محمد أبو العينين في حوار مع «الشرق الأوسط»: لن أترك مصر والاستثمارات تنتظر عودة الاستقرار

رجل الأعمال النائب في برلمان العهد السابق دعا لمنح فرصة لـ«الإخوان» قبل الحكم على تجربتهم

احد مصانع السراميك في مصر
TT

نفى رجل الأعمال محمد أبو العينين نيته نقل استثماراته خارج مصر بسبب الأزمة التي اشتعلت بينه وبين عمال مصانع السيراميك التي يمتلكها، قائلا في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «رجال الأعمال في مصر يعانون الآن الظلم.. لكنني لن أترك مصر.. هذا على جثتي». وطالب أبو العينين الذي كان نائبا بالبرلمان في العهد السابق، منح الرئيس المصري الجديد الدكتور محمد مرسي، ومن خلفه جماعة الإخوان المسلمين، فرصة قبل الحكم على تجربتهم لتحقيق «مشروع النهضة» - وهو برنامجهم الاقتصادي الذي خاضوا به انتخابات البرلمان ورئاسة الجمهورية.

وقال أبو العينين إن العالم ينتظر عودة الاستقرار إلى البلاد لكي يدفع باستثماراته إليها، مشيرا إلى أن أمام الإخوان المسلمين الاقتداء بالتجربة الماليزية، مؤكدا أن علاقته بقيادتهم جيدة وودية، لكن المشكلة في كوادرهم.

واتهم أبو العينين قيادات النقابة العمالية بتحريض عمال مصانعه على الإدارة وافتعال الأزمات وعدم الالتزام بالاتفاقات التي أبرمها معهم بحضور ممثلي الدولة، كما اتهم وسائل الإعلام بالمسؤولية عن تضخيم الأزمة والاستماع لطرف واحد فقط في القضية.

وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* هل تعتقد أن شكل وفرص نمو الاقتصاد في مصر الآن أفضل منه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك؟

- أين هو الاقتصاد الحالي، هناك انهيار مستمر، الاقتصاد في عهد النظام السابق كان يحقق معدلات نمو كبيرة، وكان من الممكن تحقيق معدلات أكبر لولا الأزمة التي لحقت بالاقتصاد العالمي في 2008، ورغم ذلك حققنا مكاسب.

* لكن البعض يتحدث عن أن رجال الأعمال لم يحصلوا على فرص متساوية في عهد النظام السابق، وكانت فرص النجاح مرهونة بقرب المستثمر من جمال مبارك نجل الرئيس السابق، إلى أي مدى كان ذلك صحيحا؟

- يوجد مبالغة في هذا الأمر، كلنا كنا نحصل على نفس الفرص، فالمستثمر كان يدفع دولارا ثمنا لمتر الأرض، لا فرق في ذلك بين مستثمر وآخر أو بين مستثمر مصري أو أجنبي.

* لكن أسعار بيع الأراضي للمستثمرين أثارت الكثير من الجدل، أنت شخصيا اتهمت بشراء أراضي الدولة بأثمان زهيدة وبيعها بالمليارات، ما تعليقك على ذلك؟

- هذه اتهامات باطلة، هذا لم يحدث. الذي حصل أننا في عهد النظام السابق كنا مطالبين كرجال أعمال بتعمير الصحراء، وأنا شخصيا استجبت لهذا التوجه واشتريت أرضا في شرق العوينات (جنوب غربي مصر)، وقمت بزراعة القمح فيها وبعته للحكومة بسعر حددته هي، أليس هذا عملا وطنيا محترما؟ وحينما ذهبت إلى العين السخنة (شرق القاهرة) للاستثمار وإتاحة فرص عمل لنحو 4 آلاف شاب، ألم يكن هذا عملا عظيما؟ لكن من يرغب في تشويه صورتي يقول إن أبو العينين اشترى المتر بدولار، ولو نظروا لكل الأراضي المجاورة لوجدوها تباع بدولار أيضا. لكنهم يتهمونني الآن بالولاء للنظام السابق الفاسد، ويطلقون علي أوصافا كالفلول.. وأنا أقول إن رجل الأعمال الآن يعاني الظلم.

* كيف ترى مستقبل الاقتصاد في مصر مع تولي رئيس للجمهورية ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين هو الدكتور محمد مرسي؟

- لو قام (الدكتور مرسي) بتنفيذ مشروع النهضة، عبر تشريعات جادة وتحقيق استقرار على مستوى الوضع السياسي، وتنويع الاقتصاد، وخلق روح تنافسية مع استغلال الموارد البشرية والطبيعية، سيخلق بهذا فرص عمل وسوف تنمو المشاريع الكبيرة بجوار المشاريع الصغيرة، وماليزيا مثال حي على هذا ويمكن الاقتداء به، لو تحقق هذا فهو أمر طيب، لكن لو استمرت حالة الفوضى والخلافات في كل قضية فلن نتقدم خطوة واحدة. العالم كله يترقب الآن عودة الأمن لمصر لكي تعود للاستثمارات، هذا هو التحدي الحقيقي.

* ما طبيعة علاقتك بجماعة الإخوان المسلمين التي حصلت على أكثرية في البرلمان المنتخب قبل صدور الحكم بحله، فضلا عن موقع الرئاسة؟

- أغلبهم أصدقائي، ونتبادل الود والاحترام والتقدير حتى أثناء وجودي في البرلمان (كان أبو العينين نائبا عن الحزب الوطني في عهد مبارك)، لكن المشكلة في بعض كوادرهم ممن لا يعرفونني جيدا، وهؤلاء وراء تهييج العمال ضدي، هم وبعض مرشحي الرئاسة الخاسرين. أما بالنسبة لتجربة «الإخوان» في الحكم، فأنا أرى أنه يجب منحهم فرصة قبل إصدار الأحكام.

* هل تم دعوتك لحضور اللقاء الذي جمع الدكتور مرسي بعدد من رجال الأعمال، وهل صحيح أنك التقيت نائب المرشد خيرت الشاطر (وهو رجل أعمال نافذ داخل الجماعة)؟

- في ما يتعلق بدعوة الدكتور مرسي، فالحقيقة أنه كان لدي قضية وكنت منشغلا بها، لكنني دعيت إلى مؤتمر الجامعة (المؤتمر الذي دعت له مؤسسة الرئاسة للاحتفال بتنصيب الدكتور محمد مرسي مطلع الشهر الحالي) وقد لبيت الدعوة. أما عن لقاء خيرت الشاطر فهذا لم يحدث، أنا لم أره في حياتي ولم أقابله على الإطلاق، كما أنه لم يعرض شراء مصانع السيراميك التي أمتلكها كما تردد مؤخرا.

* هل تفكر في مغادرة مصر كما فعل بعض رجال الأعمال؟

- لن أترك مصر.. هذا على جثتي. ولو شنوا علي حربا أكبر من تلك التي أخوضها الآن فلن أتركها، وسأقاوم حتى آخر نفس في عمري، وكل فرصة للاستثمار أمامي سأستثمرها في مصر.. هذه هي الوطنية.

* كنت من رجال الأعمال الذين اشتغلوا بالسياسة في عهد النظام السابق.. هل تفكر في الاستمرار في هذا الأمر؟

- بيئة العمل السياسي الراهنة غير مطمئنة، وليس لدي أي نية للمشاركة في أي عمل سياسي، وأفضل أن أمنح نفسي قسطا من الراحة. لدي استثمارات أخرى في مجال الإعلام الذي دخلته مؤخرا لكي لا أعطي انطباعا بأنني هربت من الساحة، وما زلت أدرس مطالب أهل دائرتي في الجيزة (المتاخمة للعاصمة المصرية القاهرة) بخوض الانتخابات البرلمانية مرة أخرى.. أفكر في الأمر بجدية.

* ترددت أنباء مؤخرا عن عزمك تصفية أعمالك في مصر في أعقاب الأزمة التي تشهدها مصانع السيراميك التي تمتلكها.. ما صحة هذه الأنباء؟

- لم أقصد تصفية أعمالي بالبيع أو الإغلاق، لكن سأقوم بتصفية (تسريح) العمال مثيري الشغب في مصانع السيراميك، واستبدال عمال آخرين بهم يرغبون في أكل عيش (العمل)، بعد الأزمة التي افتعلوها (هؤلاء العمال) مؤخرا، حيث قامت مجموعة منهم بالتوقف عن العمل، ونظمت وقفات احتجاجية، وقامت هذه المجموعة باحتجاز خبراء أجانب لمدة عشرة أيام داخل المصانع، واحتجزوا أيضا وزير القوى العاملة 17 ساعة، حتى يتم الاستجابة إلى مطالبهم بالقوة. كما أنهم أغلقوا بوابات المصنع لمنع دخول وخروج المنتج، وهو أمر مستمر إلى الآن. يساعدهم على ذلك نشطاء سياسيون، هم من المشرفين على النقابات العمالية التي ظهرت مؤخرا. رغم أنه يعمل لدي 25 ألف عامل، وفي حين يحتاج المصنع إلى 12 ألف عامل فقط، هذا الفارق أرهقني بميزانية (أجور) وصلت إلى مبالغ رهيبة، وبرغم ذلك لم أقم بفصل أو طرد أي عامل، وفي النهاية أصبح جزائي أن قاموا بتصعيد مطالبهم غير الشرعية في وقت السوق مرتبكة وحركة البيع والشراء تكاد تكون متوقفة، لكنني أحمّل الإعلام مسؤولية تصعيد الأمور، لأنه يسمع القضية من جهة واحدة دون الإنصات إلى وجه النظر الأخرى.

* أنت اتهمت قيادات النقابة بمساعدة العمال على الإضراب عن العمل، لكن أليس من حق العمال أن تكون لهم نقابات تدافع عن حقوقهم؟

- لا خلاف على ذلك، ولا أحد يقول غير ذلك، لكن لا بد أن تحتكم هذه النقابات للقانون، والاحترام المتبادل بين المستثمر والعامل، والمطالبة بالحقوق مع مراعاة أصول التعامل، والذي يقوم بهذا الدور هو المشرف على النقابة، لكن المشرف هو المحرض الأول للعمال، حيث قمنا منذ أيام بعمل اجتماع بحضور أسامة صالح المكلف من رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري، وأسفر الاجتماع عن 6 بنود لكي يتم الإفراج عن منتجات المصنع، لكنهم رفضوا تنفيذ الاتفاق برغم التزامي بكل البنود.