قبرص المتعثرة ماليا على دفة الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام

خبراء الترويكا يصلون إلى أثينا اليوم.. واليونانيون يطمئنون ويعيدون أموالهم إلى البنوك

علم قبرص يرفرف بجوار علم الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
TT

من المقرر أن يصل اليوم إلى العاصمة اليونانية أثينا مجموعة من خبراء الترويكا (صندوق النقد الدولي، والمفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي)، وذلك بهدف استعراض برنامج خفض العجز، ومعرفة البنود الرئيسية المدرجة في مذكرة الدائنين لليونان، التي تريد أثينا إعادة التفاوض حولها، لتخفيف العبء على المواطنين في تطبيق التدابير التقشفية الصارمة.

وفي إطار الاستعداد للقاء خبراء الترويكا، أجرى رئيس الوزراء اليوناني اندونيس سامراس، الذي يتعافى من عملية جراحية، لقاء استمر نحو ساعتين في منزله مع وزير المالية الجديد يانيس ستورناراس ونائبه خريستو ستاكورا، كجزء من الاستعدادات لوصول فريق الترويكا إلى أثينا، ووفقا للمصادر فإن ممثلي الترويكا سوف يطلبون الاجتماع مع زعماء الأحزاب الثلاثة الممثلة في الحكومة وهم اندونيس سامراس وايفانجيلوس فينزيلوس وفوتيس كوفيليس.

من جانبه قال عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي يورغ اساموسين إن القرارات الصادرة عن قمة الاتحاد الأوروبي لا تنفي التزامات اليونان لتحقيق الأهداف المالية المرجوة وتصحيح الأوضاع الاقتصادية، موضحا أن في حال بقاء الديون اليونانية سوف تبقى الأزمة كما هي والوضع سيبقى على حافة الهاوية، ولذا لا بد من العمل الإيجابي للتأكد من خفض نسبة العجز وتمكين اليونان للعودة إلى الأسواق.

إلى ذلك، ذكر مصرفيون يونانيون أن ما يزيد على 10 مليارات يورو كانت قد سحبها المودعون من البنوك اليونانية خلال الفترة ما بين الجولتين الانتخابيتين، أي ما بين 6 مايو (أيار) و17 يونيو (حزيران) بدأت تعود إلى البنوك، وأن هذه المبالغ قد تصل إلى 40 مليار يورو، وهي كل الأموال التي سحبها اليونانيون من البنوك خوفا من احتمال خروج البلاد من منطقة اليورو.

من جانبه قال رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر إنه سيتم التفاوض من جديد مع الحكومة اليونانية الجديدة حول إجراءات التقشف التي تتضمنها خطة الإنقاذ الثانية، لكنه رفض التكهن بنتائجها، ونفى يونكر إمكانية ترحيب اليونان حاليا بقرار قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة حول احتمال إعادة رسملة مباشرة للأنظمة المصرفية الإسبانية والإيطالية، واعتبر أن الوضع في إسبانيا وإيطاليا يختلف عن مثيله في اليونان لأن هاتين الدولتين تفيان بالشروط السابقة لتدعيم حساباتهما المالية.

وكانت الحكومة الائتلافية الجديدة في اليونان برئاسة المحافظ اندونيس ساماراس قد اقترحت إعادة التفاوض مع بروكسل حول إجراءات التقشف الصارمة، المرتبطة بالمساعدات الدولية، على اعتبار أنها تعزز الركود.

من جهة أخرى، تولت قبرص منذ أمس الأحد الأول يوليو (تموز) ولمدة ستة شهور، أي حتى نهاية العام الحالي، مهام الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وسوف يصبح الرئيس القبرصي ديمتريس خريستوفياس أول زعيم شيوعي للاتحاد الأوروبي، وقد تأجلت الاحتفالات بمناسبة تولي قبرص الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي التي يفترض أن تسلط الضوء على الدولة الجزيرة الصغيرة حتى تتغلب قبرص على مشكلاتها المالية، إذ إنها أصبحت الدولة الخامسة في منطقة اليورو التي تسعى لخطة إنقاذ دولي لتطرق باب منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي ملقية باللوم في مشكلاتها الاقتصادية على مشكلات جارتها اليونان.

ووفقا للمصادر فإن قبرص تحتاج إلى نحو 10 مليارات يورو لدعم قطاعها العام وبنوكها المعرضة بشكل كبير لتبعات ديون اليونان، ويتردد الرئيس خريستوفياس في أن يقترض من الاتحاد الأوروبي خوفا من فرض إجراءات تقشف مالي لا تحظى بشعبية قبل ثمانية أشهر من الانتخابات العامة.

ويؤكد المراقبون على أن قبرص سوف تؤدي عملا ناجحا خلال فترة رئاستها للاتحاد الأوروبي، لكن التحدي الأكبر هذا العام هو التفاوض على ميزانية الاتحاد الأوروبي لأعوام 2014 وحتى 2020، وأن قبرص كدولة صغيرة يمكنها أن تلعب الوسيط الموثوق به ويكون دورها إيجابيا لأنها ليس لها مصالح في مناطق كثيرة، ولكن الأوضاع السياسية الداخلية والمالية في قبرص أوضاع كارثية، وأن الرئيس القبرصي لا يحظى بشعبية كبيرة داخل بلده.

ويقع على عاتق قبرص، خلال هذه الفترة، مسؤولية إنقاذ منطقة اليورو من الفوضى المالية، ويتوقع أن يصل مسؤولون في المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع إلى قبرص لتقييم وضع النظام المصرفي والمال العام على الجزيرة المتوسطية، بهدف تحديد الحاجات المالية لقبرص، العضو في منطقة اليورو منذ يناير (كانون الثاني) 2008، والإصلاحات الواجب تطبيقها.

ومما يزيد الوضع تعقيدا أن على قبرص تنظيم النقاشات حول موازنة الاتحاد الأوروبي للسنوات السبع المقبلة ومعالجة وضعها الاقتصادي المضطرب، كما أن الشروط للحصول على مساعدة أوروبية ستكون صعبة جدا لأن الحكومة ماطلت قبل اتخاذ تدابير لتصحيح حساباتها، وعلى قبرص توفير 200 مليون يورو عبر رفع جديد للضرائب والاقتصاد للتحقق من أن عجز الموازنة يرتفع من 6,3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2011 إلى أقل من 3 في المائة العام الحالي.

من جانبه يسعى الرئيس القبرصي ديمتريس خريستوفياس إلى الحصول على قرض من روسيا أو الصين لتخفيف القيود المفروضة من الاتحاد الأوروبي، ولعام 2012 حصلت نيقوسيا من موسكو على قرض بقيمة 2,5 مليار يورو، حيث تأثرت قبرص بالأزمة المالية اليونانية لأن مصارف قبرصية عدة تمتلك كميات كبيرة من السندات السيادية اليونانية التي تراجعت قيمتها كثيرا، جراء برنامج تبادل السندات.

ويقدر محللون حاجات قبرص، ثالث أصغر اقتصاد في منطقة اليورو، بنحو 10 مليارات يورو. وسوف تحتاج الحكومة إلى 2,3 مليار يورو على الأقل لإعادة رسملة أكبر مصرفين على الجزيرة، مارفن بوبيولار بنك، وبنك أوف سايبرس، ولكن على قبرص سرعة اللجوء إلى آلية الدعم الأوروبي الهادف إلى المساعدة على مواجهة الأزمة التي تعصف بالدول الأعضاء.