانت ناجحة، وأكد على الاستمرار في هذا الصدد.

كما حذر رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر اليونانيين، عشية الانتخابات، مرة أخرى من الخروج من منطقة اليورو. وقال يونكر في مقابلة مع صحيفة «كورير» النمساوية أمس السبت «إذا ما قيض الفوز لليسار الراديكالي، وهو ما لا يمكن للمرء أن يستبعده، فإن العواقب على الوحدة النقدية لا يمكن حسبانها». وتابع «أستطيع فقط أن أحذر الجميع من الابتعاد عن الوحدة النقدية». وأضاف أن «التماسك الداخلي في منطقة اليورو سيكون في خطر»، ولفت إلى أنه «من شأن انسحاب اليونان، وبصرف النظر عن العواقب الاقتصادية والاجتماعية على اليونان في حد ذاتها، أن يكون خسارة لمنطقة اليورو وتماسكها». وأضاف «يجب منع هذا، وسيكون بمثابة إشارة ذات تأثير مدمر، ويجب أن يكون الشعب اليوناني على بينة من ذلك». وخلص إلى القول «لا يمكن أن يتم التفاوض بشأن جوهر برنامج الادخار لليونان». وأضاف أن «فكرة محاربة الدين من خلال دين حكومي أعلى منه وبعجز في الميزانية، إنما هي أمر مضحك، ويجب أن يكون ذلك واضحا بالنسبة لليونانيين».

وفي بروكسل، خرجت تحذيرات مشابهة من الحكومة البلجيكية جاءت على لسان وزير خارجيتها ديدييه رايندرس الذي كان يتولى حقيبة المالية حتى وقت قريب في بلجيكا. وفي اليونان، وعد زعيم حزب اليمين المحافظ أنطونيس ساماراس مؤيديه بالخروج من الأزمة لا من منطقة اليورو، في حال فوز حزبه في الانتخابات التشريعية الحاسمة والتي يخوضها بتنافس حاد مع اليسار المتشدد المناهض لخطط التقشف. وأشارت بعض الاستطلاعات الرأي إلى تقدم طفيف لحزب الديمقراطية الجديدة بزعامة ساماراس في مواجهة حزب سيريزا اليساري. أما اليساري تسيبراس، الذي تخشاه الأسواق المالية، فيدعو إلى وجوب التخلص من «مذكرة» وقعتها الأحزاب التقليدية «التي تأتمر بأمر الجهات الدائنة».

وواصلت الأسهم اتجاهها الصعودي في بورصة أثينا، مما يشير إلى أن المستثمرين يأملون في أن تفرز الانتخابات حكومة مؤيدة لخطة الإنقاذ. جو راندلي، خبير اقتصادي، يقول «لا أتوقع حدوث انهيار كامل في حال فوز سيريزا.. إنهم سيذهبون للبنك المركزي الأوروبي وربما سيكونون أقل صرامة في مطالبهم، لذلك لا أتوقع أن يحدث شيء خطير في حال وصول سيريزا للسلطة، فهم لا يستطيعون تحمل أعباء الخروج من اليورو لأنهم سيتوجب عليهم حينها دفع رواتب العاملين فيه».

ويشار إلى أن اليونان لديها ما يكفي من الأموال فقط لدفع الرواتب والمعاشات حتى نهاية يوليو (تموز) المقبل ما لم تلتزم الحكومة الجديدة بإجراءات التقشف الصارمة. والكلمة الفاصلة ستكون لصناديق الاقتراع اليوم الأحد في انتخابات تشريعية تنظر إليها كل أوروبا والخارج بقلق وتأخذ طابع الاستفتاء حيال اليورو أو ضده. من جهته، قال رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي، إن أوروبا «في حاجة لمزيد من التكامل السياسي والمالي والمصرفي، ويجب عليها نقل رسالة للعالم مفادها أن اليورو مشروع لا رجعة فيه، لأن عكس ذلك سيولد شكوكا بين المستثمرين». وأشار راخوي، في كلمة أدلى بها في حفل ختام اجتماع الاتحاد البرلماني للشعبيين، الذي ينتمي إليه حزبه «نحن في لحظة فارقة في التاريخ الأوروبي، واليوم أوروبا تحتاج إلى سياسة وليس قواعد. أعتقد أن الوقت قد حان للتصرف بعظمة، وأنا سأتعاون مع كل هؤلاء الذين يرغبون في العمل في هذا الاتجاه». وأوضح أن أوروبا ينبغي عليها كذلك دعم اليونان التي يجب عليها هي الأخرى الوفاء بالتزاماتها، مشيرا إلى أن ذلك سيكون بمثابة «نبأ غير اعتيادي» بالنسبة لإسبانيا وللأوروبيين.