بنوك سعودية تكسر حاجز مخاوف القطاع المصرفي من تمويل مشاريع الطيران المدني

بعد تمويل مشروع مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة

البنوك السعودية كانت محجمة تماما عن تمويل مشاريع الطيران المدني لتخوفها وعدم خبرتها في هذا المجال («الشرق الأوسط»)
TT

كسر القطاع المصرفي حاجز المخاوف من تمويل مشاريع الطيران بعد دخول 3 بنوك كممول رئيسي لأول مرة في السعودية لتمويل تكاليف إنشاء مشروع مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة، والذي طرحه بالشراكة مع القطاع الخاص.

وتشير مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن البنوك السعودية كانت محجمة تماما عن تمويل مشاريع الطيران المدني لتخوفها وعدم خبرتها في هذا المجال مما دفع بعض المستثمرين للجوء إلى بنوك أجنبية لتمويل مشاريعها، ودفع ذلك الهيئة العامة للطيران المدني إلى عقد لقاءات مع البنوك لإيضاح الفرص الاستثمارية والعوائد المجزية التي يقدمها قطاع الطيران بالشراكة مع القطاع الخاص.

وقال خبراء اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» إن دخول البنوك كممول لمشاريع الطيران المدني يعزز الثقة في نجاح مشاريع القطاع الحيوي مدعوما بمؤشرات الطلب المتنامي على السفر في البلاد، خاصة في ظل تطوير وإنشاء الكثير من المطارات، مؤكدين أن التوجه واضح لهيئة الطيران المدني كمشرع في فتح المجال لدخول شركات طيران جديدة، مما يجعل البنوك تحرص على أن تكون طرفا في تمويل تلك الشركات.

وأوضح الدكتور سعد الأحمد الخبير الاقتصادي في صناعة الطيران المدني أن البنوك السعودية اليوم تتسابق بحذر نحو المشاريع غير التقليدية ومنها صناعة النقل الجوي كتمويل شراء الطائرات أو تمويل وإنشاء المطارات، مشيرا إلى أن خطوة البنوك تأتي في وقت أدى فيه انهيار وتراجع سوق الأسهم إلى انخفاض رافد كبير يتمثل بالمرابحة في التسهيلات وعوائد عمليات بيع وشراء الأسهم مما يدفع إلى البحث عن البدائل، لافتا إلى أن البنوك في العالم الاقتصادي تعاني من شح مواردها التقليدية بسبب تردي الاقتصاد العالمي والتناقص في المشاريع الجديدة إضافة إلى تكبدها خسائر كبيرة من روافدها التقليدية كالتمويل العقاري كما حصل في أميركا والكثير من دول العالم.

وكان الأمير فهد بن عبد الله آل سعود، رئيس الهيئة العامة للطيران المدني في مدينة جدة (غرب السعودية) وقع بداية الأسبوع الجاري وثائق الإغلاق المالي لمشروع تطوير وتشغيل مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة، مع البنوك السعودية الممولة للمشروع والمستثمر مشغل المطار شركة «طيبة» لتطوير المطارات.

وبالعودة إلى الأحمد الذي أكد أن الحركة الجوية - عدد إقلاع وهبوط الطائرات وعدد المسافرين عبر المطار - يعد العامل الرئيسي في الوصول إلى نقطة التعادل، ولذلك فإن المطارات الكبرى تكون الأقدر على الوصول سريعا لعوائد كبيرة تغطي التزامات التمويل وبسبب ارتفاع التكاليف فقد ازداد الاهتمام العالمي اليوم بالبحث عن طرق هندسية لإنشاء ما يسمى بالمطارات الاقتصادية، التي تبنى بتكاليف معقولة وفي نفس الوقت تؤمن جميع سبل الراحة والخدمات للركاب، مبينا أن هناك هوة كبيرة بين التكلفة الشاملة للمطارات المركبة من تكلفة إنشاء ومن ثم صيانة وتشغيل المرافق والطرف الثاني في المعادلة وهي عوائد المطارات.

من جانبه قال فضل سعد البوعينين الخبير الاقتصادي البنوك السعودية لا يمكن أن تتردد في تمويل المشروعات الوطنية، والشركات المحلية، إلا أن قرار التمويل يتخذ وفق معايير ائتمانية صارمة تضمن للبنوك المقرضة سلامة أموالها، واستردادها مستقبلا مع الأرباح؛ ومن هنا تضطر البنوك في بعض الأحيان إلى الإحجام عن قطاعات محددة بسبب ارتفاع المخاطر، إلا أن ذلك لا يعني استحالة الإقراض بل يعني صعوبته، إضافة إلى تكلفته العالية التي تتحملها الجهة المقترضة لأسباب مرتبطة بارتفاع عنصر المخاطرة.

وأوضح البوعينين أن قطاع الطيران ربما يكون من القطاعات الجديدة التي تحصل فيه الشركات الوطنية على تمويلات من البنوك السعودية، وهذا يعود في الدرجة الأولى لتغير سياسة الهيئة العامة للطيران وعلاقتها مع الشركات الوطنية، وتركيزها على التطوير والتشغيل وفق الإسناد المباشر للشركات الوطنية.

وزاد: «أعتقد أن للضمانات الحكومية المقدمة دور رئيسي في توقيع الاتفاقية مع البنوك السعودية، ومن هذا الجانب فإن الحكومة أسهمت في على الحكومة أن تقوم بدور رئيسي في عملية حصول الشركات الوطنية على التمويل المناسب من البنوك المحلية من خلال تقديمها الضمانات المناسبة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الدول تقوم بتقديم ضمانات التمويل للمشروعات الاستراتيجية ولتنشيط عمليات الإنتاج، ففي النهاية تريد البنوك أن تضمن أموال مودعيها التي تقرضها للمتمولين، وهذه الضمانة لا يمكن توفيرها بمعزل عن الحكومة خاصة في المشروعات الضخمة التي تحسب تكلفتها بالمليارات.

وأضاف: «هناك جانب مهم فيما يتعلق بتمويل مشروعات الطيران، أو المشروعات الضخمة الأخرى، فحجم التمويل يقف عائقا في بعض الأحيان أمام دخول المصارف السعودية فيه، فمعايير الملاءة المالية تتحكم في قدرة المصارف على التمويل، إضافة إلى استحالة تركيز المصارف على قطاع واحد، أو مشروع يمكن أن يستنزف قدراتها المالية؛ فتوزيع المخاطر إضافة إلى أنظمة الائتمان المحلية قد تحول دون الاستئثار بالجزء الأكبر من المحفظة الائتمانية المتاحة».

وأكد أن دخول المصارف لتمويل شركات تطوير وتشغيل المطارات أمر إيجابي ولا شك، إلا أنه ينبغي التنبه إلى حاجة القطاعات الأخرى للتمويل، وذلك من خلال تفعيل دور سوق الصكوك والسندات والاعتماد عليه كمصدر رئيسي لتوفير التمويل للشركات والمشروعات الكبرى، وأن تكون البنوك السعودية وسيطة بين الشركات والمستثمرين الراغبين في التمويل مقابل أرباح جيدة، مع توفير الحكومة الغطاء الضامن لتلك الصكوك.