خبراء يدعون إلى الخروج من الصياغة النظرية لمقاصد المصرفية الإسلامية

خلال انطلاق ندوة «البركة» الـ33 في السعودية

تعرف المصرفية الإسلامية توسعا في أنحاء العالم («الشرق الأوسط»)
TT

استبعد خبراء في قطاع المصارف الإسلامية عودة الانتعاش الاقتصادي خلال المستقبل المنظور بسبب التوقعات السلبية الحالية دون التدخل لوضع حوافز تساعد على استعادة ثقة الأسواق، وتحفز المؤسسات على تحريك وضخ سيولتها المجمدة في الاقتصادات العالمية، مع الاستمرار في تطبيق برامج إدارة المخاطر.

ودعا المختصون خلال انطلاق ندوة البركة الثالثة والثلاثين للاقتصاد الإسلامي أمس التي دشنت مساء أمس في مدينة جدة (غرب السعودية) إلى ضرورة الخروج من الصياغة النظرية لمقاصد المصرفية الإسلامية المنثورة في الاجتهادات الفكرية المعاصرة إلى مرحلة سن القوانين والأنظمة، تمهيدا لدمجها في استراتيجية عمل المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية وكذلك أنظمتها الأساسية في الدول الإسلامية.

وأوضح عدنان أحمد يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية خلال كلمته «أننا وبحكم ارتباط الأوضاع الاقتصادية والسياسية في منطقتنا والعالم بأداء مؤسساتنا لا زلنا نتطلع إلى الخروج من الأزمة الحالية ببرامج وسياسات تلبي حاجة مجتمعاتنا أولها وأهمها استعادة الثقة وتيسير الوصول إلى أسواق رأس المال وهو مفتاح الحل للكثير من دولنا في المنطقة العربية».

وبين يوسف «أنه في ظل الظروف البالغة الدقة والتعقيد بالأوضاع الاقتصادية المثيرة للجدل من حيث ارتفاع مستويات الدين، وغياب الإرادة لدى بعض الدول الأوروبية يرافقها عدم اهتمام واضح بمشكلة البطالة في أوساط الشباب ومن ثم تراجع زخم النمو الآسيوي خصوصا في الصين والهند، علاوة على إصرار بعض الشركات والمؤسسات الكبيرة في الاقتصادات المتقدمة على الاحتفاظ بمستويات سيولة عالية من دون أن يبدو في الأفق ما يمكن أن يدفع هذه المؤسسات إلى الاستثمار من جديد».

ونوه الرئيس التنفيذي لـ«البركة المصرفية» أن احتمالات تجاوز هذا الواقع ستكون محكومة بتوافر الإرادة السياسية لتحريك الجمود في اتجاه إيجاد قطاع خاص قوي وفاعل يؤدي دوره الوطني المنوط به في خلق فرص العمل وتشجيع تحرك وتدفق رؤوس الأموال عبر الفرص المتوافرة في كافة الدول العربية والإسلامية، وهو ما سيسهم في ازدهار المصرفية الإسلامية التي ستكون مطالبة بدورها بإدارة تدفق رؤوس الأموال عبر أسواق المنطقة في ظل بيئة اقتصادية وسياسية مواتية.

وزاد: «من خلال التقارير الخاصة بالأوضاع الاقتصادية على مستوى الدول التي تعمل فيها مجموعة البركة المصرفية وهي تمثل نحو 30% من دول منظمة المؤتمر الإسلامي يجب التوقف قليلا عند إمكانيات الصناعة المالية الإسلامية وقدرتها على لعب دور إيجابي في الاقتصادات التي تعمل فيها خصوصا في ظل الظروف والمتغيرات الحالية، فالمعادلة البسيطة التي نتحدث عنها هي في إيجاد نظام مالي قادر على حشد الموارد الحقيقية من خلال آليات المشاركة وإعادة توظيف هذه الموارد لصالح أنشطة الإنتاج والتبادل والتوظيف اعتمادا على أدوات تسعير مباشرة ونظام متكامل للحوكمة والتنظيم والإدارة وفوق كل ذلك وجود بيئة خارجية مواتية تعتمد على أسس ملائمة في مجالات التقنين والحوكمة والتنظيم والسياسات والإجراءات».

وأضاف: «إن المتأمل لمسيرة المصرفية الإسلامية وبحكم السياق الطبيعي للتطور التدريجي لأي تجربة ناشئة يدرك أن المرحلة الحالية في عمر هذه التجربة يتمثل في ضرورة استكمال الجهد نحو التأطير القانوني الشامل لأسس البناء النظري التي انطلقت منه هذه المسيرة، والذي نتطلع إليه من وراء استكمال هذه الجهد هو الخروج برؤية مقننة ذات بعد معياري قابل للقياس توحد به المفاهيم، وتوجه به دفة العمل إلى غاية موحدة تساهم في تحقيقه جميع المؤسسات المالية الإسلامية بما يمنع تشتيت الجهود نحو غايات مختلفة وقد تكون في بعض الأحيان متباينة».

واستطرد: «لقد حان الوقت لوضع تعريف موحد للمصرف الإسلامي يتبين من خلاله طبيعة دوره ومنهج عمله المتميز عن المصارف التقليدية كما أصبح من المحتم الخروج من الصياغة النظرية لمقاصد ومآلات المصرفية الإسلامية المنثورة في الاجتهادات الفكرية المعاصرة إلى مرحلة التأطير في قوالب معيارية نظامية تمهيدا لدمجها في استراتيجية عمل المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية وكذلك أنظمتها الأساسية».

واختتم الرئيس التنفيذي للمجموعة: «إن الانفتاح الكبير وغير المسبوق نحو الصيرفة الإسلامية خاصة بعد الأزمة المالية يفرض علينا الإسراع في وضع الأسس المعيارية الحاكمة لعمل المؤسسات المالية الإسلامية بما يضمن حماية هذه المسيرة من إي انحراف قد يطرأ نتيجة الإقبال الكبير على التجربة، وبما يحقق توحيد العمل المصرفي لتحقيق غاية موحدة تضمن تحقيق المقاصد والمآلات التي من أجلها قام هذا النظام المالي المتميز، وآمل أن يتم تبني توصية محددة تضمن لنا إيجاد تجمع فكري يضم الاقتصاديين من الاتحاد الدولي للاقتصاديين الإسلاميين وعلماء الشريعة من خلال المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة».

في المقابل أعلنت مجموعة البركة المصرفية الفائز بجائزة البركة للاقتصاد الإسلامي والأولى من نوعها للدكتور الصديق محمد الأمين الضرير في حقل الفقه والشريعة من خلال إسهامه في إرساء قواعد العمل المصرفي الإسلامي عبر مؤلفاته الفقهية وتقديرا منها للعلماء والفقهاء الذين بذلوا الجهد في تقديم الفكر والعمل النظري والبحثي، ومن المقرر أن تستمر المجموعة في تقديم جائزة كل عامين للبارزين من العلماء والفقهاء والتنفيذيين في هذا الحقل المعرفي والعملي المهم.

إلى ذلك ستناقش الندوة الثالثة والثلاثين للاقتصاد الإسلامي اليوم الخميس وقف النقود، والأسهم والصكوك والمشاركات في الوقف، الذي يعد من أعمال الخير والبر التي حض عليها الشرع وحبب فيه، وهو من الصدقات الجارية التي يرجى نفعها بعد الممات كما يعتبر وقف النقود والصناديق الوقفية ووقف الأسهم من الصور الحديثة للوقف إضافة إلى محور عمولات السحب النقدي وخطاب الضمان والاعتماد المستندي يشارك فيها موسى شحادة المدير العام للبنك الإسلامي الأردني والدكتور علي أبو العز أمين سر هيئة الرقابة الشرعية بالبنك، إلى جانب الدكتور عبد الستار أبو غدة رئيس الهيئة الشرعية الموحدة.