تطبيق قانون إيقاف شرائح الهواتف المجهولة يهوي بسوق الأرقام المميزة

ارتفاع الخسائر ينتظر المستثمرين فور التطبيق.. وحديث عن انخفاض مبيعات بنسبة 30%

TT

في أول ردة فعل عكسية على قرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، والذي ينص على ربط إعادة شحن شرائح الاتصالات مسبقة الدفع برقم الهوية، فقدت الأرقام المميزة التي تقدمها الشركات المحلية هناك جزءا كبيرا من قيمتها يصل إلى الثلث، على الرغم من عدم تفعيل القرار على أرض الواقع بعد، في سوق تجد إقبالا كبيرا من قبل السكان المحليين الذين يهتمون باقتناء مثل هذا النوع من الأرقام.

وبحسب متعاملين مهتمين، أفصحوا عن أن السوق التي تقدر حجمها بمئات الملايين من الريالات، مرشحة وبقوة أن تفقد قيمة أكبر مما فقدتها حتى الآن، مما يعني أن استثمارات كثير من المحال والأشخاص المهتمين في خطر حقيقي، متوقعين أن تكون أهم أسباب فقدان السوق لهذه القيمة هي وجود مديونيات لشركات الاتصالات على الأشخاص الذين يريدون تسجيل الشريحة بأسمائهم، إضافة إلى عدم تفضيل معظم المشترين أن تسجل الشريحة بأسمائهم لأسباب مختلفة.

وقال محمد الطلحة الذي يمتلك متجرا لبيع الشرائح مسبقة الدفع، بأنهم «قبل إقرار القرار كانوا يعتمدون وبشكل كبير على بيع الشرائح التي لا تحمل هوية، وأن قلة قليلة تفضل أن تسجل الشريحة بأسمائهم»، لافتا إلى أن مصدر رزقهم أمام مأزق حقيقي، بعد هذا القرار الذي أثر في تقليص مبيعاتهم إلى مستويات كبيرة، وأنهم اضطروا إلى خفض أسعار الشرائح بدرجات كبيرة، لتبقى الشرائح المتراكمة في أدراج المحلات، التي قد تتحول خلال الأيام القليلة المقبلة إلى شوكة في حلوقهم، عندما يعزف العملاء عن اقتنائها فور تطبيق النظام.

ويأخذ شراء الأرقام المميزة اهتمامات كثير من الشباب في السعودية، نتيجة للمباهاة أو لتسهيل حفظ الرقم من قبل الأصدقاء أو العائلة أو غيرهما.

وبالعودة إلى الطلحة فإنه أكد وجود أسباب مختلفة في ابتعاد الزبائن عن الشراء بعد هذا القرار، الذي وصفه بالقاتل الذي سيجهز على ما يمتلكه من رأسمال قدره بعشرات الآلاف التي قد تتبخر في ليلة وضحاها، عندما يستمر القرار ما لم تتدارك الهيئة المعضلة التي سببتها لهم، مشيرا إلى أنهم سيحاولون مخاطبة الهيئة في تأجيل القرار، أو وضع بعض الاستثناءات للمستثمرين الذين يعتمدون عليها في الصرف على عائلاتهم وأسرهم.

وكانت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الحالي عن البدء في تطبيق ربط شحن شرائح الاتصالات مسبقة الدفع للهاتف الجوال أو إعادة شحنها أو تحويل رصيدها برقم الهوية الذي تم بموجبه الاشتراك في الخدمة اعتبارا من تاريخ 31 من يوليو (تموز) الحالي، وذلك بعد أن استكملت الترتيبات والإجراءات اللازمة لتطبيق هذا القرار.

وفي شأن متصل أوضح بندر العيد المستثمر في سوق الشرائح المميزة، بأنهم أمام خطر حقيقي يهدد مصادر أرزاقهم، فقرار مثل هذا قد يدفعهم إلى إيقاف أعمالهم بشكل كامل؛ لأنه ومنذ أن تم صدور القرار تقلص العملاء بأعداد كبيرة، خصوصا أن القرار تم تداوله وانتشاره على مستويات كبيرة من خلال المواقع الاجتماعية، مبينا أنهم يعارضون مثل هذا القرار الذي تسبب وسيتسبب في الأيام المقبلة بالخسائر المتتابعة، موضحا أنهم اضطروا إلى إجراءات سريعة للاستغناء عن ثلث أسعار الأرقام المميزة، وذلك لترغيب العملاء في الشراء. وأضاف: «أمتلك مئات الأرقام المميزة التي لا يقل سعر أدنى شريحة فيها عن 150 ريالا (40 دولارا)، ولك أن تصعد بالأسعار إلى أن تصل إلى 3 آلاف ريال (800 دولار) وهو أغلى رقم بحوزتي»، متسائلا عن مصيرها إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، ودخل القرار حيز التنفيذ، وأن هناك عشرات المستثمرين الذين يمتلكون أضعاف ما يمتلكه، بمعنى أنها سوق لا يمكن أن يستهان بها، وأن هناك كبارا من المستثمرين الذين يمتلكون آلافا من الأرقام تقدر أسعارها بملايين الريالات.

وكانت الهيئة، قد أكدت في مؤتمر صحافي سابق لها عن التزامها بعدم استخدام أي شرائح اتصالات مسبقة الدفع مجهولة الهوية، وضرورة أن تكون بيانات المشترك لدى مقدم الخدمة صحيحة ومحدثة، مبينة أنه لن يتم قبول شحن أي شريحة مسبقة الدفع أو إعادة شحنها أو تحويل الرصيد، ما لم يقم المشترك بإدخال رقم الهوية مطابقا لرقم الهوية الذي تم بموجبه الاشتراك في الخدمة، مشيرة إلى أن الإجراء يأتي ضمن جهود الهيئة للحد من انتشار شرائح الاتصالات مسبقة الدفع غير النظامية.

وفي صلب الموضوع بين سعد القريني الذي يمتلك كثيرا من محال تبيع الشرائح المميزة، أن عزوف المشترين عن شراء الأرقام وتسجيلها بأسمائهم، يعود في المقام الأول إلى وجود فواتير مسبقة على العميل، لا يمكنه جراء ذلك تسجيلها باسمه، نظرا لإرغامه على التسديد ودفع المبالغ المستحقة سلفا قبل تسجيلها باسمه، وأن هذا هو السبب الأساسي لضعف الإقبال خلال هذه الأيام، وهو ما يعكس تخوفهم من توقف خدمتها، عند تطبيق القرار بشكل جدي على أرض الواقع.

كما أوعز القريني إلى أن بعض المشترين، لا يودون أن يتم تسجيل الشرائح بأسمائهم ليتمتعوا بالخصوصية، خصوصا أن بعض برامج الأجهزة اللوحية الحديثة، تكشف أسماء أصحاب الشرائح مما يعتبرونه تعديا على خصوصياتهم، ولم ينكر القريني أن البعض يستخدم الشرائح المجهولة لغرض الإزعاج ولأغراض سلبية أخرى، إلا أن الإيجابية في الموضوع تطغى وبشكل ملاحظ على سلبياته، لافتا إلى أن القرار سيغير دفة تجارة الشرائح المميزة بشكل جذري وأن عليهم أن يستوعبوا القرار بشكل يخدم مصالحهم. يشار إلى أن سوق الاتصالات السعودية تعد من الأسواق المهمة التي تشهد نموا ملحوظا خلال فترات متتالية، خصوصا بعد قرار الحكومة بعدم احتكار القطاع ودخول شركات أجنبية إلى السوق المحلية، الأمر الذي عزز من فرص التنافس.

وبلغ حجم الاستثمارات بقطاع الاتصالات نحو 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) وذلك حسب أحدث تقرير متخصص للاتصالات السعودية صدر حول قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وقد أسهم هذا الاستثمار في خلق نحو 60 ألف موطن شغل جديد سنويا مما يسهم في تحسين إجمالي الناتج المحلي ليصل إلى حدود 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار).