تساؤلات حول اقتراب أزمة اليورو من ألمانيا

بعد تحذير «موديز» من خفض تصنيفها الائتماني

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تخاطب البرلمان حول سياساتها الاقتصادية (رويترز)
TT

رغم أن حجم البلبلة التي أثارها الخبر الخاص بوكالة «موديز» الأميركية للتصنيف الائتماني كبير، فإن النظرة المتأنية لهذا الخبر السلبي تثبت أنه ليس سيئا كما يظن البعض، فلم يأت بجديد غير الذي أكدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في البرلمان الألماني في يونيو (حزيران) الماضي.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية فقد حذرت المستشارة الألمانية آنذاك من أنه من الممكن أن ترهق الدول القوية في منطقة اليورو، مثل ألمانيا، جراء تزايد القروض التي تمنحها للدول المدينة جراء أزمة اليورو، وكأن ميركل تريد أن تقول إن قوة ألمانيا ليست غير محدودة.

ولكن الكثيرين لم يريدوا أن يسمعوا لها آنذاك.

وبينما استمرت أصداء تحذيرات ميركل بشأن المظلة الدائمة لإنقاذ اليورو، أدخل تهديد وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني بخفض تصنيف ألمانيا، الخوف على قلوب المستثمرين؛ وذلك لأن «موديز» تشرح تداعيات استمرار أزمة اليورو على ألمانيا، وقالت إنه إذا احتاجت اليونان وإسبانيا إلى المزيد من الأموال لمواجهة خطر الإفلاس، فإن الدول القوية اقتصاديا داخل مجموعة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، مثل ألمانيا وهولندا أو لوكسمبورغ، ستضطر إلى توفير هذا المال اللازم.

وبذلك تواجه الموازنة الألمانية، المنهكة أصلا، أعباء إضافية، وهو ما يعني أن الجدارة الائتمانية التي تتمتع بها ألمانيا حاليا في ظل تصنيفها الائتماني الممتاز «إيه إيه إيه» يمكن أن يعاني من هذا التطور.

ولهذا السبب خفضت «موديز» الفرص الائتمانية المستقبلية للدول الثلاث واعتبرتها سلبية، وهي المرحلة السابقة التي تمثل تحذيرا من أن تفقد ألمانيا تصنيفها الممتاز «إيه إيه إيه»، وهو ما يعني أن ألمانيا يمكن أن تضطر إلى دفع فوائد أعلى على ديونها. وإذا حدث ذلك فإن المساحة المتاحة للمستشارة الألمانية للتحرك ستصبح أقل.

من جهتها أبقت وزارة الاقتصاد الألمانية على توقعاتها الخاصة بتحقيق الاقتصاد الألماني نموا بنسبة 0.7 في المائة هذا العام، وذلك على الرغم من التراجع الذي سجله مؤشر «إيفو» للمناخ الاقتصادي أمس الأربعاء.

وقالت متحدثة باسم الوزارة أمس إن مؤشر «إيفو» أظهر ارتفاع الاضطرابات في منطقة اليورو، «وبطبيعة الحال فإن أزمة الديون في منطقة اليورو ترفع من المخاطر الاقتصادية حتى بالنسبة لاقتصادنا».

غير أن المتحدثة أكدت على أن الاقتصاد الألماني يتمتع من الناحية الهيكلية بقدرة هائلة على مقاومة مثل هذه الظروف وتحقيق نمو، وقالت: «وضعنا قوي».

وأضافت: «ومن ثم فهناك فرص جيدة لتحقق التوقعات الحذرة بشأن نمو الاقتصاد التي كانت الحكومة الألمانية أعلنتها في الربيع الماضي». كانت نتائج مسح نشرت نتائجه أمس أظهرت أن مؤشر الثقة في الاقتصاد الألماني قد تراجع في يوليو (تموز) الجاري، للشهر الثالث على التوالي.

وقال معهد «إيفو» الألماني إن مؤشره لمناخ الأعمال في البلاد قد تراجع إلى 103.3 نقطة في يوليو الجاري، مقابل 105.3 نقطة الشهر الماضي.

وفي بروكسل أعطى الاتحاد الأوروبي أمس موافقته بأثر رجعي لدعم حكومي كانت ألمانيا قدمته إلى بنكي «بايرن إل بي» و«نورد إل بي»، ليغلق بذلك صفحة إعادة هيكلة البنوك الإقليمية الألمانية التي تعاني أزمات.

قال المفوض الأوروبي لشؤون المنافسة، يواكين ألمونيا، للصحافيين في بروكسل، إن «عددا من بنوك الولايات تلك اتخذت قرارات خاطئة وخطرة في الماضي»، مشيرا إلى أنها حينئذ اضطرت إلى طلب المساعدة بسبب الأزمة المالية العالمية. وقضت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، بأن خطط إعادة الهيكلة التي قدمتها السلطات الألمانية تمهد الطريق أمام بنكي «بايرن إل بي» و«نورد إل بي»، آخر حالتين متبقيتين، لتصبح «قابلة للتطبيق» ولا تشوه المنافسة بصورة كبيرة في السوق المصرفية.

جاءت موافقة المفوضية على مساعدة «بايرن إل بي» بتحذير يلزم البنك بإعادة سداد 5 مليارات يورو (6 مليارات دولار) خلال السنوات السبع المقبلة.

قال ألمونيا إن «جدول إعادة السداد الذي نفرضه يضمن أن البنك لن يحتفظ بأموال عامة تزيد على احتياجاته».

كانت السلطات الألمانية والبافارية منحت مصرف «بايرن إل بي» ضخا رأسماليا بقيمة 10 مليارات يورو وحماية من المخاطر بقيمة 4.8 مليار يورو، وضمانات سيولة خلال الأزمة المالية عام 2008. قال ألمونيا إنه مقتنع بأن البنك «تعلم الدروس من الماضي».

وتنص خطة إعادة هيكلة البنك على خفض ميزانيته بنحو النصف مقارنة بما كانت عليه في عام 2008، وتشمل بيع وحدات تابعة ألمانية وأوروبية أخرى فضلا عن خفض مستوى وجوده الدولي.

من ناحية أخرى، قالت المفوضية إن بنك «نورد إل بي» يعتزم خفض أصوله بنسبة 15 في المائة بحلول عام 2016، «وتغيير خليط أعماله نحو قطاعات أعمال أكثر استقرارا». ووجدت المفوضية أن البنك سيظل قادرا على الوفاء بالتزاماته في ظل خطته لإعادة الهيكلة.

وحصل البنك على نحو 3.3 مليار يورو في شكل مساعدة حكومية لتعزيز رأسماله الممتاز للوفاء بمتطلبات الاتحاد الأوروبي.