السعودية: العيد يدفع بأسعار الأغنام نحو الارتفاع.. وعزوف بسبب الزيادة

الماشية المحلية تعتلي صدارة الطلب والمستوردة لا تحظى بشعبية

سوق المواشي لم تشهد منذ فترة طويلة ثباتا في القيمة، إذ ظل مؤشر الأسعار يتأرجح بين الارتفاعات المبالغ فيها (تصوير: خالد الخميس)
TT

في مشهد يتكرر كل عام، ارتفعت أسعار الأغنام المحلية من جديد، بعد انخفاض طفيف طرأ عليها قبيل دخول شهر رمضان المبارك، ولكن ما إن اقترب حلول عيد الفطر وهو الموسم الذي يعتبره تجار الأغنام موسما ذهبيا لتحقيق الأرباح، حتى عادت الأسعار إلى سابق عهدها، ولم تكتف بذلك بل واصلت الصعود إلى مستويات جديدة، يتوقع المتعاملون في قطاع الماشية أن ترتفع أكثر من التسعيرة الحالية، كلما تسارعت عقارب الساعة نحو صلاة العيد.

ولم تختلف أعذار المستثمرين في قطاع الماشية عما صرحوا به في الارتفاعات السابقة، فمنهم من اتهم اضطرابات أسعار الشعير والبرسيم بالتسبب في زيادة الأسعار، وآخرون اتهموا تكاليف حضانة البهائم لحين دخول المواسم، وتضاربت الأسباب إلا أن النتيجة واحدة، وهي أن القطاع يسير نحو ارتفاعات متتالية لحين الانتهاء من أيام العيد، التي تشهد فيها سوق الماشية طلبا كبيرا هذه الأيام.

راجح الودعاني، مستثمر في قطاع الماشية، أكد على طبيعة الارتفاعات الحاصلة في السوق التي والتي أرجعها لأمور عدة، ألقت بظلالها على أسعار الأغنام، مثل ارتفاع إيجارات الأحواش التي تؤوي المواشي وزيادة رواتب الرعاة، إضافة إلى أمور معلومة مثل ارتفاع أسعار الشعير وارتفاع تكلفة فاتورة تربية المواشي بشكل عام. وأضاف الودعاني أن الإقبال على الأغنام هذه السنة يشهد مستوى معقولا، إلا أنهم يطمحون في أن يتحرك لأكثر من ذلك، مرجعا ذلك إلى ارتفاع أسعار الأغنام التي تواصلت في الازدياد، مبينا أن العيد كموسم مهم فرض عليهم ارتفاعا بسيطا لم يتجاوز الـ10 في المائة، نتيجة ارتفاع الطلب ولو كان بنسبة بسيطة مقابل العرض المحدود.

يشار إلى أن سوق المواشي لم تشهد منذ فترة طويلة ثباتا في القيمة، إذ ظل مؤشر الأسعار يتأرجح بين الارتفاع المبالغ فيه، والزيادة المعقولة، حيث يلاحظ أن الأسعار لم تنخفض بالشكل الذي يطمح إليه المستهلك، كما ارتفعت أسعار الأغنام خلال السنوات الثلاث الماضية إلى أضعاف قيمتها، الأمر الذي انعكس على مبيعاتها بالتقلص نتيجة انخفاض الطلب.

من جانبه، أوضح سالم الرشيدي، وهو تاجر أغنام محلي، أن سبب ارتفاع الأسعار هو ضغط الطلب على الأغنام محلية النشأة، في ظل انخفاض العرض على أكثر الأنواع شراء، والتي يأتي على رأسها النعيمي والنجدي، اللذان أبان أنهما هما اللذان تسببا في فرض الأسعار الأخيرة، مبينا أنه من المفترض أن يتم دعم وتربية الأغنام المحلية، التي تفضل شراءها شريحة كبيرة من المستهلكين، على الاستيراد من الخارج حيث تفضل اللحوم المستوردة فئة صغيرة منهم.

وحول الأسعار الحالية للأغنام، كشف الرشيدي أن النجدي هو المتسيد على القائمة المطلوبة في سوق الأغنام، إذ يصل سعره إلى أكثر من 1800 ريال (480 دولارا)، والرقم مرشح للارتفاع إلى أكثر من ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة، ثم يأتي بعد ذلك النعيمي الذي تتراوح أسعاره بين 1550 ريالا (413 دولارا) و1700 ريال (453 دولارا)، أما الأنواع المستوردة مثل السواكن فلا يتجاوز سعرها الـ1000 ريال (266 دولارا)، أما البربري الذي يعد أقل الأنواع طلبا فلا يتجاوز سعره الـ600 ريال (160 دولارا) في أسوأ التقديرات.

ويلاحظ أن الحكومة السعودية حاولت جاهدة إرجاع الأسعار لوضعها الطبيعي، عبر دعم أسعار الشعير بنسبة 50 في المائة، إضافة إلى فتح باب الاستيراد على مصراعيه لرفع العرض في السوق، إلا أنها وللأسف لم تلق بظلالها على الأسعار كما يجب، فظلت مرتفعة حتى الوقت الحالي.

وفي صلب الموضوع، أبدى محمد الدوسري، تاجر في سوق الأغنام، استياءه من الارتفاع الحاصل في تكاليف تربية المواشي، التي انعكست وبشكل مباشر على الأسعار، التي بطبيعة الحال سيتحملها المستهلك الذي يصدم وبشكل يومي بارتفاع الأسعار من دون مبرر يقنعه، لافتا إلى أن المستهلكين يعتقدون أن زيادة الأسعار ليست إلا جشعا منهم كتجار أغنام.

وأضاف أن «الحقيقة الغائبة تكمن في أن المصروفات على تربية المواشي تضاعفت خلال السنة الأخيرة لتصل إلى ضعف ما كانت عليه سابقا»، موضحا أن المستهلكين لا يعلمون من ارتفاع المصروفات سوى ارتفاع الشعير، إلا أن التكلفة ارتفعت بشكل كلي لتشمل جميع نواحي معيشة البهيمة، مبينا أن هناك إقبالا ضعيفا من قبل المستهلكين، إلا أنهم يعولون كثيرا على ساعة الصفر التي تسبق يوم العيد بساعات قليلة.