55% من المستثمرين في سوق السندات والصكوك السعودية يسيلون محافظهم الاستثمارية

مختصون: المؤسسات الاستثمارية تغامر برؤوس الأموال عبر «الأسهم» و«العقارات»

عدد المستثمرين بصناديق الاستثمار العقاري ارتفع بنسبة 42.7% (تصوير: خالد الخميس)
TT

سيل 55 في المائة من المستثمرين في سوق الصكوك والسندات السعودية محافظهم الاستثمارية في هذه السوق، بحثا عن قنوات استثمارية أخرى يتقدمها القطاع العقاري وسوق الأسهم المحلية في البلاد، خلال العام الماضي، كشف ذلك تقرير حديث صادر عن هيئة السوق المالية السعودية للعام الماضي 2011.

وأمام هذه الأرقام، أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن المؤسسات الاستثمارية في السعودية «تغامر» برؤوس أموال المستثمرين من خلال ضخها في سوق الأسهم أو العقارات، مبينين أنها تبتعد كليا عن الاستثمار في سوق السندات والصكوك. وقال هؤلاء في هذا الاتجاه: «تعتبر سوق السندات والصكوك أكثر أمانا، لذلك على مؤسسات الاستثمار المالية عدم المغامرة بكل أموال المستثمرين في أسواق الأسهم أو العقارات».

من جهتها، أكدت هيئة السوق المالية في تقريرها السنوي لعام 2011، أن عدد المستثمرين في صناديق الاستثمار العقاري ارتفع بنسبة 42.7 في المائة للعام الماضي مقارنة بعام 2010، لافتة إلى أن حجم المستثمرين في سوق السندات والصكوك انخفض بنسبة 55 في المائة للفترة ذاتها.

من جهة أخرى، قال فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «سوق السندات والصكوك السعودية غير نشطة، ولم تحصل على الوضعية المستحقة لها مثل الدول العالمية الأخرى»، موضحا أن بقية دول العالم ينشط فيها سوق السندات والصكوك نتيجة لارتفاع نسبة الوعي المالي والاستثماري لدى المؤسسات المالية الاستثمارية لديها.

وأشار البوعينين إلى أن المؤسسات المالية الاستثمارية في السوق المحلية تغامر في الاستثمار في سوق الأسهم والقطاع العقاري، وتتخلى عن الاستثمار في سوق السندات والصكوك، التي تعد أكثر أمانا من تلك القنوات الاستثمارية.

وأضاف: «بعض الشركات السعودية تواجه صعوبة في الحصول على الائتمان من القطاع المصرفي، ولذلك من المفترض أن توجد لها قناة تمويلية مختلفة، وذلك من خلال سوق الصكوك والسندات»، متسائلا عن أسباب الاعتماد على التمويل البنكي والتخلي عن سوق السندات والصكوك التي تناسب كثيرا من المؤسسات والشركات السعودية الكبرى.

وأوضح البوعينين أن تنويع قنوات التمويل، يسهم في استثمار الأموال الجامدة لدى المواطنين، مشددا خلال حديثه على أن سوق السندات والصكوك توفر أدوات استثمارية آمنة.

وأشار البوعينين إلى أن البنوك المحلية في البلاد عندما احتاجت إلى التمويل المالي في فترة من الفترات، لجأت إلى سوق السندات والصكوك بحثا عن السيولة المالية، مؤكدا أنها نجحت في ذلك.

من جهة أخرى، طالب فهد المشاري، الخبير المالي لصناديق الاستثمار المحلية، بضرورة التوسع في سوق السندات والصكوك، وقال: «إلى متى والصناديق الاستثمارية تعتمد على قنوات محدودة من الاستثمار، كالأسهم والعقارات فقط؟».

وأشار المشاري إلى أن انسحاب 55 في المائة من إجمالي عدد المستثمرين في سوق السندات والصكوك السعودية من الاستثمار في هذه الصناديق خلال عام 2011، دليل كبير على ضرورة تنشيط هذه السوق حتى لا تصل إلى مرحلة «النسيان» في أذهان المستثمرين.

يشار إلى أنه كانت قد أثارت الاستثمارات الحكومية في سوق الأسهم السعودية جدلا واسعا بين خبراء اقتصاديين، إذ يرى هؤلاء الخبراء أن الاستثمارات الحكومية في السوق المالية لن تقود تعاملات سوق الأسهم السعودية إلى مستقبل أكثر إيجابية، مرجعين ذلك إلى ثبات هذه الاستثمارات وعدم توجيهها إلى الفرص الاستثمارية الأكثر جذبا.

وأشار هؤلاء في حديثهم إلى «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي إلى أن سوق الأسهم السعودية ما زالت تعاني من مشكلات هيكلية لن تقودها إلى مسار إيجابي طويل المدى، موضحين أن غياب المؤسسات الاستثمارية عن الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودي، واعتمادها على الأفراد فقط أفقدها الاستقرار، وجعل منها صيدا سهلا للمضاربين.

وأوضحوا أن تحريك هذه الاستثمارات بين أسهم الشركات المدرجة من فترة لأخرى أمر ضروري لتحفيز مؤشر السوق وزيادة معدلات النشاط في التداولات اليومية، مبينين أنه أدرجت حديثا شركات تحقق معدلات ربحيه عالية لم تستثمر بها الصناديق الحكومية.

وأمام هذه التصريحات، أكد الدكتور سالم باعجاجة، أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، أن الفرص الاستثمارية في سوق الأسهم السعودية متجددة، وقال: «لا يمكننا القول إن الفرص تتوقف عند حد معين بل إنها متجددة، والدليل على ذلك هو إعلان شركات حديثة عن نتائج مالية إيجابية جدا خلال الربع الثاني من هذا العام».

وعزا باعجاجة خلال حديثه ما يحدث من تراجع في معدلات السيولة النقدية المتداولة في سوق الأسهم السعودية خلال اليومين الماضيين إلى دخول شهر «رمضان» المبارك، مشيرا إلى أن طبيعة هذا الشهر الكريم لا تشجع المتداولين على المضاربة اللحظية في السوق المالية السعودية ومتابعة شاشات التداول لساعات طويلة.