معرض فارنبرة في دورة 2012 يستكشف السفر السياحي إلى الفضاء

الطائرة «787 دريم لاينر» تطير فيه بألوان «القطرية»

مشهد جوي لمعرض فاربنره («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت أمس نشاطات معرض فارنبرة الدولي للطيران، بإعلان من شركة «بوينغ» عن بيع 75 طائرة لشركة تأجير أميركية في صفقة قيمتها 7.2 مليار دولار، لنوعي «ماكس 8» و«ماكس 9» ضمن عائلة 737. ومن المتوقع أن تعلن الشركة المزيد من الصفقات خلال أيام المعرض، بينما تتوقع أن يأتي الرد في الأيام المقبلة من شركة «إيرباص».

وشمل المعرض، الذي يعقد كل عامين في مدينة فارنبرة في مقاطعة هامشير على بعد 30 ميلا جنوب غربي لندن، جناحا يضم صناعات الفضاء وعروضا جوية شملت طائرة «بوينغ» الجديدة «787 دريم لاينر» بألوان الخطوط القطرية والعملاقة ««إيرباص 380» والكثير من الطائرات العسكرية، وأهمها أنواع «يوروفايتر» و«إف 18 سوبر هورنيت» الأميركية وطائرات هليكوبتر من شركة «ويستلاند». وشارك في العرض أيضا فريق «رد أروز» الاستعراضي وطائرات تورنادو وهوك من سلاح الجو البريطاني.

ولم يتميز اليوم الأول بصفقات هائلة، باستثناء صفقة «بوينغ»، كما كان الحال في معارض ما قبل الأزمة المالية منذ أربع سنوات. ومن المتوقع أن تكون معظم الصفقات في قطاع الطائرات الصغيرة. وأعلنت شركة «إيرباص» أنها بصدد افتتاح مصنع لها في أميركا، مما يعني غزوا لـ«بوينغ» في عقر دارها. ولكن طائرة الشركة العملاقة للشحن واسمها: «إيه 400 إم» بقيت على أرض المعرض من دون مشاركة في العرض الجوي.

وشملت المشاركة العربية أجنحة للإمارات وقطر والبحرين. وأكد جناح الإمارات أن شركة «بوينغ» سلمت الطائرة السادسة والأخيرة من طراز «سي 17» للشحن وهي طائرات تستخدمها الإمارات في عمليات الإغاثة الإنسانية والاستجابة للكوارث الطبيعية. كما طالبت شركة «طيران الإمارات» شركة «بوينغ» بسرعة البت في قرار تطوير طائرة جديدة تخلف طراز 777 الذي سيبدأ في التقاعد بداية من عام 2017. وتستعد «إيرباص» لتدشين طراز منافس تحت اسم «إيه 350». ولكن يبدو أن «بوينغ» مشغولة الآن بتدشين طراز 787 الذي يتوقع رئيس الشركة جيم ماكنيرني أن يكون حجم مبيعاتها نحو 400 مليار دولار.

وقال يوسف محمد محمود، القائم بأعمال مدير إدارة العلاقات العامة والتسويق، في جناح البحرين في فارنبرة أن معرض البحرين المقبل الذي يقام في بداية عام 2014 قد تم حجز نسبة 65% من مساحته. وقال: إن هناك شراكة تربط بين معرض البحرين ومعرض فارنبرة. وأضاف أن معرض البحرين يعقد مناصفة بين الطائرات المدنية والعسكرية وأنه يضم عرضا جويا بالإضافة إلى الطائرات المعروضة أرضا. وقالت مصادر في جناح قطر إن طائرات 787 الجديدة سوف تسافر على رحلات تربط أوروبا بأستراليا عن طريق الدوحة. وتعتزم الشركة تسيير 3 رحلات أسبوعيا إلى مدينة بيرث الأسترالية. وكانت الخطوط القطرية قد طلبت 30 طائرة من طراز 787 قيمتها 13.5 مليار دولار مع خيار لعدد مماثل من الطائرات. وتأخر التسليم نحو عامين بسبب مشاكل فنية. وتوفر الطائرة مساحات أكبر وخدمات أفضل للركاب في كل فئات السفر داخلها.

وشارك الروس بجناح ضخم ضم طائرات عسكرية مثل ميغ - 35 وميغ 29 إس إم تي وسوخوي 35. كما قدمت شركة «سوخوي» طائرة مدنية في القطاع الصغير اسمها «إس إس 100»، وهي مستخدمة بالفعل من شركة «ايروفلوت» الروسية. وعرضت شركات روسية نماذج من طائرات هليكوبتر أيضا.

ولفتت شركة «فرجن» الأنظار بنموذج لطائرة «غالاكتيك - 2» التي تعتزم أن تطلقها في رحلات طيران إلى خارج الغلاف الجوي بركاب ثم العودة للهبوط في مطارات عسكرية أميركية. وتجري الطائرة تجارب حاليا على محركها الصاروخي. وهي تنطلق على جناح طائرة مخصصة لحمل المركبة المكوكية إلى حافة الغلاف الجوي ثم الانطلاق الصاروخي بعدها إلى الفضاء والعودة منفردة إلى سطح الأرض. وهناك حجوزات بالفعل على رحلات الطيران إلى الفضاء على متن هذه الطائرة بسعر 200 ألف دولار للتذكرة.

وكان واضحا أن القطاع العسكري في المعرض لا يعكس زخم الإثارة والحيوية مثلما كان الحال في المعارض السابقة بسبب خفض الميزانيات العسكرية في معظم الدول الغربية، وخصوصا في الولايات المتحدة. وقال تقرير من شركة «أكسنشر» الاستشارية إن على شركات صناعة الطيران أن تلتزم بإجراء تحسينات في عملياتها لكي تقدم الطائرات في مواعيدها وبالتكلفة المتفق عليها. من ناحية أخرى، أعلنت شركة «بومبارييه» أنها حصلت على تعاقد لبيع 15 طائرة إقليمية من طراز «سي إس 100» ولكنها لم تعلن عن هوية المشتري.

ويستمر المعرض التجاري أسبوعا ينتهي يوم الأحد 15 يوليو (تموز) بيومين مخصصين للجمهور. ويعقد معرض فارنبرة بالتبادل مع معرض لوبورجيه في باريس، وهو يشتهر بالكشف أن أحدث تطورات صناعة الطيران وأيضا بعقد الصفقات التي بلغ حجمها في معرض الدورة السابقة في عام 2010 نحو 47 مليار دولار. ويشمل المعرض أربع قاعات مغلقة بالإضافة إلى مساحة خارجية مفتوحة لعرض الطائرات وممر إقلاع وهبوط للعرض الجوي. ويمكن للزائر الاستماع إلى محطة راديو خاصة بالمعرض يديرها طلبة كلية فارنبرة للتكنولوجيا. وبالإضافة إلى الراديو تواجد المعرض وأخباره أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر». ويحضر معرض هذا العام أكثر من 1800 صحافي وإعلامي من كل أنحاء العالم.

وتضاعفت هذا العام مساحة «منطقة الفضاء» التي قدمها المعرض للمرة الأولى في دورته السابقة. واحتوت القاعة على مؤسسات وشركات فضاء دولية، وشملت العروض أبحاث الفضاء وطموحات السفر إلى الفضاء عبر طائرات يمكن إعادة استخدامها. ومن الأركان الجديدة أيضا في معرض هذا العام كانت منطقة النظم الجوية والطائرات بلا طيار، ومنطقة أمن السفر الجوي.

وفي دورته السابقة أيضا حضر إلى المعرض نحو ربع مليون زائر منهم 120 ألف زائر أثناء الأيام التجارية و130 ألف زائر من الجمهور. وشارك في الدورة السابقة 1455 شركة من 40 دولة عرضوا معروضاتهم على مساحة 107 آلاف متر مربع ونحو 30 جناحا وشاليها. وشارك في المعرض 152 طائرة سواء في العرض الأرضي الثابت أو المشاركة في العروض الجوية. وبلغ عدد الداخلين إلى موقع المعرض على الإنترنت نحو 42 مليون مشارك خلال أيام المعرض.

هذا العام وفرت إدارة المعرض خيار بناء تركيبات المواقع والشاليهات للشركات لكي تتسلمها جاهزة للعرض وتوفر الجهد والوقت اللازم لبناء أماكن العرض واستقبال الضيوف. وشملت هذه الخدمة تركيبات السجاد والعلامات التجارية والإضاءة والتنظيف اليومي ومدخلا بارزا في سجل العارضين بالمعرض. وهي خدمة يمكن أن تستفيد منها وتطبقها المعارض الإقليمية في كل من دبي والبحرين.

هذا وتعود جذور معرض فارنبرة إلى معرض هندون العسكري الذي بدأ في عام 1920. وبعده تكونت جمعية صانعي الطائرات البريطانية في عام 1932 التي نظمت أول معرض شمل 35 طائرة من 16 شركة بريطانية. وانتقل المعرض إلى موقعه الحالي في فارنبرة في عام 1948 بعد الحرب العالمية الثانية. وتحول المعرض من معرض بريطاني إلى دولي في عام 1962 وتغير انعقاده من دورة سنوية إلى دورة كل عامين. وأثناء سنوات الحرب الباردة كانت الدول المتحالفة مع الاتحاد السوفياتي ممنوعة من المشاركة في المعرض.

ومما يذكر أنه في عام 1958 قام فريق «الأسهم السوداء» الاستعراضي بتكوين دائرة جوية رأسية في معرض فارنبرة قوامها 22 طائرة، وهو رقم قياسي لعدد الطائرات المشاركة في دائرة رأسية لم ينكسر حتى الآن.

هذا وسوف يحتفل معرض فارنبرة يوم الجمعة المقبل (13 يوليو) بذكرى تولي ملكة إنجلترا العرض قبل 60 عاما، أو ما تطلق عليه إدارة المعرض اسم «يوم جوبيلي» وهو يوم يقدم فيه المعرض عرضا جويا احتفاليا بالمناسبة ويدعو إليه عائلات العارضين والكثير من الضيوف الآخرين. وهو يوم مفتوح للإعلام وتبدأ فيه مبادرة لتشجيع الصغار للإقبال على الصناعة عبر دعوة المدارس والمعاهد لإرسال طلبتها إلى المعرض فيما يسمى «يوم المستقبل». ويتبع ذلك مهرجان فتح المعرض للجمهور يومي السبت والأحد المقبلين اللذين يمثلان عطلة نهاية الأسبوع. ومن المتوقع أن يفوق عدد الحضور هذا العام رقم الربع مليون زائر، وهو الرقم الذي تحقق في الدورة السابقة.