«جدوى للاستثمار»: قطاعات سوق الأسهم السعودية تتأثر بالأنماط الموسمية

قالت إن تأثيرها على أرباح الشركات قد يكون كبيرا

ذكرت «جدوى» أن هناك نمطا خاصا بحركة أسعار أسهم القطاعات التي توزع أرباحا جيدة (تصوير: خالد الخميس)
TT

قالت شركة «جدوى للاستثمار» إنه على الرغم من أن جميع الاقتصادات تتبع أنماطا موسمية، فإن النمطية الموسمية في الاقتصاد السعودي أكثر وضوحا من معظم الاقتصادات العالمية الأخرى، مشيرة إلى أن هذه الأنماط الموسمية تؤثر بصورة كبيرة على أداء شركات المساهمة، فضلا عن تأثيرها الواضح على النشاط الاقتصادي الذي يشعر به على الرغم من أن البيانات الحديثة لا تعكس ذلك التأثير.

وأشارت «جدوى» إلى أن تباطؤ النشاط الاقتصادي في الربع الثالث جاء بسبب طول فصل الصيف الحار أحد العوامل الرئيسية للنمطية الموسمية، على الرغم من أن تأثير الأنماط الموسمية على أرباح الشركات قد يكون كبيرا، لكن يبدو أن المستثمرين يضعون التغيرات الموسمية في اعتبارهم سلفا عند تقييمهم لأسعار الأسهم.

ولفت التقرير الصادر من «جدوى» إلى أنه لتحديد تلك الأنماط الموسمية قامت باستعراض الأرباح الفصلية لكل قطاع من قطاعات السوق الـ15 منذ عام 2004، على افتراض أساسي وهو نمو الأرباح في الظروف الطبيعية، حيث انصب معظم تركيزها على الأوقات التي تراجعت فيها الأرباح الفصلية. بالنسبة للسوق ككل، وخرجت بأن الأرباح تراجعت 11 مرة خلال الـ32 ربعا الماضية، 7 منها جاءت في الربع الرابع.

وأوضحت أنه على الرغم من أن عيد الأضحى ظل يأتي في الربع الرابع خلال السنوات الأخيرة، فإن التراجع يعود في معظمه إلى لجوء الشركات إلى تنظيف ميزانياتها العمومية لتستهل العام الجديد على أساس متين، وينطبق هذا الوضع بصفة خاصة على البنوك، حيث تبلغ الأموال التي يتم تجنيبها للقروض المتعثرة ذروتها عادة في الربع الرابع، عدا أن هناك شركات أخرى تميل إلى شطب الديون أو الاستثمارات المتعثرة في الربع الأخير.

وأضافت «نجد أن العوامل الموسمية مسيطرة في الربع الثالث، حيث يتباطأ النشاط الاقتصادي في السعودية بدرجة كبيرة خلال الصيف عندما تحد حرارة الطقس من النشاط البدني وتدفع الكثير من المقيمين على الدخول في إجازات، ولكن خلال السنوات الأخيرة تفاقم تباطؤ النشاط خلال الصيف بسبب تزامنه مع رمضان وعيد الفطر»، مشيرة إلى أن مواقيت رمضان وكذلك العيدان غير ثابتة، بل تتحرك عبر العام الميلادي لأن السنة الميلادية تزيد على السنة الهجرية بنحو 11 يوما. وتابع التقرير «إن تأثير الصيف يتعاظم على الشركات التي تعتمد منتجاتها على العمل في الساحات المكشوفة أو الشركات التي تنتج مدخلات لتلك الشركات».

وقال التقرير «على سبيل المثال هبطت أرباح شركات الإسمنت على أساس المقارنة الفصلية في الربع الثالث في 6 من السنوات الـ8 الماضية، حيث يتسبب الطقس الحار في سرعة تحجر الإسمنت ومن ثم الحد من استخدامه كما يقلل عدد الساعات التي يستطيع عمال البناء قضاءها للعمل في الأماكن المكشوفة. كذلك، انخفضت أرباح شركات قطاع الاستثمار الصناعي، وبمستوى أقل، شركات البناء خلال الربع الثالث بسبب تقلص حجم الأعمال التي تجري في العراء».

وبحسب التقرير فإن فصل الصيف له تأثير عكسي على قطاع الطاقة الذي تسيطر عليه الشركة السعودية للكهرباء التي تتأثر أرباحها بشدة باستخدام أنظمة التكييف، ويتخذ الأداء في الشركة السعودية للكهرباء نمطا معينا، حيث تتكبد الشركة خسائر في الربعين الرابع والأول، وتبدأ في تحقيق أرباح خلال الربع الثاني، ثم تسجل أعلى أرباحها خلال العام في الربع الثالث، حيث تصل درجات الحرارة إلى مستوياتها القصوى وتبلغ معدلات تشغيل المكيفات مداها. وفي السنوات الأخيرة ظل رمضان وعيد الفطر يتزامنان مع الربع الثالث، لذا ساهم قصر ساعات العمل والعطلات الطويلة في تفاقم تأثير الصيف على القطاعات التي تعتمد بدرجة كبيرة على العمالة.

من ناحية أخرى، يشهد شهر رمضان إنفاقا استهلاكيا قويا، ونتيجة لذلك يميل قطاع التجزئة لتحقيق أعلى مستويات أرباحه خلال العام في الربع الثالث، إضافة إلى ذلك، يستفيد الكثير من شركات التجزئة بصفة خاصة من هذا الربع بفضل المبالغ التي تنفق قبيل بداية العام الدراسي الجديد.

ويشكل الربع الثاني عموما ذروة النشاط بالنسبة للقطاع الخاص في السعودية نتيجة اندفاع الشركات لعقد الصفقات والمشاريع مستبقة تباطؤ النشاط في موسم الصيف، وقد سجلت ثمان من القطاعات الـ15 أعلى أرباحها خلال الربع الثاني، وهو الربع الذي تتم فيه ترسية معظم المشاريع ويعتبر الموسم الرئيسي للمؤتمرات والمعارض.

وذكر التقرير وجود بعض القطاعات التي لا يتأثر أداؤها بالتغيرات الموسمية، وذلك مثل البتروكيماويات التي تشكل أكبر قطاع في سوق الأسهم، حيث يمكن تشغيل مصانع البتروكيماويات بعدد قليل من العناصر البشرية وبغض النظر عن درجة حرارة الطقس؛ فإيرادات هذا القطاع تعتمد على الأوضاع في أسواق الصادرات.

وتشير البيانات الخاصة بالسنوات الثماني الماضية إلى أن حدوث أو عدم حدوث التغيرات الموسمية لم ينعكس على حركة أسعار الأسهم في أي قطاع، ويعود ذلك في اعتقاد «جدوى» إلى إدراك المستثمرين للأنماط الموسمية وبالتالي عكسها سلفا في أسعار الأسهم. وهناك نمط خاص بحركة أسعار أسهم القطاعات التي توزع أرباحا جيدة، كقطاع الطاقة مثلا، لكن ليس له صلة مباشرة بالموسمية، فتلك الأسعار ترتفع في الربع الرابع عند قيام المستثمرين بشراء الأسهم قبيل فترة توزيع الأرباح ثم تنخفض في الربع الثاني عندما يقدم المستثمرون على جني تلك الأرباح، إضافة إلى نتائج الشركات، بدأت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات إصدار بيانات فصلية عن النمو الاقتصادي بالقيمة الفعلية (أي معدلة وفقا لتغير الأسعار)، ويتوقع أن توفر هذه البيانات بمرور الزمن المزيد من الإيضاحات حول تأثير الأنماط الموسمية على الاقتصاد.

وتابعت «على الرغم من أن تلك البيانات الأولية لم تظهر الأنماط الموسمية المتوقعة، فإنها سلطت الضوء على بعض الأنماط غير المتوافقة مع نتائج الشركات والبيانات الاقتصادية الأخرى».

وكان أبرز الأنماط الموسمية نمو جميع القطاعات غير النفطية - ما عدا المرافق - خلال الربع الأول، ويعود جزء من هذا النمو إلى وقوع عيد الأضحى في الربع الرابع عامي 2010 و2011. فإذا افترض أن النشاط الاقتصادي يتعطل لمدة أسبوعين خلال الربع الرابع - أسبوع العيد وإجازات قبله أو بعده - بينما يعمل بطريقة عادية طيلة الربع الأول، يوضح أن هذا وحده سيحقق نموا فعليا تبلغ نسبته نحو 15 في المائة.

ولفتت إلى أن هذا النوع من النمو لا يمكن أن يأتي متجانسا في جميع القطاعات، وعلى سبيل المثال لن تؤثر العطلات العامة على العمليات التي تعتمد على التقنية كإنتاج البتروكيماويات مثلا، إضافة إلى ذلك، يتعين أن يكون التباطؤ في الربع الرابع مسبوقا بتراجع بنفس الحجم، إن لم يكن أكبر منه، في الربع الثالث بسبب عيد الفطر وموسم الإجازات الصيفية الطويلة؛ لم تنعكس هذه الحقائق في البيانات.

أيضا تعتبر الكثير من الأنماط الموسمية الأخرى التي أظهرتها البيانات محيرة، فالهبوط الحاد في ناتج قطاع النفط في الربع الأول لا ينسجم مع بيانات إنتاج النفط، كما أن العلة وراء الانخفاض الشديد في تكرير النفط في الربع الرابع، وهو سبب تراجع الناتج الصناعي، غير واضحة.

وجاء النمو في قطاع المرافق متوافقا مع الأداء المالي للشركة السعودية للكهرباء، حيث يتدنى الناتج في الربعين الرابع والأول جراء انخفاض درجات الحرارة الذي يؤدي بدوره إلى تراجع استخدام أنظمة التكييف، عموما يعتبر نشر بيانات فصلية عن النمو الاقتصادي خطوة جيدة، ولكن يبدو أن هذه البيانات الأولية تحتاج إلى مراجعة.