خبراء: رئيس مصر القادم يواجه قضايا اقتصادية معلقة وسط ترقب لأدائه

محافظ البنك المركزي يتوقع تراجع النمو إلى 2 % خلال العام الحالي

سيواجه الرئيس المصري الجديد الكثير من المصاعب الاقتصادية (أ.ف.ب)
TT

تستقبل مصر خلال ساعات أول رئيس للبلاد بعد ثورة 25 يناير بعد عام ونصف من الصراعات والاضطرابات السياسية والأمنية، والتي أضرت بمناخ الاستثمار.

وكانت التوقعات تشير إلى أن انتخاب رئيس للبلاد سينهي الفترة الانتقالية، مما يمهد الطريق لعودة النشاط الاقتصادي في البلاد؛ إلا أن حل مجلس الشعب (البرلمان) الذي يعد الجهة التشريعية في البلاد، والغموض الذي يحيط بمصير الجمعية التأسيسية للدستور، كانا وراء زيادة قلق المستثمرين والخبراء بشأن استقرار الأوضاع في البلاد.

وتبقى الكثير من الأمور والقضايا الاقتصادية معلقة بسبب الاضطرابات السياسية، فحتى الآن لم يتم اعتماد الموازنة العامة للدولة التي اعترض عليها بشدة نواب برلمانيون تابعون لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) قبل حل مجلس الشعب، وبالتالي فإن فوز أحد المرشحين في الوقت الحالي سيضع موازنة الدولة عرضة للجدل والاعتراضات من قبل القوى السياسية، خاصة حزب الحرية والعدالة الذي كان يسعى لتعديل بنود بها وقت استحواذه على أغلبية البرلمان المنحل، حسب محمد عبد المطلب محلل اقتصادي.

تلك الأمور تأتي وسط مؤشرات عن معاناة الاقتصاد المصري، الذي وصل العجز بميزان المدفوعات له خلال تسعة أشهر منتهية في مارس (آذار) الماضي نحو 11.2 مليار دولار، بسبب استمرار تأثر الإيرادات السياحية وتدفقات الاستثمارات الأجنبية، سلبيا بالأحداث التي تمر بها البلاد.

وتشير توقعات رسمية إلى أن النمو الاقتصادي في مصر سيتباطأ إلى أقل من 2 في المائة، وذلك مقارنة بمعدل نموه البالغ 2.5 في المائة العام الماضي، نظرا للاضطرابات السياسية بحسب ما قاله محافظ البنك المركزي المصري أمس، وتوقع صندوق النقد الدولي في أبريل (نيسان) الماضي، أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 1.5 في المائة في 2012 من 1.8 في المائة قدرها الصندوق لعام 2011.

يقول رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن كافة الأمور الاقتصادية في البلاد معلقة، فلم يحسم البرلمان أية حلول للمشاكل الاقتصادية التي تواجهها البلاد، فرغم وجود أزمة اقتصادية؛ فإن البرلمان لم يناقش تشريع قانون لجذب المستثمرين أو حماية مصالحهم، فكانت طبيعته صدامية، وبالتالي فإن تلك الأمور سيكون حلها في يد رئيس الجمهورية القادم وحكومته.

ويري عبده، أن عودة الإنتاج وقضايا المستثمرين ومشاكل البطالة وغلاء الأسعار، يجب أن تمثل أولوية لدى الرئيس الجديد.

وتابع: «معدل الفساد في البلاد خلال عام الثورة ارتفع وفقا لتقارير المنظمات العالمية، التي أكدت أيضا أن عمليات غسل الأموال في دول الربيع العربي بلغ خلال العام الماضي ثلاثة تريليونات دولار».

وأضاف عبده أن المطلوب من الرئيس خلال الفترة المقبلة، هو تحقيق التوازن بين السياسة والاقتصاد، فغير مقبول أن تكون الممارسة السياسية هي وسيلة للإضرار بالاقتصاد.

وفيما يتعلق بالموازنة العامة للدولة، قال عبده، إن «المجلس العسكري الحاكم الآن انتقلت إليه السلطة التشريعية، وبالتالي فإن بيده إقرار الموازنة التي أعدتها الحكومة، خاصة وأنه اطلع عليها قبل إرسالها لمجلس الشعب الذي عطلها».

ويعتقد عبده أن ما يحدث الآن في مصر لا يؤثر بشكل كبير على ثقة المستثمرين في البلاد، فلم يحدث فراغ تشريعي في البلاد بعد حل البرلمان، فالسلطة التشريعية انتقلت من البرلمان إلى المجلس العسكري، فاحترام القوانين هو ما يجعل المستثمر يثق في البلاد.

ولم يستبعد عبده، أن تحدث اضطرابات في البلاد عقب فوز أحد المرشحين، فلكل منهما معارضون؛ ولكن ما يخشاه أن تتم إثارة الجماهير وحدوث فوضى، مضيفا: «إن ذلك سيضفي حالة من القلق في البلاد».

ويري عبده أيضا أن محاولات الإخوان المسلمين لتطبيق الاقتصاد الإسلامي، تثير حفيظة المستثمرين، وقد يثير ذلك قلقهم على المدى الطويل.

وقال منير فخري عبد النور، وزير السياحة المصري، في تصريحات أثناء الإدلاء بصوته أمس، إن وجود رئيس لمصر سيكون له تأثير إيجابي على السياحة، مضيفا: «إن الأمن والاستقرار وهدوء الشارع، هو شرط أساسي لعودة السياحة لمكانتها، فالأمل معقود أن يعم الهدوء بعد الانتخابات وتعود السياحة. وتوقع عبد النور أن تشهد البلاد خلال الأشهر الستة المقبلة، نموا كبيرا وملموسا في الحركة السياحية.

وحول المخاوف من تأثر السياحة بتوجهات المرشحين، قال عبد النور، إن السياحة لا يستطيع أي حاكم أو حزب سياسي أن يؤثر سلبا عليها أو أن يتخذ قرارات تؤثر عليها، لأنها تمثل 11 في المائة من الناتج المحلي، والمصدر الثاني للعملات الأجنبية، ويعمل في هذا القطاع أكثر من 4.5 مليون مصري ومصرية. وأضاف أن احتمالات مضاعفة الإيراد الناتج عن هذا القطاع كبيرة جدا، ووزارة السياحة لديها خطة لمضاعفة عدد الوافدين لمصر خلال الخمس سنوات المقبلة بحيث يتوفر إيراد قدره 25 مليار دولار سنويًا من هذا القطاع.