السودانيون يقاطعون اللحم والطماطم والبيض وكل ما هو غال

تعرفة الكهرباء ترتفع بنسبة 150%

جانب لأحد أسواق الفواكه والخضار في الخرطوم
TT

لا يدري السودانيون ماذا يقاطعون..؟ فلو أنهم «تركوا كل غال» كما تدعو الجمعية السودانية لحماية المستهلك في حملتها «الغالي متروك»، لما وجدوا شيئا في أيديهم..! أمس ودون سابق إنذار ذهب الناس لشراء الكهرباء، فوجدوا أن سعر الكيلووات الواحد ارتفع من «26» قرشا إلى «65» قرشا دفعة واحدة، ودون سابق إعلان أو إنذار. تقول السيدة «فايزة علي» وهي ربة أسرة أدهشتها الزيادة: «فوجئت بالزيادة (150%)، وسأبحث عن مشتر لجهازي تكييف الهواء في بيتي، لن أسد فتحتيهما على الحائط لعلهما تجلبان بعض الهواء، وتشهدان على ظلم لا نطيق له ردا». وتضيف: «لم نعد قادرين على توفير احتياجاتنا الأساسية، تركنا الأكل فاللحم بـ50 جنيها للكيلو بعد أن كان في حدود الثلاثين، سعر كيلو الطماطم ارتفع إلى 12 جنيها بعد أن كان لا يتجاوز 4 جنيهات». وبتنهيدة تعكس ضيق الحال تضيف فايزة: «سنقاطع قريبا الأكل، والشرب، والكهرباء، غصبا عنا، لأننا لن نجد ما نشتريها به، حتى نسمة الهواء الباردة التي يوفرها مكيف الهواء لن تجد طريقها إلى أجسادنا»..! شركة توزيع الكهرباء السودانية بعد مفاجأتها الداوية للناس، قالت بكل برود في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية «سونا»: «تعريفة الكهرباء الجديدة تشمل القطاع الحكومي والسكني الذي يستهلك أكثر من 600 كيلوواط شهريا، بسعر 65 قرشا للكيلو، وللفئة التي تستهلك 800 كيلو تصبح التعرفة 85 قرشا. ويقول عبد الإله زين العابدين، تاجر: «هذه حيلة مكشوفة وذر للرماد في العيون، كيف تكون هناك تعرفة خاصة بالحكومة، الحكومة عودتنا على استئثناءات تصبح تدريجيا هي السائدة في كل شيء».

ويرى موسى حسين فني تبريد، في زيادة أسعار الكهرباء «دعوة للتخلف»، لأن الكثيرين لن يستخدموا مكيفات الهواء، الأفران الكهربائية، الغسالات الكهربائية، لأنها تستهلك الكثير، ويضيف: «تخيلوا بيتا بلا مكيف هواء، ولا فرن كهربائي، ولا غسالة، ألا يشبه هذا البيت بيتا في العصر الحجري»..؟

من جانبه يقول رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك د. ياسر ميرغني، إنهم رفضوا في بيان رفع سعر تعرفة الكهرباء، وتقدموا بطلب لرئيس الجمهورية لإلغاء الزيادات غير المبررة ولا المفهومة وغير القانونية، التي اتخذت في غيبة البرلمان.

د. ميرغني رأي في حديثة لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة الكهرباء «دولة داخل دولة»، تفعل ما تشاء دون أن يسألها أحد، معتبرا قرار زيادة تعرفة الكهرباء تراجعا للوزير أسامة عبد الله من وعوده السابقة بعدم زيادة التعرفة.

ويضيف: «ندعو الرئيس لإلغاء الزيادات، كما فعل مع قرارات أخرى اتخذها بعض وزرائه، مثل إلغائه لقرار وزير التجارة عثمان عمر الخاص باستيراد السيارات المستعملة.

وقبل الترك «القسري» للكهرباء، كانت جمعية حماية المستهلك أطلقت الاثنين حملة مقاطعة لـ«الطماطم، اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض» تحت شعارها القديم «الغالي متروك». وفي العام الماضي نجحت المقاطعة التي حملت ذات الاسم «الغالي متروك» في كبح جماح أسعار اللحوم، لكن «غلاء الأسعار» هذا العام، لم يعد حكرا على اللحوم ولا على الخضر، ولا على الفواكه، فكل سعر أصابه الجنون، فماذا يقاطع السودانيون، وماذا يصالحون..؟

يقول د. ياسر ميرغني، عن المقاطعة لتلك السلع: «إنها سلع منتقاة بعناية لأن سعرها غير مرتبط بالقرارات الاقتصادية الأخيرة، وأنها ليست من سلع المنع (الحكومي)، وأسعار إنتاجها لم تتأثر بسياسات التقشف». ويضيف: الحملة أتت أكلها سريعا، إذ انخفض سعر الطماطم والبيض والدواجن واللحوم الحمراء، وعاد سعر كيلو اللحم جراء المقاطعة إلى «24» جنيها بعد أن كان «40» جنيها، وانخفض سعر طبق البيض من «24» إلى «16» جنيها.

إن المقاطعة بلغت خلال يومين «50%»، ما أدى لتراجع الأسعار بذات النسبة تقريبا، وعادت «مكبرات الصوت اليدوية» التي يستخدمها الباعة للترويج لسلعهم الكاسدة، إلى أسواق الخضر واللحوم مجددا.