لهيب «الصيف» بالسعودية يدفع عمالة المقاولات إلى المطالبة بزيادة الأجور أو تقليص ساعات العمل

20% نسبة زيادة الأجور المطلوبة و30% ساعات العمل المقلصة

درجات الحرارة في الرياض تقترب من 50 درجة مئوية خلال أوقات الذروة (تصوير: خالد الخميس)
TT

قادت الارتفاعات الحالية في درجة حرارة الصيف بالسعودية إلى ارتفاع أجور الأيدي العاملة في قطاع المقاولات، لترتفع بنسبة 20 في المائة عما كانت عليه في الأشهر المتبقية من العام، يأتي ذلك وسط نهضة تنموية إنشائية كبرى تشهدها البلاد خلال الفترة الحالية.

واشتكى أصحاب مشاريع سكنية خاصة في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أمس من ارتفاع تكاليف عمالة المقاولات، مشيرين إلى أن هؤلاء العمالة اشترطت خلال الأيام الحالية رفع تكاليف أجورها اليومية بنسبة 20 في المائة عما كانت عليه في الفترة الماضية، أو تقليص ساعات العمل اليومية بنسبة 30 في المائة.

وفي هذا الاتجاه أكد مقاولون لـ«الشرق الأوسط» أمس أن مطالبة الأيدي العاملة بزيادة أجورهم خلال فصل الصيف بنسبة 20 في المائة أمر مشروع بالنسبة لهم، وقالوا «من يستطيع أن يتحمل العمل وفق هذه الأجواء الحارة جدا في الرياض، وجدة، والدمام؟!».

أمام ذلك، جددت اللجنة الوطنية للمقاولين في السعودية تأكيدها لـ«الشرق الأوسط»، على أن العمالة في قطاع الإنشاءات سيتوقفون عن العمل إذا بلغت درجة حرارة الأجواء 50 درجة مئوية في البلاد.

وقال نور إبراهيم وهو مقاول يعمل في قطاع الإنشاءات السعودي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام الحالية قلل من أعداد الأيدي العاملة بشكل ملحوظ، والعمالة التي ترغب في العمل طالبت بزيادة أجورها بنسبة 20 في المائة لمواجهة هذه الأجواء الحارة».

وأوضح إبراهيم أن العمالة الأجنبية في قطاع المقاولات السعودي تعمل خلال الأيام الحالية وسط ارتفاعات قوية في درجات حرارة الصيف، مشيرا إلى أنهم يرون أحقيتهم في زيادة أجورهم خلال هذا الفصل كبدل «تحمل» لارتفاع درجة حرارة موسم الصيف.

ولفت إبراهيم إلى أن اقتراب درجة حرارة الصيف خلال فترة الذروة من مستويات 50 درجة مئوية في العاصمة السعودية الرياض، يعزز من فرصة ارتفاع تكاليف الأيدي العاملة بشكل أكبر مما هو عليه الآن.

وأشار إلى أن المقاولين الذين يعملون في قطاع المشاريع السكنية كانوا يحصلون على 100 ريال (26.6 دولار) لمتر البناء العظم في الأشهر التي لا تتعارض مع فصل الصيف، وأضاف «الآن هم يحصلون على 120 ريالا (32 دولارا)، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام، في حال تزايد درجات الحرارة، وقلة عدد الأيدي العاملة في القطاع».

من جهة أخرى، أكد علي الحربي وهو صاحب مؤسسة مقاولات في شرق الرياض، أن الأيدي العاملة في قطاع المقاولات طالبوا خلال الأيام القليلة الماضية بزيادة أجورهم بنسبة 20 في المائة، مضيفا «اشترطوا علينا زيادة أجورهم، أو أن نقوم بتقليص ساعات عملهم من 9 ساعات إلى 6 ساعات فقط».

وأشار الحربي إلى أن تقليص ساعات العمل يؤثر على مستوى الإنتاجية وسرعة إنجاز المشاريع، مبينا أنهم يتجهون إلى زيادة أجورهم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، حرصا على عدم توقف إنجاز المشاريع المتفق عليها مسبقا مع ملاكها. وأكد الحربي أن مطالب الأيدي العاملة في قطاع المقاولات في هذا الخصوص مشروعة جدا، وقال «من يستطيع أن يتحمل العمل وفق هذه الأجواء الحارة جدا في الرياض، وجدة، والدمام؟!».

يشار إلى أنه كانت قد أكدت اللجنة الوطنية للمقاولات في السعودية لـ«الشرق الأوسط» في نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، أن الشركات النظامية في البلاد ستتقيد بعملية توقف العمل عند بلوغ درجة الحرارة مستوياتها العليا، وقالت «من يخالف هذه الأنظمة من شركات المقاولات فإنه يحق للأيدي العاملة لديه أن تتقدم بشكوى رسمية عليها، وهو أمر يتعلق بجوانب إنسانية وصحية».

ولفتت اللجنة متمثلة في رئيسها فهد الحمادي حينها إلى أن مستوى إنتاجية الأيدي العاملة يتناقص مع ارتفاع درجات الحرارة، مبينا أنه من الأجدى أن يمنحهم صاحب العمل إجازة في وقت بلوغ درجات الحرارة مستويات 50 درجة مئوية. وقال الحمادي لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو 7 أسابيع: «من يستطيع أن يتحمل العمل تحت أشعة الشمس وفي درجة حرارة تكون قد بلغت مستويات الـ50 درجة مئوية؟! العمل في هذه الأجواء غير منطقي تماما، ويجب أن تراعي الشركات الإنشائية الواجبات الإنسانية تجاه عمالتها في البلاد».

وأوضح رئيس اللجنة الوطنية للمقاولات في السعودية أن الشركات الإنشائية التي تطلب من الأيدي العاملة الاستمرار بالعمل في أوقات ذروة ارتفاع درجات الحرارة تعرض حياة عمالتها لضربات الشمس، مضيفا «كيف يمكن للعامل أن ينتج تحت لهيب الشمس وارتفاع درجات الحرارة؟! الأمر غير منطقي ويجب مراعاته من قبل الشركات». وكشف الحمادي عن تعريض بعض العمالة أنفسها لضربات الشمس في العاصمة الرياض، وقال «هنالك عمالة إنشائية تعمل بصفة خاصة في بناء المنازل والعمائر السكنية والتجارية، ألاحظهم يعملون في الساعة الثالثة عصرا مع وقت اشتداد حرارة الأجواء، هؤلاء يعرضون أنفسهم للخطر، ويجب أن يبتعدوا عن الطمع الذي يدفعهم للعمل في هذه الأجواء».

وأشار إلى أن الأيدي العاملة التي تعمل بصفة خاصة وتعرض نفسها لخطر الإصابة بضربات الشمس من الأجدى أن يطلب منهم صاحب المشروع التوقف في أوقات ذروة ارتفاع درجات الحرارة، وقال «الطمع بحصد أكبر قدر ممكن من المال يدفعهم للعمل في جميع الأوقات، وهو الأمر الذي من الواجب علينا محاربته».

وبين رئيس اللجنة الوطنية للمقاولات في السعودية أن الشركات النظامية حددت أوقات العمل من الساعة الـ5 فجرا وحتى الساعة الـ12 ظهرا، ومن الساعة الـ5 عصرا وحتى الساعة الـ7 مساء، خلال فترة الصيف التي تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة. وأوضح الحمادي أن عددا من الأيدي العاملة في قطاع الإنشاءات في البلاد بدأ خلال الأيام القليلة الماضية بالتذمر من العمل في وقت ارتفاع درجات الحرارة، مبينا أن التذمر من المتوقع استمراره في ظل توقعات الجهات المعنية ببلوغ درجات حرارة هذا الصيف حاجز الـ50 درجة مئوية خلال الأيام المقبلة.