اليوم الأول من العقوبات على الخام الإيراني مر هادئا

خبير نفطي لـ «الشرق الأوسط» : الأسعار ستتأثر بمتغير سياسي عسكري في مضيق هرمز

TT

مر اليوم الأول من يوليو (تموز) هادئا حيث لم تتأثر الأسواق النفطية ببدء سريان العقوبات النفطية على النظام الإيراني، بسبب برنامج طهران النووي، وكما توقع عدد من خبراء النفط تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بأن الأسعار لن تتأثر ببدء تطبيق العقوبات.

أمام ذلك قال خبير نفطي سعودي إن الأسعار ستتأثر في حال وقع متغير سياسي عسكري في منطقة الخليج في ممر هو بمثابة شريان عالمي لتأمين إمدادات الطاقة.

وقال الدكتور راشد أبا نمي، الخبير النفطي السعودي، إن الدول التي اتخذت قرار فرض العقوبات على طهران مهدت لهذه العقوبات منذ فترة طويلة وأوجدت البدائل، لأنها لن تتخذ قرارا يضر بمصالحها الاقتصادية.

كذلك أكد فضل البوعينين، خبير نفطي سعودي، إن بدء سريان العقوبات هو لمعاقبة إيران لا لمعاقبة المستهلكين، ولفت البوعينين إلى أن بدء تطبيق العقوبات في الصيف جاء لأن شحنات النفط التي يتم التعاقد عليها يكون تسليمها بعد 3 أشهر، أي أن طلبات الصيف تسلم في الخريف الذي عادة ما يشهد هدوءا في الطلب على المشتقات النفطية.

وشدد البوعينين على أن الإعلان على العقوبات في يناير (كانون الثاني) وبدء تطبيقها في يوليو كان بهدف إعطاء الدول المنتجة فرصة لرفع سقف إنتاجها، كما أشار إلى أن جزءا من الإعلان عن هذه العقوبات كان للتهيئة النفسية للمتعاملين في الأسواق النفطية بحيث تستعد الأسواق لفترة كافية لتقبل القرار.

وقال فضل البوعينين إنه إذا حدث تغير في الأسعار فسيكون مرتبطا بالمتغيرات السياسية والعسكرية في المنطقة، في إشارة منه إلى تصريح قادة عسكريين إيرانيين بشأن نشر إيران صواريخ على زوارق سريعة في منطقة مضيق هرمز.

وقال البوعينين إن الإمارات والسعودية اتخذتا خطوات احترازية لاحتمالية غلق إيران المضيق، حيث أعادت السعودية تأهيل شبكة خطوط نقل النفط من حقول المنطقة الشرقية التي تطل على الخليج العربي إلى موانئ البحر الأحمر، وهذه الخطوة تمت خلال الفترة الماضية، كما أشار إلى مد الإمارات أنبوبا لضخ النفط إلى ميناء الفجيرة خارج مضيق هرمز.

بدوره لفت الدكتور أبا نمي إلى أن العقوبات على إيران هي عقوبات فرضتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بمعنى أن الفائض في الإنتاج الإيراني الذي يقدر بـ50 في المائة سيجد مشترين له وستعمل إيران على مقايضته بالسلع التي تحتاجها، أو ستوجد طرق لبيعه بأسعار متدنية، مما سيخلق موازنة في السوق النفطية.

في المقابل قللت إيران من تأثير الحظر النفطي الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي على الخام الإيراني بدءا من يوم أمس، واعتبرت أن العقوبات لن يكون لها «أي تأثير» على اقتصادها.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد نقلت وسائل يوم أمس عن وزير النفط الإيراني، رستم قاسمي، قوله إن «تطبيق أعدائنا عقوبات اعتبارا من اليوم لا يطرح أي مشكلة، فلم ولن يكون لها أي تأثير»، لأن «الحكومة اتخذت القرارات اللازمة وهي مستعدة تماما لمواجهتها».

وأضاف الوزير أن «النفط الإيراني ما زال يباع في الأسواق الدولية وتوقف قسم من الصادرات إلى أوروبا فقط»، مؤكدا أن إيران وجدت «زبائن جددا» من دون تحديد هويتهم.

إلا أن إيران يوم أول من أمس عقدت اجتماعا طارئا في «أوبك» لدعم الأسعار. يشار إلى أن إيران كانت تنتظر ارتفاعا في الأسعار يعوض النقص في الخام المصدر.

وتفرض العقوبات حظرا كاملا على شراء ونقل النفط الإيراني الذي لم تعد تكفله شركات التأمين الأوروبية التي تغطي 90 في المائة من النشاط البحري النفطي العالمي.

يقول تركي الحقيل، خبير اقتصادي سعودي، إن هذه الخطوة دفعت شركات تأمين إيرانية خاصة لتوفير تغطية للسفن وناقلات الخام التي تبحر في مياه إيرانية، ويضيف الحقيل أن حل مشكلة التأمين على نقل الخام الإيراني يعني أن يتحمل المنتج (إيران) تكاليف نقل الإمدادات إلى العملاء.

أمام ذلك نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن كوريا الجنوبية أعلنت هذا الأسبوع «تعليق» وارداتها النفطية من الخام الإيراني مؤقتا لأنها لم تتوصل إلى حل مشكلة تأمين ناقلات النفط.

وفي موازاة ذلك، حصلت الولايات المتحدة من زبائن كبار لإيران، خصوصا آسيويين، على تخفيض وارداتهم من النفط الإيراني الخام لتفادي عقوبات تجارية ومالية قررتها واشنطن ضد الشركات التي تتعامل مع إيران.

وقدرت وكالة الطاقة الدولية أن تكون هذه العقوبات، التي أعلنت في يناير الماضي، قد تسببت منذ بداية السنة في انخفاض صادرات النفط الخام الإيراني بنسبة 30 في المائة لتصل في مايو (أيار) إلى 1.5 مليون برميل في اليوم مقابل أكثر من 2.1 مليون برميل في اليوم أواخر 2011.

ويرفض المسؤولون الإيرانيون هذه التقديرات ويؤكدون في المقابل أن الصادرات مستقرة بنحو 2.1 مليون برميل يوميا، وأن إنتاج إيران ارتفع إلى 3.75 مليون برميل في اليوم.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن وزير الاقتصاد، شمس الدين حسيني، قوله إن «إعلان دخول العقوبات حيز التطبيق يهدف فقط إلى خلق أجواء متوترة نفسيا لأنها ليست جديدة».

وقلل رئيس شركة النفط الوطنية، أحمد قالباني، أيضا من تأثير الحظر الغربي، مؤكدا أن إيران تصدر حاليا نحو مليوني برميل يوميا.

وأكد أن الاتحاد الأوروبي ما زال يشتري «ما بين 200 و300 ألف برميل يوميا» من النفط الخام الإيراني رغم الحظر، مقابل 600 ألف برميل نهاية 2011.

كما أعلنت الصين، وهي أكبر زبائن إيران، أنها لن تخضع للضغوط الأميركية، لكن لا يبدو أنها استفادت من الحسومات الكبيرة التي وافقت عليها طهران خلال الأسابيع الأخيرة حسب الأوساط المتخصصة، لشراء مزيد من النفط الإيراني مقارنة بـ2011، في حين أرجع الحقيل خفض الواردات الصينية من النفط الإيراني إلى قضايا التسعير، وليس علامة على أن الصين تتعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الحظر والعقوبات التي تم فرضها على إيران، وفي ذات السياق خفضت الهند وارداتها إلى النصف من النفط الإيراني ليصل إلى حدود الـ250 ألف برميل يوميا.

وخلافا للتوقعات الإيرانية، فإن تطبيق هذا الحظر لم يسبب توترا في الأسواق النفطية، حيث انخفضت الأسعار على العكس أكثر من 20 في المائة منذ مارس (آذار)، ويفسر هدوء الأسعار بأن دول الخليج العربية السعودية والكويت والإمارات، أخذت على عاتقها سد أي نقص في إمداد الأسواق العالمية بالطاقة، وتنتج السعودية وحدها 10.4 مليون برميل يوميا في حين ما زالت تمتلك فائضا من الطاقة الإنتاجية تزيد على مليوني برميل.

وأعلن وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، أمس، الأحد، أن العقوبات ضد إيران التي دخلت حيز التنفيذ اليوم وتعتبر «الأقسى» التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي، تظهر تصميمه على «تكثيف الضغط الدبلوماسي» على هذا البلد، داعيا طهران إلى «التعاون».

وأكد الوزير أن «عقوبات نفطية لا سابقة لها دخلت حيز التنفيذ اليوم»، مضيفا أنها «الإجراءات الأقسى التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي حتى الآن ضد إيران، وتظهر تصميمنا الفعلي على تكثيف الضغط الدبلوماسي على الحكومة الإيرانية».