الحكومة البلجيكية توافق على المعاهدة المالية الأوروبية

ألمانيا تدعو إلى مساعدة الاقتصاد الإسباني

تحتم اتفاقية الانضباط المالي على الدول الأعضاء تحديد مستويات لعجز الميزانيات تغرم في حالة تعديها
TT

أقرت الحكومة البلجيكية المعاهدة المالية التي وافقت عليها قمة بروكسل في مارس (آذار) الماضي، والتي جاءت بهدف تجنب انتقال أزمة الديون السيادية إلى دول جديدة في منطقة اليورو، بينما قالت الحكومة الألمانية إن مساعدات الاتحاد الأوروبي إلى إسبانيا يجب أن تركز على الاقتصاد بأكمله وليس القطاع المصرفي فقط.

وجاء ذلك على لسان رئيس المصرف المركزي الألماني يانس ويدمان في تصريحات الأحد. وأضاف خلالها أن موازنات البنوك تعكس حالة الاقتصاد وأن المستثمرين يرون أن الشروط اللازمة للحصول على مساعدات للقطاع المصرفي الإسباني سيكون لها تأثير إيجابي على السندات. وطلبت إسبانيا بالفعل مساعدة مالية يمكن أن تصل إلى 100 مليار يورو.

وفي بروكسل، أقرت الحكومة البلجيكية المعاهدة المالية الأوروبية، وستتم إحالة المعاهدة للبرلمان للتصديق عليها تنفيذا لما جرى الاتفاق عليه في قمة بروكسل خلال شهر مارس الماضي، والتي انتهت بالتوصل إلى توافقات من شأنها أن تحقق نتائج على المستوى القريب والبعيد على النواحي الاقتصادية والمالية في الاتحاد الأوروبي، وتعيد الثقة في الاقتصاد والاستثمار والأسواق بحسب هرمان فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، وبعد أن وقع قادة 25 دولة أوروبية على معاهدة الانضباط المالي، التي تضع قواعد صارمة على الدول الملتزمة بها لمنع تكرار أزمة الديون التي تعصف بدول الاتحاد حاليا وفي هذا الإطار، عبر رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، عن قناعته بأن توقيع الاتفاق يعد «خطوة هامة» في معالجة الأزمة، حيث «يعتبر توقيع هذا الاتفاق خطوة أساسية لاستعادة الثقة بالاتحاد الأوروبي واقتصاده وعملته الموحدة»، ومن المتوقع أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ الفعلي عندما يتم المصادقة عليه من قبل 12 دولة من أصل الدول الـ25 الموقعة عليه، وكانت دول أوروبية أقرت المعاهدة، سواء عبر التصديق من خلال البرلمان ومنها هولندا الذي أقرت المعاهدة في نهاية مايو (أيار) الماضي، بينما وافقت عليه آيرلندا عقب استفتاء عام للمصادقة على هذا الاتفاق، ويقضي اتفاق الانضباط المالي بفرض قواعد صارمة على الدول الموقعة في مسألة ضبط موازناتها، وعدم استبعاد عقوبات على الدول المخالفة، مقابل تعزيز قدرات صندوق الإنقاذ المالي لمعونة الدول المتعثرة وينص الميثاق على خفض الديون وفقا للنموذج الألماني الذي تمت مراجعته من قبل المحكمة الأوروبية. وإذا كانت اليونان أولى الدول التي أصابتها أزمة الديون السيادية وتلتها آيرلندا والبرتغال، فقد طلبت إسبانيا مؤخرا مساعدة مالية لإنقاذ القطاع المصرفي، واهتمت الدوائر المختلفة في بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي بالتطورات الجارية الآن في إسبانيا، ومنها تصريحات، قال فيها وزير المالية الإسباني كريستوبال مونتورو إن حكومته تعتزم رفع ضريبة القيمة المضافة اعتبارا من مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل. وأكد الوزير أن قرار رفع الضريبة على القيمة المضافة المطبقة في إسبانيا أمر «إلزامي» يأتي ضمن سياق توصيات المفوضية الأوروبية بهدف خفض العجز في الموازنة العامة. وأضاف مونتورو أن القرار سيدخل حيز التنفيذ مطلع سبتمبر المقبل، مشيرا إلى أنه «لا بديل عنه»، لا سيما أن إسبانيا تعيش ثاني أكبر مرحلة ركود اقتصادي في تاريخها الحديث. وأوضح مونتورو أن تأخير تطبيق القرار يهدف إلى عدم التأثير على قطاع السياحة الذي يعد من إحدى أهم دعائم الاقتصاد الإسباني، لا سيما أن الشهر المقبل يشهد نشاطات سياحية وتجارية مهمة. ومن جانبها، قالت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية سورايا ساينز دي سانتاماريا، إن حكومتها تعتزم التصديق على تحرير قطاع السكك الحديدية والنقل الجوي خلال الشهر الحالي. وبالتزامن مع ذلك كان المئات من الموظفين الإسبان يحتشدون في ميدان «بويرتا ديل سول» الشهير بقلب العاصمة مدريد وأمام مقر الحكومة الإقليمية للاحتجاج على الإجراءات التقشفية والاستقطاعات الجديدة التي أعلنتها حكومة ماريانو راخوي. ودعت نقابات الموظفين في إسبانيا إلى إضرابات عامة في القطاع العام في سبتمبر المقبل احتجاجا ضد الإجراءات التقشفية والاقتطاعات التي أقرتها الحكومة الإسبانية بهدف خفض العجز في الميزانية العامة للبلاد. ونقل التلفزيون الإسباني عن ممثلي نقابات الموظفين، أنه سيتم تحديد أيام الإضراب بالتنسيق مع نقابات العمال الرئيسية في إسبانيا في الاجتماع المزمع عقده يوم الخميس المقبل.

وكان مئات الموظفين الإسبان تظاهروا في ساحة سول المركزية في مدريد احتجاجا على سياسات الحكومة التقشفية التي تضمنت إلغاء الأجور الإضافية التي تخصص للعاملين في القطاع العام في فترة أعياد الميلاد إلى جانب خفض الضمان الاجتماعي الشهري الذي يمنح للعاطلين عن العمل من 60 في المائة إلى 50 في المائة من الراتب ابتداء من الشهر السادس للخروج من سوق العمل. وكانت الحكومة الإسبانية اتخذت يوم الأربعاء الماضي حزمة من الإجراءات التقشفية لخفض العجز إلى 3.‏6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنهاية العام الحالي وذلك بعد طلبها مساعدات مالية أوروبية لإعادة هيكلة قطاعها المالي قد تصل إلى 100 مليار يورو. يأتي ذلك بينما تشير الأرقام المعلنة في مدريد إلى أن معدل التضخم السنوي بإسبانيا استقر خلال يونيو (حزيران) الماضي عند 1.9 في المائة، وهي نفس النسبة المسجلة في مايو السابق، حسبما أفاد المعهد الوطني الإسباني للإحصائيات، وكانت الحكومة الإسبانية اتخذت مجموعة من الإجراءات الاقتصادية بهدف توفير 65 مليار يورو خلال عامين ونصف العام وخفض العجز إلى 3.‏6 في المائة مع نهاية العام الحالي. وتتضمن تلك الإجراءات رفع الضريبة على القيمة المضافة العامة من 18 في المائة إلى 21 في المائة ورفع الضريبة «المخفضة» التي تطبق على المنتجات الغذائية والصحية ووسائل النقل والخدمات والنشاطات الثقافية من 8 إلى 10 في المائة على أن تبقى الضرائب «المخفضة جدا» المطبقة على الحاجات الأساسية وعلى رأسها الخبز والحبوب والفواكه والصحف عند نسبة 4 في المائة وكانت تقارير إعلامية أفادت بأن القطاع المصرفي الإسباني طلب 364 مليارا و997 مليون يورو من البنك المركزي الأوروبي الشهر الماضي. وأعلنت الحكومة الإسبانية أن البنوك ستحصل على مجمل المساعدات المالية الأوروبية لإعادة هيكلتها في غضون 18 شهرا بعد أن كان وزراء مالية منطقة اليورو أقروا منحها دفعة أولية بقيمة 30 مليار يورو. وأعربت مدريد عن ارتياحها لقرارات مجلس وزراء مالية منطقة اليورو الأخير، معتبرة أنها أنباء سارة بالنسبة لإسبانيا، وأن الاتفاقين اللذين تم التوصل إليهما ويتمثل أولهما في منح إسبانيا دفعة مساعدات أولية تقدر بـ30 مليار يورو قبل نهاية الشهر الحالي، في حين يتمثل الثاني في منحها مهلة سنة إضافية لخفض عجزها العام إلى ثلاثة في المائة هما «اتفاقان منفصلان تماما يخدمان مصالح إسبانيا الاقتصادية». واعتبرت مدريد أن قرارات الحكومة الإسبانية اتخاذ حزمة إجراءات تقشفية جديدة تهدف إلى زيادة الإيرادات الضريبية وخفض أجور العمل وزيادة ساعات العمل «هي قرارات مستقلة جاءت بموجب مبادرة إسبانية وليس نتيجة الضغط الأوروبي». ومن المقرر أن تتم الموافقة النهائية على الشروط والمطالب الأوروبية المقترنة بحزمة الإنقاذ التي ستقدمها منطقة اليورو لإسبانيا والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 100 مليار يورو في اجتماع استثنائي جديد لوزراء مالية منطقة اليورو في الـ20 من يوليو (تموز) الحالي.