تصريحات وزير الاقتصاد الألماني الأخيرة حول اليونان تثير ضجة فيها

باروسو في زيارة مفاجئة لأثينا غدا

علم الاتحاد الأوروبي يرفرف إلى جانب العلم اليوناني في أثينا (رويترز)
TT

بدأت في أثينا سلسلة جديدة من الإضرابات والاحتجاجات بعد فترة صمت طويلة منذ الانتخابات البرلمانية في مايو (أيار) الماضي، ويأتي ذلك تزامنا مع وصول لجنة من خبراء الترويكا وهم المانحون والدائنون لليونان، لتقيين خطوات الإصلاح التي تنفذها أثينا على الأرض، وقررت نقابات اتحادات الموظفين الإضراب أمس (الثلاثاء) لمدة ثلاث ساعات وتنظيم مسيرة احتجاجية أمام وزارة المالية، وأيضا نظمت نقابات العمال مسيرة احتجاجية أمام وزارة العمل، ويطالب المحتجون بخفض قيمة قروض العمال والموظفين ليس فقط من صندوق القروض والادخار العام، ولكن أيضا القروض التي تم تسلمها من البنوك الخاصة.

وتعتبر زيارة خبراء الترويكا لليونان هذه المرة، أهم زيارة بالمقارنة للمرات السابقة، ويترقب الجميع تقرير الترويكا هذه المرة، سواء الحكومة الائتلافية اليونانية الجديدة أو حكومات الاتحاد الأوروبي والدائنون والمانحون لأثينا، حتى الشعب اليوناني نفسه يترقب هذه الزيارة والتقرير الذي سوف يقدمه خبراء الترويكا، وخصوصا بعد اللقاء الحاسم مع المسؤولين في وزارة الإصلاح الإداري نهاية الأسبوع الحالي، ومعرفة إلى أين وصلت الحكومة اليونانية في ملف الإصلاحات المالية والاقتصادية وما إذا كانت تسير على الخطى المرسومة لها لخفض العجز وإخراج البلاد من نفق الديون المظلم.

ووفقا لما صرح به الناطق الرسمي باسم الحكومة اليونانية فإن رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو سوف يصل أثينا غدا (الخميس) ويلتقي رئيس الوزراء أندونيس سامراس عصر اليوم نفسه، وتمثل زيارة باروسو لأثينا في هذا الوقت بالذات أهمية كبيرة في ظل الظروف الراهنة وأنها تأتي بعد نحو ثلاث سنوات من زيارة باروسو الأخيرة لليونان عام 2009.

إلى ذلك، تم الإعلان مؤخرا أن حالة انكماش كبيرة تشهدها البلاد وصلت إلى 7 في المائة من إجمالي اقتصاد البلاد، وهذا الانكماش يعتبر أكبر معدل انكماش في تاريخ البلاد منذ ثلاثينات القرن الماضي، وأن التدابير التقشفية لم تؤت ثمارها ولذلك تسعي الحكومة الائتلافية الجديدة لإعادة التفاوض مع الدائنين من منطلق أن ما يحدث من تدابير لم يحقق الهدف المرجو منه.

وأيضا يسعى المسؤولون اليونانيون إلى أن يتسلموا القسط المتبقي من حزمة المساعدات وهو مبلغ 31.5 مليار يورو في سبتمبر (أيلول) المقبل، ومن دون هذه الأموال، فإن السلطات اليونانية لن تكون قادرة على سداد الديون المستحقة للبنك المركزي الأوروبي، أو رواتب الموظفين والمتقاعدين خلال الأشهر المقبلة.

وتوضح الأرقام الرسمية التي نشرتها اليونان أن الحكومات الأخيرة نجحت في تقليص إجمالي الدين العام بمقدار 17 مليار يورو لينخفض بذلك هذا الدين مما يشكل 160 في المائة من إجمالي الدخل القومي السنوي للبلاد إلى 132 في المائة فقط، لكن يبدو أن أمام اليونان مشوار أصعب، حيث تعهدت طبقا لاتفاق الإنقاذ المالي مع الترويكا الاقتصادية بتخفيض نسبة الدين العام إلى 120 في المائة من دخلها السنوي بحلول عام 2020، لكن الاقتصاد اليوناني رغم ذلك مستمر في الانكماش وبشكل أسرع مما كان متوقعا.

وتعاني الحكومة اليونانية حاليا من قسوة تطبيق قائمة طويلة ومؤلمة من التدابير التقشفية، حتى تحقق ثلاثة أهداف رئيسية منصوص عليها في مذكرة الدائنين للوصول إلى مرحلة التفاوض الجديدة، وهذه الأهداف هي زيادة برنامج التكيف ومد فترة السداد لعامين آخرين حتى نهاية عام 2016، تغطية سندات قيمتها 3.2 مليار يورو والتي ينتهي موعد استحقاقها في 20 أغسطس (آب) المقبل، والعمل على منح الضوء الأخضر لصرف أقساط القروض التي تتسلمها البلاد.

من جهته، أعرب وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي، عن رفضه القاطع لإعادة التفاوض مع اليونان حول برنامج التقشف والإصلاحات الذي اتفقت عليه مع المانحين الدوليين مقابل الموافقة على منحها حزمة إنقاذ ثانية وقيمتها 130 مليار يورو. وتراود المسؤول الألماني شكوك حول الالتزامات اليونانية بالإصلاحات، في الوقت الذي يرى فيه آمالا يونانية لإعادة التفاوض من جديد حول هذا البرنامج من الأساس، موضحا أن هذا الأمر غير مقبول، وأن برنامج التقشف قرار مهم لا يمكن تجاوزه، كما أن برلين لن تقبل بأي تغيير على الاتفاقات المبرمة، وطالب أثينا بإنجاز الالتزامات التي بدأتها.

في غضون ذلك، أثارت تصريحات فيليب روسلر وزير الاقتصاد الألماني ونائب المستشارة أنجيلا ميركل عن احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو ضجة إعلامية في اليونان التي بأزمة ديون خانقة، حيث قال روسلر وهو زعيم الحزب الديمقراطي الحر الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، إن خروج اليونان من منطقة اليورو لم يعد من الأمور غير المحتملة وذكر أن بالنسبة له فإن مخاوف خروج اليونان من منطقة اليورو فقدت حدتها منذ فترة طويلة. وعلقت الصحف اليونانية علي هذه التصريحات، إذ رأت صحيفة «كاثيميريني» أن التهديدات المستمرة تزيد من صعوبة الإصلاحات وإجراءات التقشف، كما أنها لا تسهم في حل المشكلة، أما الإذاعة اليونانية فذكرت أن روسلر لا يبدو مكترثا بأوروبا أو حتى بألمانيا، بل إنه مهتم فقط ببقائه السياسي داخل حزبه المترنح، كما علقت صحيفة «أفرياني» بأن روسلر يدفع أثينا إلى خارج منطقة اليورو، بينما قالت صحيفة «أثنوس» وصحيفة «تا نيا» إن هذه التصريحات صدرت من رجل لا يفهم شيئا عن أوروبا.