تجار حلب صامدون في متاجرهم رغم قذائف مقاتلات بشار

بسطات الفواكه تجاور أشلاء الضحايا

TT

تحلق مقاتلة للجيش السوري على ارتفاع منخفض فوق حلب، ولكن على غرار بعض سكان المدينة الذين يواصلون عملهم، لا يعير أحمد شمطا الأمر اهتماما ويظل منشغلا ببيع حذاء صيفي لأحد زبائنه. وذلك وفقا لتقرير نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

يبادر شمطا الزبون الذي يمعن النظر إلى الحذاء الجلدي قائلا «لا أستطيع أن أبيعك إياه بـ150 ليرة سورية (نحو 2.3 دولار)، الأسعار ارتفعت. بات الآن بـ250 ليرة (نحو 3.8 دولارات)».

حولهما، يراقب سكان المقاتلة التي تخلف وراءها خطوطا بيضاء في حين يسمع دوي انفجارات في الأحياء القريبة كلما أطلقت نيرانها على المنازل.

ولكن في ظل أحد الجسور المحولة، يحاول أحمد شمطا وحفنة من التجار الآخرين الحفاظ على وتيرة نشاطهم اليومي. في النهاية، يوافق الزبون على السعر الذي طالب به التاجر ويبتعد حاملا حذاءه الجديد من دون أن ينتبه للرجال والأطفال الذين يسمرون أعينهم على المقاتلة.

وفي المكان نفسه يصدر أحد قادة المعارضة المسلحة أوامره ويرسل مقاتلين إلى الأحياء التي تستهدفها المقاتلة شاحذا همم رجال له كانوا يبتعدون على متن شاحنة صغيرة مجهزة بمدفع مضاد للطائرات. رغم كل شيء، لا يزال النشاط التجاري ممكنا في حلب، الرئة الاقتصادية لسوريا والتي تشهد منذ أكثر من شهر مواجهات مصيرية بين قوات النظام والمعارضة المسلحة.

على الجسر المحول، تنتظر حافلات صغيرة بيضاء أن تقل ركابا، وفي الشارع يفتح بعض المتاجر أبوابه رغم إطلاق النار والقنابل. يعلق شمطا (48 عاما) قائلا «أمضيت حياتي أبيع أحذية، لا أتقن عملا آخر. آتي إلى هنا كل يوم سواء اندلعت معارك أو لا. يجب أن أطعم عائلتي».

منذ بدء المعارك اضطر إلى زيادة أسعاره لأن تاجر الجملة الذي يتعامل معه رفع أسعاره بدوره. أسعار أحذيته باتت تتراوح ما بين 250 و500 ليرة سوريا. وفي الحد الأقصى، يجني ما بين أربعة آلاف وستة آلاف ليرة (ما بين ستين وتسعين دولارا).

على بسطة مجاورة، يتصدى محمد حمزة من دون هوادة لأسراب الذباب التي تهاجم عناقيد العنب الناضجة. يقول «بالتأكيد العمل في هذه الظروف بالغ الصعوبة، العمل على وقع حرب، ولكن كيف نحصل رزقنا؟». ويضيف «ما زال هناك أناس هنا يحتاجون إلى طعام. يأتون للشراء رغم الحرب، حتى في عز المعارك». ويبيع حمزة الفاكهة منذ كان في الثالثة عشرة من عمره. يتوجه كل صباح إلى تجار الجملة في سوق الهال لشراء البضاعة قبل أن يعاود بيعها في حي الشعار.

على الجانب الآخر من الطريق، ينهمك أنور أسكيف (19 عاما) في عرض صفائح الزيتون من كل الأنواع على زبائنه. هنا الخيار واسع بين حبات خضراء وأخرى سوداء وبنكهات مختلفة. ويقول في حين يملأ كيسا من الزيتون لأحد الزبائن «أنا مثل الجميع، يجب أن أعمل لأعيش، حتى لو كان الموت يترصدني. إذا كنت سأموت فهذا قدري». وبعكس عدد كبير من سكان حلب، يصر الشاب على البقاء. يقول: «أنا من حلب ولا مكان آخر لي أقصده. أفتح متجري كل صباح وأغلقه كل مساء. لن أغادر المدينة».