«جدوى للاستثمار»: الاقتصاد السعودي واصل أداءه القوي خلال الربع الأول من 2012

أكدت أن النمو جاء أضعف مقارنة بالأرباع الثلاثة السابقة

تقرير «جدوى» يؤكد أن قطاع التشييد حقق أسرع معدل نمو عند 9.1% بفضل النشاط الهائل بتشييد البنى التحتية والمباني التجارية والوحدات السكنية (تصوير: خالد الخميس)
TT

قال تقرير اقتصادي صدر أمس في السعودية، إن الاقتصاد السعودي واصل الأداء القوي خلال الربع الأول من عام 2012، وذلك وفقا لآخر البيانات الخاصة بالنمو الاقتصادي، حيث نما الاقتصاد بالقيمة الفعلية - القيمة المعدلة وفقا لتغيرات الأسعار - بنسبة 5.9 في المائة مقارنة بنفس الربع من عام 2011. وأشار التقرير الصادر من شركة «جدوى» للاستثمار إلى أن النمو جاء أضعف مقارنة بالأرباع الثلاثة السابقة، حيث قالت إنه كان أكثر اعتمادا على قطاع النفط، وذلك بسبب انحسار التأثيرات قصيرة الأجل التي نجمت عن برامج التحفيز الحكومية، مؤكدا أنه على الرغم من ذلك، يظل الأداء الاقتصادي قويا حتى في حال استبعاد قطاع النفط والقطاع الحكومي.

وأضاف التقرير «على أساس سنوي، جاء النمو الذي سجله الربع الأول لعام 2012 والذي بلغ 5.9 في المائة دون مستواه في الربع الرابع لعام 2011 والذي بلغ 7.4 في المائة»، وأشارت بيانات الأداء لهذا الربع إلى أنه سجل أبطأ نمو منذ الربع الأول لعام 2011، هذا ولم يبدأ نشر بيانات عن الناتج الإجمالي الفعلي على أساس فصلي إلا منذ عام 2010.

وأكد أن ذلك التباطؤ شمل جميع القطاعات تقريبا، باستثناء قطاعي النفط والمرافق - الكهرباء والغاز والمياه - اللذين نما كلاهما بوتيرة أسرع من الربع الرابع 2011، ومع ذلك، سجلت جميع قطاعات الاقتصاد نموا.

وأكد أن قطاع النفط، الذي حقق نموا نسبته 7.7 في المائة خلال ذلك الربع، سجل أسرع معدلات النمو مقارنة بالأرباع الخمسة التي تتوفر بيانات عن أدائها، وقد تأثر هذا النمو بشدة بحجم إنتاج النفط الذي ارتفع بنسبة 13.2 في المائة خلال نفس الفترة.

ولفتت «جدوى» إلى أن إنتاج النفط يعتبر هو المحرك الرئيسي لأداء القطاع، ولذلك فإن التباين الكبير بين النمو في إنتاج النفط وقطاع النفط أمر يثير الاستغراب ومن المرجح أن يتغير في المستقبل، ونسبة لزيادة إنتاج النفط بدرجة كبيرة في يونيو (حزيران) 2011، فمن المتوقع أن يضمحل دور قطاع النفط في تعزيز الناتج الإجمالي خلال الأرباع المقبلة.

في حين حقق قطاع التشييد أسرع معدل نمو، عند 9.1 في المائة، بفضل النشاط الهائل في تشييد البنى التحتية والمباني التجارية والوحدات السكنية، كما أن المخصصات المالية الضخمة التي رصدتها الحكومة لدعم برامج توفير المساكن للمواطنين ستبقي على هذا القطاع ضمن أسرع القطاعات نموا خلال السنوات القليلة المقبلة.

وزاد التقرير الذي عنون بـ«نمو اقتصادي قوي خلال الربع الأول» أن قطاعا المرافق والنقل والاتصالات سجلوا نمو بنسب تقترب من 9 في المائة، ويعود نمو الأول إلى زيادة الإنفاق الحكومي في مجال المرافق لمجابهة الطلب المتزايد عليها، بينما يعزا نمو الثاني إلى الحاجة إلى نقل كميات ضخمة من السلع حول مختلف أنحاء المملكة - الواردات ومواد البناء - وكذلك الزيادة المستمرة في الاتصالات المتنقلة وخدمات البيانات.

وتراجع النمو على أساس المقارنة السنوية في قطاعي التصنيع وتجارة الجملة والتجزئة على حد سواء إلى أدنى مستوياته على مدى الخمسة أرباع التي تتوفر عنها بيانات، ومع ذلك لا يزال النمو قويا في كلا القطاعين وسجلا 8.4 في المائة و6.6 في المائة على التوالي. ويبدو أن التباطؤ في نمو قطاع التصنيع ناجم عن ضعف الطلب الخارجي، بينما يعود التباطؤ في قطاع تجارة الجملة والتجزئة على الأرجح إلى تقلص تأثير المكافآت التي تلقاها العاملون في دواوين الحكومة خلال الربع الأول من العام الماضي.

وقالت «جدوى»: «إذا استبعدنا قطاع النفط نجد أن تباطؤ الاقتصاد خلال الربع الأول أكثر وضوحا، حيث هبط نمو الاقتصاد غير النفطي إلى 5.6 في المائة، وهو أدنى مستوى له خلال الفترة التي تتوفر عنها بيانات، متراجعا من معدل نمو عند 8.2 في المائة في الربع الرابع».

وزادت «لأن النمو في القطاع الحكومي متراجع بوتيرة أسرع، حيث هبط إلى 2.8 في المائة فقط في الربع الرابع، نجد أن النمو الاقتصادي، بعد استبعاد القطاعين النفطي والحكومي، حقق أداء قويا بلغت نسبة نموه 6.4 في المائة. ورغم أن هذا النمو لا يتم احتسابه بنفس طريقة احتساب نمو القطاع الخاص غير النفطي، فإنه يشير إلى أن القطاع الخاص سجل مرة أخرى أداء قويا خلال هذا الربع».

وأوضحت أنه على أساس ربعي انكمش الاقتصاد بنسبة 13 في المائة، وهو تراجع يتسق مع النمط الموسمي المعتاد؛ حيث جاء النمو الربعي خلال الربع الأول من عام 2011 سالبا بنسبة 11 في المائة. وذكرت أن قطاعين سجلا انخفاضا ربعيا كبيرا في الناتج خلال الربع الأول لعام 2012، أولهما قطاع المرافق بنسبة 16 في المائة على أساس ربعي، والذي انخفض ناتجة جراء التراجع الحاد في استهلاك الكهرباء في شريحة المساكن وشريحة المحلات التجارية نسبة للانخفاض الكبير في استخدام أنظمة تكييف الهواء، وثانيهما هو قطاع النفط بنسبة 54 في المائة على أساس ربعي وقد تراجع لسبب غير معروف ولكن ليس له علاقة بإنتاج النفط.

ومن ناحية أخرى، سجل الناتج الربعي لمعظم بقية قطاعات الاقتصاد نموا من خانتين، ومرة أخرى يعود السبب إلى عامل موسمي هو عيد الأضحى الذي ظل يتزامن مع الربع الرابع خلال السنوات الأخيرة.

وتتوقع «جدوى» حدوث المزيد من التباطؤ في وتيرة النمو الاقتصادي على أساس سنوي خلال الربع الثاني، فبالإضافة إلى زيادة تراجع النمو في إنتاج النفط سيتقلص تأثير مكافأة منسوبي الحكومة بدرجة كبيرة، حيث تراجعت قيمة السحوبات النقدية من أجهزة الصرف الآلي بنسبة 10 في المائة على أساس المقارنة السنوية في أبريل (نيسان) مقارنة بارتفاع بنسبة 14 في المائة خلال الربع الأول.

وأضافت «سيؤدي تجدد تفاقم المشاكل في منطقة اليورو والتباطؤ الواضح في الاقتصاد العالمي إلى إضعاف الناتج، ولكن مع ذلك، سيواصل الإنفاق الحكومي الضخم دعمه للاقتصاد كما أن قطاع التشييد لا يزال قويا - ارتفعت مبيعات الإسمنت خلال أبريل ومايو (أيار) بنسبة 10 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي - إضافة إلى ذلك، سجل نمو القروض المصرفية على أساس المقارنة السنوية أعلى مستوى له خلال ثلاثة أعوام في أبريل وتشير الدراسات إلى زيادة سرعة توسع القطاع الخاص.

وفي ضوء متانة المعطيات الاقتصادية المحلية من جهة وزيادة عدم اليقين بشأن مسار الاقتصاد العالمي من جهة أخرى، أشارت «جدوى» إلى أنها ستبقي على تقديراتها لنمو الناتج الإجمالي الفعلي لعام 2012 عند 5.2 في المائة.