«المركزي» الأوروبي ينوي شراء ديون سيادية إسبانية

وكالات التصنيف ترى الاقتصاد البريطاني مستقرا

نية «المركزي» الأوروبي شراء ديون إسبانية أثر إيجابا على سوق الأسهم وانخفضت أسعار الفائدة على السندات في إسبانيا (رويترز)
TT

لجأت حكومات أوروبية إلى السماح بفتح المحلات التجارية في أوقات الظهيرة المخصصة للراحة وتناول الغذاء، كما اضطرت بعض المحال إلى الإعلان عن فتح أبوابها اليوم، الأحد.

واضطر ملايين الأشخاص من دول أوروبية مثل إسبانيا إلى الاعتماد بشكل أكبر على بنوك الطعام للحصول على المساعدة الغذائية في ظل الأزمة التي تعاني منها المنطقة، بينما يدرس البنك المركزي الأوروبي شراء ديون سيادية إسبانية لصالح مؤسسات مالية ومستثمرين آخرين. وذكرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية نقلا عن مصادر من بروكسل أن البنك يسعى من خلال هذه الفكرة لزيادة الطلب والضغط على سعر الفائدة للهبوط، بعد أن تجاوز خلال الأيام الأخيرة حاجز 7 في المائة على السندات لأجل 10 أعوام.

وسيتحرك البنك المركزي باسم صندوق الاستقرار الأوروبي بدعم الدول الأعضاء في منطقة اليورو، وفقا للصحيفة الألمانية.

من جهتها أكدت وكالة التصنيف الائتماني (ستاندارد آند بورز) تصنيف الديون السيادية البريطانية عند «AAA» بمنظور مستقر، بسبب التطور الاقتصادي الجيد المتوقع في 2012.

ففي مدريد وافقت الحكومة الإسبانية على السماح بفتح المحلات حتى في ساعات «القيلولة» التي كانت مقدسة للراحة ولم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منها، ولكن نظرا للأزمة الحالية والأوضاع الصعبة، تقرر الاستمرار في فتح المحال في وقت الظهيرة وخصوصا في المناطق التي تشهد إقبالا سياحيا، كما قررت بعض المحال فتح أبوابها في أيام الأحد. وبدأت الأزمة الاقتصادية التي تعصف بإسبانيا بتضييق الخناق تدريجيا على المواطنين الإسبان الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها غير قادرين على تلبية احتياجاتهم اليومية الأساسية من طعام وشراب. كثير من المواطنين الإسبان لجأوا إلى مراكز توزيع الطعام بعد أن تعذر عليهم توفير مستلزمات أسرهم الضرورية للحياة.

وحسب التقارير الصادرة عن منظمة الصليب الأحمر فإن جزءا كبيرا من أفراد الطبقة المتوسطة باتوا عاجزين عن توفير الطعام.

وقالت موظفة في الصليب الأحمر: «في الماضي كنا نوزع الطعام على المحتاجين من الأجانب، لكن هذه السنة، الوضع تغير، وأصبحنا نوزع الطعام على المواطنين».

وبدأت الأزمة المالية في إسبانيا بالتوسع لتشمل مناطق الحكم الذاتي التي تعاني من ديون فادحة، واضطر ملايين الأشخاص من دول أوروبية مثل إسبانيا إلى الاعتماد بشكل أكبر على بنوك الطعام للحصول على المساعدة الغذائية في ظل الأزمة التي تعاني منها المنطقة. ولم يتخيل كثير من الأشخاص الذين تضرروا من الأزمة، التي تعصف كذلك بالبرتغال واليونان، أنهم سيضطرون في يوم من الأيام إلى اللجوء إلى بنوك الطعام، وذلك بعد أن تعرضوا لاستقطاعات الرواتب أو للتسريح من وظائفهم. ويتوجه المواطنون الذين فقدوا وظائفهم، أو الذين لم يعد لديهم الموارد الكافية، إلى بنوك الطعام كخيار لإعالة أسرهم، ولكن إزاء الطلب المتزايد، يصعب تلبية كل هذه الاحتياجات. ويضطر كثيرون للانتظار في صفوف طويلة تستغرق ساعات للحصول على المساعدات، التي تصل إلى البنوك في شكل منح من الشركات الخاصة. وقال الأمين العام لجمعية الصليب الأحمر في إسبانيا، ليوبولدو بيريز، إن هذه المنظمة وبنوك الطعام تقدم مساعدة لـ«أكثر من مليوني شخص في وضع صعب».

وفي أوروبا على مدار العام الماضي، تم توزيع 104 آلاف طن من الطعام، بزيادة بلغت نسبتها 57 في المائة مقارنة بعام 2006، حينما تم توزيع 60 ألف طن، وفقا لبيريز. وأشار بيريز إلى أنه «في ظل أوقات الأزمة، يحاول الجميع استقطاع (النفقات)، ولكن يكون هناك أشخاص يحتاجون حقيقة للمساعدة». يأتي ذلك بينما يدرس البنك المركزي الأوروبي شراء ديون سيادية إسبانية لصالح مؤسسات مالية ومستثمرين آخرين.

وسيتحرك البنك المركزي باسم صندوق الاستقرار الأوروبي بدعم الدول الأعضاء في منطقة اليورو، وفقا للصحيفة الألمانية. وربطت الصحيفة هذه المعلومات بالبيان المشترك الصادر عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وأكد هولاند وميركل في البيان عزمهما «فعل كل شيء لحماية منطقة اليورو»، والتزامهما بتحقيق «التكامل في منطقة اليورو». غير أن عملية شراء واسعة للديون السيادية الإسبانية من جانب البنك المركزي الأوروبي، قد تواجه قيودا من جانب البنك المركزي الألماني.

وقال متحدث باسم البنك المركزي الألماني للصحيفة إن خطوة على هذا النحو قد تمثل «إشكالية»، لأنها تخلق عوامل تحفيز لا أساس لها. وكان رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراجي، قد أكد يوم الخميس الماضي أن البنك مستعد لفعل كل ما هو ضروري للحفاظ على اليورو مشيرا إلى أن التدخل قد يكون ضروريا لتهدئة مخاوف الأسواق. في الوقت نفسه وصلت البطالة في إسبانيا إلى معدل قياسي. في الربع الثاني من عامها المالي، وصل المعدل إلى 24.6 في المائة، وهو أعلى معدل منذ 42 عاما. هذه الأرقام تأتي مع إعلان وزير الاقتصاد الإسباني لأول مرة أن إسبانيا قد تطلب حزمة إنقاذ شاملة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لكن نائبة رئيس الوزراء أكدت عكس ذلك وقالت: «لن نطالب بخطة إنقاذ، خطة الإنقاذ الشاملة ليست مطروحة، نحن نحاول الامتثال للقرارات التي يأخذها المجلس الأوروبي، التي ستؤدي إلى مزيد من الاستقرار في المنطقة». المحللون يعتبرون أن إعلان رئيس البنك المركزي الأوروبي استعداده إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية منطقة اليورو هو خير دليل على محاولة تجنب المسؤولين اعتماد خطة شاملة.

في السياق نفسه أكدت وكالة التصنيف الائتماني (ستاندارد آند بورز) تصنيف الديون السيادية البريطانية عند «AAA» بمنظور مستقر، بسبب التطور الاقتصادي الجيد المتوقع في 2012. وأكدت وكالة التصنيف العالمي «ستاندارد آند بورز»، أن الاقتصاد البريطاني يبدو في وضع مستقر، وقد يعود إلى تحقيق معدلات نمو إيجابية خلال النصف الثاني من العام الحالي على الرغم من مرحلة الركود التي يعيشها منذ نهاية العام الماضي.

وذكرت «ستاندارد آند بورز» في بيان نشرته وسائل الإعلام أنها لا تنوي تخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد البريطاني من درجة «إيه إيه إيه» التي يتمتع بها لأنها تتوقع شروع الحكومة البريطانية في تنفيذ مخططها الضريبي المعلن عنه فضلا عن توقعات بعودة الاقتصاد إلى مرحلة النمو في النصف الثاني من هذا العام. وأشارت إلى أن المرونة النقدية التي يعطيها الجنيه الإسترليني كعملة احتياطية عالمية تمثل قوة ائتمان رئيسية للبلاد، غير أنها حذرت في المقابل من أنها ستلجأ إلى تخفيض تصنيف الاقتصاد البريطاني إذا تقلصت وتيرة وحجم البرنامج الضريبي إلى ما دون توقعاتها.

وكان تقرير رسمي صادر عن «مكتب الإحصاءات الوطني» قد كشف الأسبوع الماضي عن انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة فاقت كل التوقعات ببلوغها 7.‏0 في المائة، وهو ما تسبب في حرج كبير لحكومة رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، في حين تعالت أصوات داخل البرلمان بضرورة إقالة وزير خزانته، جورج أوزبورن.

وفي أثينا، التقت بعثة دائني اليونان: الاتحاد الأوروبي، والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.. رئيس الوزراء اليوناني، أنتونيس ساماراس، لبحث تدابير تقشف جديدة تشترطها الترويكا مقابل دفعها قسطا جديدا من المساعدات المالية الدولية بقيمة 31.5 مليار يورو.

الناطق باسم الحكومة اليونانية، سيموس كيديكوغلو، أوضح: «لقد أحيط رئيس الوزراء علما من طرف ممثلي الترويكا بالتدابير الواجب اتخاذها من أجل إعادة وضع برنامج الميزانية على الطريق». الاجتماع بين الترويكا ورئيس الوزراء اليوناني يأتي في أجواء هادئة بالنسبة للأسواق غداة إعلان البنك المركزي الأوروبي استعداده لتقديم كل ما في وسعه للحفاظ على اليورو.

الخبير الاقتصادي، تيودور كرينتاس، يقول: «أعتقد أنه من المهم جدا، خلال هذا الاجتماع، أن تتلقى الأسواق تطمينات بخصوص استمرار تماسك الحكومة الائتلافية وتنفيذها الإجراءات الضرورية. ولن تكون هناك مفاجآت، في رأيي، وهذا ما سيجري تحديدا». تلبية شروط الترويكا من طرف الحكومة ستكون أكثر من صعبة لمناهضة النقابات واليونانيين بشكل عام للتدابير التقشفية التي حولتهم إلى بؤساء دون أن تنجح حتى الآن في حل الأزمة.