للوقت قيمته.. كيف نقيم ذلك؟

سعود الأحمد

TT

أشعر بالسعادة وأنا أقف عند إشارة المرور الضوئية وأشاهد معها ساعة الوقت وهي تحسب لي (بالثواني) الوقت المتبقي على التوقف أو عبور التقاطعات. وأحس أن في ذلك مؤشرا على أننا مجتمع نقدر قيمة الوقت بأسلوب عملي ونترجم ذلك في مجال حيوي مهم من حياتنا اليومية. فهذه الإشارة الضوئية المجهزة بلوحة توقيت رقمية تريح المنتظر وتمنحه فرصة الاستفادة من الوقت المتبقي على فتح الإشارة أمامه. وتعطيه مؤشرا لمعرفة الوقت المتاح أمامه للسير.. كل هذه أمور تتعلق بتسهيل حركة مرور السيارات، لكن لهذا الأمر قيمة اقتصادية ينبغي أن تُشخص وتُترجم في صورة مالية وتوضح ماهيتها للمجتمع.

الذي ينقصنا في هذا المجال أنه لا توجد بحوث علمية تنشر للرأي العام مقادير وأثمان الوقت الذي يمكن تخفيضه باستخدام مثل هذه التقنيات الحديثة، التي توفر الوقت والجهد على الناس! ولذلك، نجد أن استخدام مثل هذه التقنيات يتأخر السنين الطوال، وقد نجده في بعض مدن وأحياء ونفتقده في أخرى. حيث لا توجد معايير واضحة تحدد مدى أهمية ومتى وأين تستخدم هذه التقنيات، وهل هي من الضروريات أم من قبيل الرفاه؟! وهل قرارات استخدام مثل هذه التقنيات مناطة بجهات عسكرية وليس لها علاقة بالاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي؟! وفي تقديري، لو وجد تقييم واضح لمنافع استخدام إشارات المرور ذات التوقيت لما تأخر استخدامها في كل موقع طوال هذه السنين الماضية! وأعتقد أن سبب تأخر الاستفادة من مثل هذه التقنيات ناتج عن غياب الدور الفاعل للجامعات ومراكز البحث العلمي في المجتمعات الأقل تقدما. بينما تجد معظم القرارات الاستراتيجية في الدول المتقدمة تستند إلى بحوث علمية محكمة. ثم توظف وكأنها فتاوى شرعية يطالب بها الرموز الشعبية والسياسية والمنظرون في مقالاتهم والمحاضرون في جامعاتهم ومعاهدهم المتخصصة. وتجدهم يطالبون الجهات المختصة بتطبيق ما تتوصل إليه هذه البحوث من نتائج وتوصيات. وترى هذه الدراسات لا تترك شيئا من الأمور الحياتية إلا وتطرقت له بالبحث والدراسة، يقابل ذلك ثقافة بأذهان مفتوحة لكل ما هو مقترح مهما كان مستوى القائم به! وأتصور أنه لو كان هناك بحث علمي يؤسس على حقائق عملية ليتوصل إلى نتائج تكلفة غياب مثل هذه الإشارات المرورية الرقمية ليتوصل إلى توصيات بمدى أهميتها، فإنني أجزم بأن ذلك سيكون حافزا للجهات المعنية على أن توفرها في كل موقع بديلا عن الإشارات القديمة.

وعلى صعيد آخر.. أشعر أنه من المفيد أن نجعل من الوقت عنوان تحضر ووعي، ونعبر عن ذلك بأن نوفر ساعة مضيئة وواضحة عند كل إشارة وفي كل ميدان في جميع مدننا الرئيسية وعواصم محافظاتنا.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]