وزراء المال الأوروبيون في لوكسمبورغ يجهزون لقرارات القمة الأوروبية المقبلة

وسط استمرار المخاوف من أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو

تحتم اتفاقية الانضباط المالي على الدول الأعضاء تحديد مستويات لعجز الميزانيات تغرم في حالة تعديها
TT

أجرى وزراء المال في منطقة اليورو مناقشات في لوكسمبورغ أمس الخميس، في اليوم الأول من اجتماعات المجلس الوزاري المالي والاقتصادي الأوروبي (الايكوفين)، الذي يلتئم اليوم الجمعة، بحضور باقي وزراء الدول الـ27 الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد.

وجاءت هذه الاجتماعات بعد ساعات من مظاهرات حاشدة في إسبانيا ضد التقشف، ومن المتوقع أن تتقدم إسبانيا على هامش الاجتماعات بطلب رسمي، للحصول على مساعدات مالية تصل إلى 100 مليار يورو لمواجهة أزمة المصارف. كما تأتي الاجتماعات بعد ساعات من الإعلان عن حكومة جديدة في اليونان. وبالإضافة إلى مناقشة نتائج قمة مجموعة العشرين الأخيرة في المكسيك، سيعمل الوزراء على التحضير الجيد للقمة الأوروبية المقررة في بروكسل 28 و29 من الشهر الحالي، والتي تمثل تحديا جديدا للقادة التكتل الأوروبي الموحد أمام الرأي العام الأوروبي، وعليهم توحيد المواقف وإظهار القدرة على إيجاد الحلول في وقت عصيب تمر به العائلة الأوروبية، بسبب أزمة الديون السيادية التي ضربت دول في منطقة اليورو (العملة الأوروبية الموحدة)، ولهذا، من المنتظر أن تتمخض القمة عن قرارات وخطوات مستقبلية اقتصادية ومالية تعمل على طمأنة الرأي العام الأوروبي أولا ثم الأسواق المالية ثانيا. وبالنسبة لموضوع إسبانيا، تأتي الاجتماعات بعد أن تظاهر عشرات الآلاف الأربعاء في شوارع مختلف المدن الإسبانية خصوصا في العاصمة مدريد، احتجاجا على السياسة التقشفية التي تنتهجها حكومة ماريانو راخوي، ومن أجل الدفاع عن الخدمات العامة الأساسية ورفض الإنقاذ المكلف للمصارف المتعثرة.

وقد كان شعار المحتجين عبْر 60 مدينة وبلدة هو «لا تلتزم الصمت.. دافع عن حقوقك». وبالنسبة للمتظاهرين، فإن خطة الإنقاذ الأوروبية للبنوك الإسبانية التي تكلف نحو 100 مليار يورو لا طائل منها، فهم يعتبرون أن هذا الإنقاذ سرقة للمواطنين. ويرى البعض أن الحكومة اليمينية التي يقودها ماريانو راخوي تنتهج سياسة تقشفية قاسية من أجل تخفيض عجز الميزانية وتوفير ما يزيد على 27 مليار يورو. ويشمل هذا التقشف قطاعات حساسة كالصحة والتربية. ويرى البعض من المراقبين أن خطاب التهدئة الذي تعتمده الحكومة لطمأنة الأسواق القلقة من تدهور الوضع المالي للبلاد لم يؤت ثماره حتى الآن، مما يزيد في تضييق هامش المناورة لديها ويهدد باضطرارها مستقبلا إلى خطة إنقاذ شاملة وليس فقط للنظام البنكي كما يجري في الظرف الحالي. حينها ستتأثر بشكل خطير المصداقية المالية لإسبانيا وستقترب أكثر من الوضع التي تعيشه اليونان. وإسبانيا قد تقدم رسميا طلب الحصول على حزمة قروض لإنقاذ بنوكها المتعثرة، وهذا ما أعلنته مصادر إسبانية على هامش قمة مجموعة الدول العشرين الكبرى.

وقال المسؤول عن القضايا الاقتصادية الإسبانية في المفوضية الأوروبية «إسبانيا لا تحتاج إلى أي عمليات إنقاذ، لأنها بدأت في القيام بالإصلاحات وهي تتابع عملها على هذا النحو. وكان رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي قد أكد على أهمية إصلاح الاقتصاد الإسباني واتخاذ خطوات ملموسة لدمج القطاعات الاقتصادية الإسبانية». وقال راخوي «سنعمل جاهدين على تطبيق وعودنا بالإصلاحات التي يتطلبها قطاع الاقتصاد في إسبانيا، وسنعمل من أجل أن نكون دائما في قلب أوروبا العظيمة. يجب أن يكون هناك اتحاد للمصارف والتكامل المالي، لأننا نعتقد أن هذا الأفضل بالنسبة للأوروبيين، فضلا عن الإسبان».

وفي سياق متصل، خرجت مظاهرات نسائية لزوجات عمال مناجم الفحم في العاصمة الإسبانية مدريد للاحتجاج على قيام الحكومة بقطع الدعم الحكومي لقطاع المناجم. كما تجمع المئات في شوارع مدريد للدعوة إلى الخروج في مظاهرات حاشدة في العاصمة الإسبانية لمطالبة الحكومة بالعدول عن هذا القرار. وعن ملف اليونان فقد وجهت فعاليات في البرلمان الأوروبي التهنئة للحكومة الجديدة، وأعرب تكتل حزب الشعب الأوروبي عن أمنياته للحكومة الجديدة بأن تنجح في إعادة الاقتصاد اليوناني إلى طريق التنمية وتحقيق الإصلاحات المطلوبة في ظل التزامات مع الجهات التي تقدم المساعدات لليونان بعد أن صوت الشعب اليوناني لصالح البقاء في منطقة اليورو. لكن يوجد تفاؤل حذر في الشارع اليوناني بعد تعيين رئيس وزراء جديد للبلاد، وقد رصدت محطة «يورونيوز» الإخبارية الأوروبية آراء الشارع اليوناني بعد خطوة الاتفاق على تشكيل الحكومة الائتلافية لمعرفة مدى تأثيرها على تطلعات المواطنين المستقبلية. ونقلت عن مواطن يوناني قوله «رئيس الوزراء الجديد ينتمي إلى أحد أكبر الأحزاب التي دمرت اليونان من خلال إدارته السياسية. لا أحد يثق به، لهذا فالجميع يتساءل: لماذا عاد هذا الحزب مرة أخرى؟». وقال مواطن يوناني آخر «أعتقد أنهم سيحققون الأفضل لنا، لكنهم لن يخرجونا من الأزمة، لأن ذلك صعب، والأمر ليس بأيدينا، أعتقد أنه بأيدي الدول الغنية». وتقول مواطنة يونانية «لقد أنهينا تعليمنا المدرسي، والنظام التعليمي هنا ليس الأفضل، نحن ننتظر الذهاب إلى الجامعة الآن لكن لا مستقبل لنا».

وبادر الاتحاد الأوروبي إلى إعطاء اليونان مهلة عامين إضافيين لتحقيق توازن في الميزانية من أجل المساعدة قدر الإمكان على تجاوز الأزمة وإعادة الاستقرار لليونان ولباقي دول منطقة اليورو. ويرى البعض أن حكومة اليونان الجديدة بقيادة المحافظين والتي ستأخذ على عاتقها مهمة إعادة التفاوض بشأن تخفيف الإجراءات التقشفية المفروضة من قبل المانحين الدوليين والأوروبيين الذين سارعوا من جهتهم بالترحيب بالحكومة اليونانية. وقال ممثل الاتحاد الأوروبي لليونان بانوس كارفونيس «لقد سلمت رئيس الوزراء الجديد السيد سامارس خطاب تهنئة من رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو. وفي هذا الخطاب، يؤكد السيد باروزو على دعمه ودعم المفوضية لليونان من أجل تعافيها الاقتصادي.

يذكر أن الحكومة اليونانية الجديدة التي سيترأسها أنطونيوس سامارس زعيم حزب الديمقراطية الجديدة الفائز في الانتخابات الأخيرة، تضم في مكوناتها أيضا وزراء من حزب باسوك الاشتراكي وحزب اليسار المعتدل ديمار.