«جدوى» للاستثمار: الأثر الإيجابي للرهن العقاري على سوق الأسهم سيكون واضحا

قالت إن جني الفوائد الكاملة لنظام الرهن العقاري سيستغرق بعض الوقت

تؤكد «جدوى» أن قانون الرهن العقاري سيسهم في معالجة مسألة التمويل، إلا أن ذلك لن ينعكس فورا على توفر المساكن أو مقدرة الأفراد على شرائها (تصوير: خالد الخميس)
TT

قالت شركة «جدوى» للاستثمار إن جني الفوائد الكاملة لنظام الرهن العقاري سيستغرق بعض الوقت، مشيرة إلى أن الأثر المباشر ربما يكون محدودا على المدى القصير.

وأشارت «جدوى» في تقريرها على نظام الرهن العقاري الذي صادق عليه مجلس الوزراء السعودي بتاريخ 2 يوليو (تموز) إلى أنه يعتبر خطوة هامة في توسيع المقدرة على امتلاك المساكن والتعاطي مع إحدى القضايا الاجتماعية الملحة للكثيرين في السعودية فضلا عن فوائده الكثيرة للاقتصاد.

وذكرت أن إجازة قانون الرهن العقاري استغرق عدة سنوات وكان من بين أسباب ذلك أن القانون اقتضى تشريعا معقدا، فبدلا عن قانون واحد تمت المصادقة على حزمة من 5 قوانين لا توفر الإطار العام لتطبيق عقود الرهن العقاري فحسب بل تعالج مسألة التسجيل العقاري وإنشاء شركات التمويل.

وأضافت: «لا تزال السياسات العامة واللوائح التنفيذية وإجراءات منح التراخيص قيد الإعداد ويتعين إصدارها خلال 90 يوما من تاريخ إجازة النظام. وبموجب أنظمة الرهن العقاري سوف يتم اعتماد صيغة الإيجارة في توفير التمويل».

وأكد تقرير «جدوى» للاستثمار أن التقديرات حول ملكية المساكن تتباين في السعودية، لكن تشير بصفة عامة إلى أن أقل من نصف سكان المملكة يملكون مساكن خاصة بهم. ويعزى ذلك في الأساس إلى أنه ليس في مقدور المواطنين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط تحمل تكلفة امتلاك مسكن خاص، مما ساهم في خلق عجز في المساكن لهذه الشرائح من السكان.

حيث كان نتيجة ذلك أن ارتفعت الإيجارات بصورة حادة - بمتوسط سنوي بلغ 11.4% بين عامي 2007 و2011 - وأصبح توفر السكن بتكلفة معقولة يمثل هاجسا للكثيرين، وتوفر البنوك وبعض شركات التطوير العقاري تمويل المساكن منذ فترة إلا أنها وبصفة عامة تلجأ لفرض معايير متحفظة مما أدى للحد من انتشار تطبيق الرهن العقاري.

ويشكل الدين بضمان الرهن العقاري نحو 2% فقط من الناتج الإجمالي في السعودية، مقارنة بأكثر من 70% من الناتج الإجمالي في الولايات المتحدة وبريطانيا.

ويتلخص التخوف الرئيسي لمؤسسات الإقراض في الغموض القانوني بشأن الحجر على العقار المرتهن، وتتمثل أهمية نظام الرهن الجديد في أنه ينظم عملية نزع العقار وبالتالي يمنح مؤسسات التمويل العقاري المزيد من الثقة في تقديم القروض، وينص النظام الجديد على أن الدائن يتقدم على جميع الدائنين في المرتبة في استيفاء الدين في حال إعسار المدين.

وأضاف التقرير «من شأن سهولة الحصول على التمويل العقاري أن يؤدي إلى تطوير معايير البناء والارتقاء بمستوى الشفافية، حيث يتوجب على المطورين العقاريين الحصول على الترخيص اللازم، ويؤكد على قابلية العقار للرهن، مما يشجع المطورين على التوسع وشراء مواد البناء مثل الأسمنت بكميات كبيرة ويؤدي بالتالي إلى خفض الأسعار».

وتوقعت «جدوى» أن يساهم القانون الجديد في تسهيل إجراءات تسجيل الأراضي والعقار، ويحد من ادعاء عدة أطراف امتلاك قطعة أرض واحدة وهي مشكلة حالت دون تطوير بعض الأراضي.

وتابعت: «في حد ذاته لا يعتبر تمرير نظام الرهن كافيا للانتقال فورا إلى سوق نشطة، فهناك حاجة إلى آلية تستطيع البنوك من خلالها شطب هذه القروض من ميزانياتها العمومية، وتتضمن القوانين إنشاء مؤسسات تقوم بشراء الرهون من المقرضين ومن ثم تسنيدها توطئة لبيعها إلى المستثمرين، ومن شأن هذا الإجراء أن يؤدي إلى إنعاش سوق الصكوك في السعودية ما ينعكس بالمنفعة على جميع الشركات المحلية، أما على المدى القصير فربما يؤدي عدم وجود سوق للدين طويل الأجل إلى تعقيد عملية تسعير الرهن».

وينضوي التوسع في تملك المساكن على منافع اقتصادية كبيرة وفقا لـ«جدوى»، حيث يعتبر المسكن أصل يستطيع الفرد استخدامه كضمان للحصول على قرض وبالتالي استغلال هذا القرض لتمويل أعمال تجارية صغيرة أو مشاريع أخرى منتجة.

كذلك يعتبر المسكن أصلا تزداد قيمته بمرور الوقت وبالتالي فهو مصدر مهم لتنمية الثروة، علاوة على ذلك، من شأن التوسع في تملك المساكن أن يسهم في حفز الاستهلاك المحلي حيث يتفوق إنفاق أرباب المنازل في مشتريات الأثاث والسلع المنزلية على ملاك العقار في الغالب. ورغم المنافع الجلية للنظام على المدى الطويل إلا أن «جدوى» لا ترجح استجابة فورية كبيرة، ذلك أن مؤسسات الإقراض تحتاج لاختبار نظام الرهن قبل الاقتناع الكامل به الأمر الذي يتطلب بعض الوقت وحدوث حالات إخفاق منتظمة في السداد من المقترضين الجدد، وربما لا يقتنع الدائنون بالكامل بالتشريع الجديد إلى حين معرفة المقدرة على استرداد الموارد من بيع العقار المنزوع؛ يشترط القانون البيع عن طريق المزاد في حالة النزع الجبري.

إضافة إلى ذلك، ربما يلجأ الكثير من طالبي الرهن إلى تأمين التمويل لبناء مساكنهم من الصندوق العقاري عوضا عن مؤسسات الإقراض، وقد لجأت حكومة السعودية إلى رفع موارد صندوق التنمية العقاري الذي توظفه في تمويل المساكن - وبالتالي مقدرته على الإقراض - بدرجة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، كان آخرها في مارس (آذار) 2011، بقيمة بلغت 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار).

كما أشارت إلى أنه تم إجراء إصلاحات داخلية بهدف ضمان صرف الأموال إلى مستحقيها بصورة أسرع، مرجحة أن تأتي قروض الصندوق العقاري أرخص من قروض الرهن، وأن تكون إجراءات الحصول عليها أسهل لكثير من المقترضين، رغم أن بعض موارد ميزانية الصندوق ستخصص لتوفير ضمانات للرهون التي يصدرها القطاع الخاص. وأكدت أنه على الرغم من أن قانون الرهن العقاري سيسهم في معالجة مسألة التمويل، فإن ذلك لن ينعكس فورا على توفر المساكن أو مقدرة الأفراد على شرائها، وربما يؤدي ارتفاع الطلب الناتج عن توفر الرهون إلى رفع أسعار المساكن على المدى القصير وربما يتسبب في رفع تكلفة الأرض وهو أمر ظل يشكل عائقا أمام توفر المساكن لذوي الدخل المنخفض والمتوسط في الماضي.

وتعتقد «جدوى» أن منافع نظام الرهن العقاري وإحساس الفرد به يتطلب بعض الوقت إلا أن أثره الإيجابي على سوق الأسهم سيكون واضحا رغم احتمال تراجعه بعد انقضاء الفورة الأولى، وبغض النظر عن ذلك، فإن الملامح المستقبلية بفضل إجازة قانون الرهن العقاري تعتبر واعدة لقطاعات معينة على المدى الطويل.

وحول تأثير الرهن العقاري على سوق الأسهم العقارية والقطاعات ذات الصلة فإن البنوك ستكون المصدر الرئيسي للتمويل العقاري وستحظى الأكثر تغلغلا بينها في سوق التمويل الشخصي بالفائدة الأكبر، في حين سيكون دور التأمين، من خلال وجوب حاملي الرهن العقاري الحصول على بوليصة تأمين لتغطية المخاطر المرتبطة بالقروض الكبيرة طويلة الأجل.

في الوقت الذي أكدت أن الكثير من شركات التطوير العقاري المدرجة في السوق ستركز على مشاريع بعينها وقد درج بعضها أيضا على توفير التمويل لتشييد المساكن في السابق، رغم ذلك، يتيح القانون لشركات التطوير لعب دور أكبر في توفير المساكن في المملكة.

كما أن تأثير على قطاع الإسمنت والبناء والتشييد، فإنه سيكون بمرور الوقت فسيؤدي نظام الرهن العقاري إلى زيادة حجم أعمال التشييد والبناء في مجال المساكن ما يدعم أرباح الشركات العاملة في مجال توفير المواد الخام الضرورية وخدمات البناء.

كما يقتضي النظام إدراج شركات الرهن العقاري الجديدة في سوق الأسهم المحلية وهي عملية يجب التعاطي معها بحذر لتفادي الاضطراب الذي اكتنف أسهم شركات التأمين.