خبراء: رئيس مصر أمامه تحديات اقتصادية كبيرة وصلاحياته أكبر عوائق التغلب عليها

البورصة تربح 1.3 مليار دولار مع قرب انتهاء حالة الغموض السياسي

الرئيس المصري محمد مرسي سيواجه العديد من المشكلات الاقتصادية في الآونه المقبلة (أ.ب)
TT

سيواجه الدكتور محمد مرسي بعد فوزه بمنصب رئيس الجمهورية أمس تحديات اقتصادية عدة تتمثل في الدين الداخلي المتضخم وتراجع احتياطي النقد الأجنبي في البلاد وضعف معدلات النمو، وذلك بحسب ما يراه الخبراء والمحللون الاقتصاديون خلال المرحلة المقبلة، إلا أن عضوا بحزب الحرية والعدالة يرى أن أكبر التحديات التي ستواجه الرئيس هي طول الفترة الانتقالية، والسبب هو حل البرلمان والإعلان الدستوري المكمل الذي يعني أن الفترة الانتقالية لا تزال قائمة، وهو ما سيعيق الحزب من تحقيق برنامجه الاقتصادي الذي يضمن مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي في خمس سنوات بمتوسط معدل نمو سنوي بين 6.5 في المائة إلى 7 في المائة.

ووصول إجمالي الدين العام المحلي إلى مستوى تاريخي بنهاية مارس (آذار)، إلى 1183.1 مليار جنيه (196 مليار دولار)، مقارنة بـ1133 مليار جنيه (188 مليار دولار)، في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) 2011، بزيادة قدرها نحو 50 مليار جنيه (8 مليارات دولار). ووصل احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري في نهاية مايو (أيار) مقابل 15.2 مليار دولار في شهر أبريل (نيسان) الماضي.

وبحسب تقديرات البنك المركزي المصري فإن حجم الأموال التي خرجت من الأسواق خلال الفترة من يوليو (تموز) وحتى مارس من العام المالي الحالي بلغت 81.3 مليار جنيه (13.4 مليار دولار)، وظهرت من خلال تراجع صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي بمعدل 32.1 في المائة.

وقال الدكتور محمد جودة عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة إنه يجب أن نسارع في انتقال السلطة كاملة إلى الشعب المصري من خلال إعداد دستور وانتخاب مجلس شعب يعبر عن إرادة حقيقية للبلاد، ويرى أنه في حالة تحقيق تلك الأمور سيعني ذلك انتهاء المرحلة الانتقالية في البلاد، والذي سيستطيع معها الدكتور محمد مرسي رئيس جمهورية مصر، تنفيذ برنامجه الانتخابي.

وقال إن أهم شيء سينفذه رئيس الجمهورية هو إرسال طمأنة للمستثمرين في البلاد، لأنهم أحد أعمدة نهضة مصر خلال المرحلة المقبلة.

ويرى جودة أن الموازنة الحالية التي أعدتها حكومة الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الحالي لمصر لا يمكن من خلالها تحقيق أهداف البرنامج الانتخابي للرئيس. وتابع: «لنا اعتراضات كبيرة عليها، فهي لا تحقق أهداف الثورة، أعتقد أنها ستكون أول صدام بين الدكتور مرسي والمجلس العسكري، خاصة أن المجلس العسكري سيتجه إلى إقرارها خلال الفترة المقبلة».

وعقب الحكم بحل مجلس الشعب المصري نقل المجلس العسكري إلى سلطاته السلطة التشريعية، كما أصدر إعلانا دستوريا مكملا عقب انتهاء مرحلة الإعادة في الانتخابات الرئاسية يعطي المجلس العسكري مباشرة الاختصاصات المتعلقة بالتشريع وإقرار الموازنة العامة للدولة.

ويرى خبراء ومحللون أن فوز مرسي يعني سقوط نظام مبارك، وهو ما سيفسح مجالا لتيارات أخرى لتنفيذ رؤيتها الاقتصادية لمصر، وقال الدكتور إيهاب الدسوقي الخبير الاقتصادي إن المسؤولية الآن أصبحت كبيرة على عاتق رئيس الجمهورية، وعليه أن يثبت هو وحزبه أنهم قادرون على تنفيذ برنامجهم لنهوض مصر.

ويتفق الدسوقي مع الرأي السابق بأن أكبر التحديات هي الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية، فتلك الصلاحيات ستحدد قدرته على تنفيذ رؤيته للبلاد، وقد تكون عائقا يحول دون تحقيق مستهدفاته خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف: «برنامج حزب الحرية والعدالة مشجع لمناخ الاستثمار المصري بشكل عام لا سيما وأنه يتبع المنهج الرأسمالي والاقتصاد الحر.. كما أعلن الدكتور مرسي في برنامجه عن نيته في دعم الاقتصاد واستعادة معدلات النمو عن طريق جذب استثمارات خارجية وتشجيع الاستثمار الداخلي».

وقالت بسنت فهمي الخبيرة المصرفية إن المشهد الحالي يعني أنه بعد الإعلان عن فوز مرسي يعني أننا سنكون أمام تغير كامل للمشهد الاقتصادي في البلاد، وأرى أن هذا التغير سيكون للأفضل، فما أعلنوه عن سعيهم لتغيير قانون البنك المركزي المصري جيد ويعزز استقلاليته، كما أنه سيغير منهجا خاطئا يقوم به البنك المركزي حاليا وهو دعم الجنيه المصري واتجاه البنوك إلى الاستثمار في أذون الخزانة بدلا من منحها للمستثمرين لبناء مشاريع جديدة.

ويتبنى حزب الحرية والعدالة مشروعا لتعديل قانون البنوك، الذي قدمه حزب الحرية والعدالة قبل أسبوع من حل مجلس الشعب. ويركز القانون على تعزيز استقلالية البنك المركزي وتحصين المحافظ ونائبيه من الإقالة والعزل، وإشرافه على جميع البنوك العاملة في مصر، وتحديد الحد الأدنى لرأسمال المركزي بـ4 مليارات جنيه (662 مليون دولار) بدلا من مليار جنيه (165 مليون دولار) والبنوك بملياري جنيه (331 مليون دولار) بدلا من 500 مليون جنيه (83 مليون دولار)، وزيادة الحد الأدنى بفروع البنوك الأجنبية من 50 إلى 300 مليون دولار، واستبعاد العاملين في القطاع من عضوية المركزي، وهو ما حدث في تعديل المركزي الأخير في ما عرف بـ«تعارض المصالح».

وقالت فهمي إن مصر مهيأة لجذب استثمارات كبيرة خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن فرص النمو في أوروبا وأميركا منخفضة، وذلك مقابل فرص كبيرة للدول الناشئة والتي تأتي مصر على قائمتها، وهذا يعني أن وجود استقرار سياسي ورؤية سديدة للاقتصاد سينعكسان على جذب المستثمرين.

وأضافت أن جذب المستثمرين الأجانب لا يتم عبر منحهم حوافز، بل من خلال خلق مناخ آمن ومستقر، وتعتقد بسنت أن هذا من الممكن تحقيقه خلال الفترة المقبلة.

وقبل إعلان نتائج انتخابات الرئاسة، ربحت البورصة المصرية بنهاية تعاملات أمس نحو 7.6 مليار جنيه (1.3 مليار دولار) بدعم من مشتريات المصريين والعرب، وارتفع مؤشر البورصة الرئيسي «EGX30» بنسبة 3.34 في المائة ليغلق عند 4166.32 نقطة، فيما ارتفع مؤشر الشركات المتوسطة «EGX70» بنسبة 3.21 في المائة ليغلق عند 3.21 في المائة، وقال محسن عادل إن أداء البورصة استفاد من اقتراب انتهاء حالة الغموض السياسي بإعلان الرئيس الجديد، موضحا أن الأهم من انتخاب الرئيس هو تحقيق الاستقرار والتوافق الشعبي على نتيجة الانتخابات مشيرا إلى أن أداء البورصة يرتبط باستقرار الأوضاع في مصر ونتائج ما بعد الانتخابات والتوافق عليها مؤكدا أنه لا بد من التوافق بين الجميع حتى تخرج الدولة من أزمتها الاقتصادية الحالية خاصة أن مصر ينتظرها نمو اقتصادي كبير خلال الفترة المقبلة بعد الاستقرار، فمصر بها فرص استثمارية كبيرة. وتوقع عادل انخفاض مخاطرة العوامل السياسية بعد تسليم السلطة للرئيس الجديد مما يؤهل السوق لبدء التعافي واسترداد سيولته مشيرا إلى أن التعرف على سياسات الحكومة المقبلة بعد الانتخابات لا يختلف عن أهمية وجود الرئيس عند اتخاذ القرار الاستثماري.