تساؤلات حول «فيس بوك» بعد خسارة سهمها 37% من قيمته

الشركة تكبدت خسارة بـ157 مليون دولار في الربع الثاني

طرح أسهم «فيس بوك» رافقته جعجعة إعلامية كبيرة (إ.ب.أ)
TT

بعد عدم رضائهم عن أول تقرير مالي لـ«فيس بوك» بعد طرح أسهمها للاكتتاب العام، هرب المستثمرون حشودا يوم الخميس حتى بعد إشادة زوكيربيرغ، الرئيس التنفيذي للشركة، بفرص النمو أمام المحللين في هذا المجال.

وخسر سهم «فيس بوك» 18 في المائة من قيمته يوم الخميس، وجاءت أول ضربة خلال التداول العادي بسبب النتائج السلبية التي نشرتها «زينغا»، الشركة التي ابتكرت تلك اللعبة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». مع ذلك استمر سعر السهم في الهبوط في الساعات التالية للتداول بعد إعلان «فيس بوك» سعر سهمها رسميا والذي انخفض إلى ما دون 24 دولارا في أقل مستوى له. ومنذ طرح السهم للاكتتاب العام قبل شهرين بسعر 38 دولارا، خسر السهم 37 في المائة من قيمته. ونادرا ما يتحدث زوكيربيرغ علنا عن الشركة التي أسسها في غرفته بسكن الطلبة منذ ثمانية أعوام، لكن يبدو أن ما قاله هو أو مساعدوه يوم الخميس حول خططهم الخاصة بتحقيق أرباح من الإعلانات على «فيس بوك» لم يفلح في طمأنة المستثمرين. وقال ديفيد إيبرسمان، كبير المسؤولين الماليين: «من الواضح أننا محبطون بسبب حال تداول السهم، لكن المهم بالنسبة لنا هو التركيز على أننا الشركة نفسها». وتضمن التقرير المالي للشركة عن الربع الثاني من العام بعض الأنباء السارة، حيث ارتفعت العائدات بنسبة 32 في المائة على عكس توقعات المحللين، لكن لم تكن الأرباح مذهلة، ولم يرتفع إجمالي عدد المستخدمين إلا بقدر ضئيل للغاية.

وقال جوردان روهان، محلل في «ستيفل نيكولاوس»: «مع الدعاية غير المسبوقة للاكتتاب العام الأولي الذي قامت به الشركة، أعتقد بعض المستثمرين أن المزايا ستتجسد في شكل مادي متمثل في عائدات وأرباح أكبر». وأكد مسؤولو الشركة التنفيذيون خلال مكالمة مع محللين قيامهم بمحاولات لإتاحة الدخول على موقع «فيس بوك» من خلال الهواتف الجوالة. ولم تبدأ الشركة نشر إعلانات على الهاتف إلا مؤخرا. وفي الوقت الذي يقول فيه المسؤولون التنفيذيون إنهم يرون نتائج واعدة، يؤكدون أيضا حرصهم على عدم تكديس الموقع على الجوال بالإعلانات، خشية أن يفسد هذا تجربة المستخدم. وصرحت الشركة بأن 543 مليون شخص يتطلعون إلى استخدام «فيس بوك» على هواتفهم الجوالة بنهاية شهر يونيو (حزيران). ويعد هذا ارتفاعا بنسبة 67 في المائة عن العام الماضي. وقال زوكيربيرغ خلال مكالمة هاتفية: «يعد التحول باتجاه الهاتف الجوال مهما للغاية». وقالت الشركة إن عائدات ربع العام ارتفعت من 895 مليون دولار إلى 1.18 مليار دولار، وأكثرها عائدات من الإعلانات. وأعلنت الشركة عن تكبدها خسارة قدرها 157 مليون دولار أو 8 سنتات لكل سهم مقارنة بصافي دخل قدره 240 مليونا أو 11 سنتا للسهم خلال الربع نفسه من العام الماضي. ويعود هذا بالأساس إلى الحوافز أو الأجزاء التي يحصل عليها العاملون من الرواتب على هيئة أسهم، وعلى أساس معدل أعلنت الشركة عن أرباح قدرها 12 سنتا للسهم أو 295 مليون دولار كما توقع المحللون. ويواجه «فيس بوك»، الذي بلغ عدد مستخدميه على مستوى العالم المليار، خطر التباطؤ الحتمي في النمو. وتكمن المشكلة الأساسية كما يرى المحللون في قدرة الشركة على الاحتفاظ بمستخدمي الموقع والاستفادة منهم من خلال تقديم إعلانات مستهدفة خاصة على الهواتف الجوالة الخاصة بالمستخدمين.

يقول كولين سباستيان، المحلل في «روبرت بيرد آند كامبني»: «قبل أن تطرح شركة (فيس بوك) أسهمها للاكتتاب العام، تم الحكم على (فيس بوك) بحسب عدد مستخدميه، أما الآن بعد اختراقهم بشكل كبير في أكثر الأسواق الغربية، فيجب أن يترجم النمو في شكل نقدي».

الأمر الأهم على حد قول مارك ماهاني، محلل في «سيتي بنك»، هو ما إذا كان المستخدمون يقضون وقتا طويلا على الموقع يوميا مع الوضع في الاعتبار عدد الإعلانات التي يشاهدونها سواء من خلال الهاتف الجوال أو جهاز الكومبيوتر. ويتساءل قائلا: «هل يمكن أن نرى (فيس بوك) في حالة ضعف؟ هل يمكن أن يتراجع عدد مستخدميه؟».

وظهرت أسهم شركة «فيس بوك»، ومقرها في مينلو بارك، بولاية كاليفورنيا، للمرة الأولى في «وول ستريت» في مايو (أيار). ولم يكن ينتظر المستثمرون أن يروا عائدات واعدة وردية خلال الربع الحالي على حد قول المحللين، حيث قال العديد منهم إن الشركة ستتمتع بفترة سماح حتى بداية عام 2013، لكن عليها أن تقدم خريطة طريق واضحة تتعلق بتنامي الأرباح. وتمثل الإعلانات المصدر الرئيسي للمال في «فيس بوك»، بينما يفي بيع سلع تقريبا افتراضية على «زينغا» بالباقي. مع ذلك يعتقد أن لدى شركة «فيس بوك» وسائل أخرى لتحقيق الأرباح، فجوهرة التاج تتمثل في ما ينشره المستخدمون عن أنفسهم بما في ذلك هويتهم وأماكن المدارس التي التحقوا بها وصور أطفالهم وتوجهاتهم السياسية وما يقرأونه ويسمعونه.

وتجري شركة «فيس بوك» تجارب تتضمن تجاوزات على كيفية استغلال كل هذه البيانات في نشاطها المتعلق بالإعلانات. وتجرب كيفية بيع الإعلانات في مساحات أخرى على الشبكة، وتسعى من خلال أحدث وسيلة للإعلان، وهي «فيس بوك إكستشينغ»، إلى تعقب سلوك مستخدميها عند زيارتهم لمواقع إلكترونية أخرى، ثم تقديم إعلانات مصممة بحيث تتناسب مع توجهاتهم عند عودتهم إلى «فيس بوك».

كذلك يجرب «فيس بوك» ما يسمى بـ«التجارب المؤيدة» التي تحول مستخدم ضغط زر «أعجبني» على علامة تجارية ما إلى مستخدم وداعم لها أمام أصدقائه على «فيس بوك». أما في ما يتعلق بالمكاسب، فيقول مسؤولون تنفيذيون في الشركة إن هذا النوع من الإعلانات يحقق أرباحا أكثر من غيره. وقالوا إن الشركة تعتزم تقديم المزيد من هذه الإعلانات على الهواتف الجوالة وأجهزة الكومبيوتر. ويقول زوكيربيرغ: «نعتقد أن أفضل إعلان هو رسالة من أصدقاء». مع ذلك يمثل هذا النوع من الإعلانات مثار جدل قانوني. ووافق «فيس بوك» في إطار تسوية عالقة لقضية فئوية على القيام بتغييرات مكلفة في ما يتعلق بهذه الإعلانات.

وقامت الشركة ببعض التجاوزات في الحصول على الوسائل والمواهب للتعامل مع تحدي إتاحة الموقع على الهاتف الجوال. واستحوذت في الأسابيع الأخيرة على عدد من الشركات الناشئة من بينها «غلانسي» التي تقدم تطبيقا لتقاسم المكان، ومقرها في سان فرانسيسكو، وشركة «Face.com» الإسرائيلية التي تقدم تكنولوجيا التعرف على الوجه، و«أكريليك سوفتوير» الكندية التي تبتكر تطبيقات.

قال براين وايسر، محلل في «بيفوتال ريسيرش غروب»، إن شركة «فيس بوك» نوع جديد من الشركات مما يجعل من الصعب معرفة كيفية قياس تقدمها، فهي ليست مرفقا أو صحيفة أو مصنعا، ولا يمكن تحديد قدرتها على البقاء والاستمرار.

* خدمة «نيويورك تايمز»