السفير الإسباني لدى السعودية: متفائل بخطة الإنقاذ.. والسعودية شريك استراتيجي لنا

قال لـ«الشرق الأوسط»: «النقد الدولي» قدر حاجة المصارف الإسبانية بـ62.5 مليار دولار

بابلو برابو لوزانو السفير الإسباني لدى السعودية (تصوير: سعد العنزي)
TT

لم تشفع جودة إنتاج إسبانيا على كافة الصعد الصناعية والتعدينية، والتي وصلت بها إلى الترتيب الـ15 من حيث الدول المصدرة على مستوى العالم، والمركز الثامن عالميا في ترتيب حجم الناتج المحلي الإجمالي، من أن تنزلق في حافة التعثرات الاقتصادية وأزمة الديون، التي وصلت إلى 90 في المائة من ناتجها الإجمالي، في ظل ضغوط البطالة البالغة التي تقدر بنحو 25 في المائة، مع عدم مقدرتها على الاقتراض بفوائد مدروسة، حيث كانت أزمة الديون الإسبانية تم طرحها خلال اجتماع قمة العشرين، الذي انعقد في المكسيك مؤخرا.

ومع أن بابلو برابو لوزانو السفير الإسباني لدى السعودية، أقرّ في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، بصعوبة الموقف الاقتصادي في بلاده، فإنه بدا متفائلا بمستقبل الاقتصاد الإسباني، من خلال استغلال خطة الإنقاذ، التي تصدى لها صندوق النقد الدولي، في إنعاش اقتصادها من خلال استغلال الفرص الاستثمارية القائمة في البلاد، وتحسين الأداء الاقتصادي لمفاصله المختلفة، في وقت صدر فيه تقرير مؤخرا، عن صندوق النقد الدولي حول المصارف الإسبانية، قدّر احتياجات إسبانيا بما لا يقل عن 62.5 مليار دولار.

وعلى صعيد العلاقات الثنائية بين السعودية وإسبانيا، أوضح السفير الإسباني، أنها ماضية في أحسن حالاتها، مبينا أنها تجاوزت الصداقة القوية، إلى الشراكة الاستراتيجية المتين، لافتا إلى أن السعودية تعدّ ثالث أكبر شريك عربي لإسبانيا على الصعيد التجاري، حيث وصل حجم التبادل التجاري إلى 3,5 مليار دولار، وتأتي في المرتبة الـ12 بالنسبة للدول المصدرة لإسبانيا من خارج دول منطقة اليورو.

ونبه لوزانو، إلى أن هناك نحو تسعة مشاريع استثمارية من العيار الثقيل، تجسد متانة واستراتيجية الشراكة السعودية الإسبانية في مجال الاستثمار، حيث، يبلغ حجم إجمالي تمويلها، نحو 143 مليون دولار، مشيرا إلى أن الدعوة تظل مفتوحة لرجال الأعمال السعوديين لاستغلالها بالشكل الأمثل في أي زمان وأي مكان وفي أي مجال.

«الشرق الأوسط»، التقت السفير الإسباني في موقع تدشينه أعمال مركز جديد، لاستلام طلبات التأشيرة الإسبانية في الرياض، حيث تتمكن من خلاله سفارة إسبانيا في السعودية، من تقديم خدمات أفضل للمواطنين السعوديين بشأن التأشيرات، وذلك عبر معالجة أكثر من طلب تأشيرة واحد ضمن أفضل معايير النوعية والكفاءة، مؤكدا أن هذا مؤشر قوي يعني خطوة إلى الأمام في رغبة إسبانيا لتعزيز وتقوية العلاقات بين المملكة الإسبانية والمملكة العربية السعودية. فإلى تفاصيل الحوار:

* كيف تنظر إلى العلاقات الثنائية بين السعودية وإسبانيا؟

- بالتأكيد فإن العلاقات الثنائية بين السعودية وإسبانيا، متميزة وتشهد حالة تطور ونقلة على مرّ الأيام، حيث إن هناك الكثير من التفاهمات والاتفاقيات التي وقعها البلدان، وتم تنفيذ العديد منها وما تبقى في طريقه للتنفيذ، في سبيل تعزيز العلاقات على كافة الصعد السياسية والتجارية والثقافية، خاصة أن هناك تطابقا في كثير من الآراء والأفكار والرؤى، حول الكثير من القضايا الدولية والإقليمية والثنائية، وسندا وتعاضدا توضحه ملامح الاحترام المتبادل بين بلدينا، إذ إن البلدين مثالان متشابهان من حيث النظام الملكي وهناك إرث متشابه، أيضا، وأما على صعيد العلاقات الاقتصادية، فهناك توجه نحو إقامة مشاريع استثمارية مشتركة بين البلدين، بهدف تمتين العلاقات الاقتصادية والاستثمارية التي تتمتع بها بلدانا، وهناك اهتمام بالعديد من مجالات الاستثمار، خاصة في مجال الصناعات المعدنية والطاقة والمعدات الطبية والغاز الطبيعي، وبالتالي هناك محاولة جادة لاستخلاص عصارة التجارب الثرية في هذه المجالات في البلدين.

* كيف تنظر إلى وضع إسبانيا في ظل أزمة الديون والأزمة المالية؟

- لا يخفى على حد أن الأزمة المالية العالمية، امتد أثرها لعدد كبير من دول العالم المتقدم تحديدا، والدول الأوروبية بشكل أكثر تحديدا، وإسبانيا هي جزء لا يتجزأ من هذا العالم المتأثر فهي تقع في منطقة اليورو المتأثرة بأزمة الديون، ولذلك اضطرت إسبانيا لطلب مساعدة أوروبية لمصارفها، رغم أن اقتصادها يعد من أقوى الاقتصادات الأوروبية، حيث إنه يحتل المرتبة الخامسة من بين دول منطقة اليورو، ولذلك ستستمر إسبانيا في إنعاش اقتصادها من خلال استغلال الفرص الاستثمارية القائمة في البلاد، وكانت هناك دعوة مفتوحة لرجال الأعمال السعوديين لاستغلالها بالشكل الأمثل.

* هل يمكن القول إن إسبانيا ما زالت تتسيّد موقعها عالميا أم أن هذه الأزمة زحزحتها قليلا للوراء؟

- لا.. من معرفة أنه على حجم الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون التي وقعت فيها بلاد منطقة اليورو، فإنه في المقابل أن اقتصادات هذه الدول تظل صاحبت بنى تحتية من الصعب اقتلاعها بشكل مدمر أو شكل نهائي، غير أن الحاجة للمعالجات والأخذ بأسبابها أمر ضروري وعلمي ومطلوب على مستوى العالم، لأنه في انهيار اقتصادات تلك الدول انهيار للاقتصاد العالمي ككل، ما يعني ضرورة أن يتكاتف كل العالم، ولكن ثمة حقيقة لا بد من قولها وذلك أن الاقتصاد الإسباني، ما يزال يعتبر أحد أهم وأقوى الاقتصادات الأوروبية، إذ يحتل الترتيب الخامس على مستوى 27 دولة متقدمة، فيما تحتل المرتبة الثامنة من حيث الناتج القومي الإجمالي على مستوى العالم، والمرتبة السادسة من حيث جذب الاستثمارات، على مستوى العالم، بجانب أنها ما زالت اللاعب الأساسي في الاستثمار الأجنبي في دول أميركا اللاتينية بعد أميركا الشمالية.

* ما حجم التبادل التجاري بين السعودية وإسبانيا؟ وما أهم المجالات الاقتصادية التي يمكن استغلالها من قبل السعودية كشريك اقتصادي؟

- طبعا تعتبر إسبانيا إحدى أهم دول منطقة اليورو التي تتمتع بثروة اقتصادية شاملة، بجانب الثروات الطبيعية والصناعية الأخرى، والتي تتمثل في الصناعات المعدنية وغير المعدنية، مثل المواد الغذائية والكيماوية والسيارات الزنك، والنحاس، والقصدير، والذهب، والفضة، والرصاص، وصناعة المنسوجات، وأما فيما يتعلق بحجم التبادل التجاري بين البلدين، فحسب معلوماتي فقد شهد نموا كبيرا في الآونة الأخيرة، حيث وصل حجم التبادل التجاري إلى 3,5 مليار دولار، ولذلك تعد السعودية، ثالث أكبر شريك عربي لإسبانيا على الصعيد التجاري، وتأتي في المرتبة الـ12 بالنسبة للدول المصدرة لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي، وتشتمل مجالات التبادل التجاري بينهما، على منتجات الصناعة الكيماوية وما يتصل بها، والمنتجات المعدنية، واللدائن، ومصنوعات الأنسجة والمعدات الطبية والجراحية، والمصنوعات الخشبية، وسلع ومنتجات أخرى، وحري بي أن أشير بهذه المناسبة، إلى أن هناك نحو تسعة مشاريع استثمارية مشتركة بين المستثمرين السعوديين والإسبان في السعودية، يبلغ حجم إجمالي تمويلها، نحو 143 مليون دولار، ونتمنى أن تكون هناك مزيد من الزيارات المتبادلة بين المستثمرين السعوديين والإسبانيين لكل من البلدين، بالإضافة تنشيط عنصر السياحة للإسبان والسعوديين على حد السواء، كإضافة حقيقية لتعزيز العلاقات الثنائية.

* بهذه المناسبة.. ما التسهيلات التي تقدمها السفارة الإسبانية للمسافرين السعوديين لتلك البلاد؟

- قمنا مؤخرا بتدشين، أعمال مركز جديد، لاستلام طلبات التأشيرة في كل من الرياض وجدة، وذلك من خلال مراكز طلبات تأشيرة الشنغن، والتي تديرها شركة عالمية متخصصة في تقديم الخدمات الخارجية والتقنية، للمبعوثيات الدبلوماسية، والحكومات حول العالم، وبفضل علاقتنا مع «في إف إس غلوبال»، سوف تتمكن سفارة إسبانيا في السعودية، من تقديم خدمات أفضل للمواطنين السعوديين بشأن التأشيرات، وذلك عبر معالجة أكثر من طلب تأشيرة واحد ضمن أفضل معايير النوعية والكفاءة، ويعني هذا بالضرورة خطوة إلى الأمام في رغبتنا لتعزيز وتقوية العلاقات بين المملكة الإسبانية والمملكة العربية السعودية.