السعودية تدرس تقسيم المساهمات العقارية الضخمة لتسهيل عملية بيعها وتفادي تكدسها

عقب تجربة فشل بيع مساهمة «جوهرة الشرق»

تقسيم المساهمات العقارية الضخمة وجدولة الطرح من الحلول المجدية لتسهيل عملية بيعها (تصوير: خالد الخميس)
TT

تدرس وزارة «التجارة والصناعة» السعودية كيفية وجود حلول جديدة لبيع المساهمات العقارية الضخمة وفقا لمستويات سعريه معقولة، إذ بدأت تلوح في الأفق فكرة تقسيم هذه المساهمات وبيعها في المزادات العلنية عقب تجربة الوزارة الأخيرة المتعلقة بفشل بيع مساهمة «جوهرة الشرق» وفقا لسعر عادل يوازي طموحات المساهمين.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، أن وزارة «التجارة والصناعة» السعودية بدأت خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، بالتفكير جديا حول جدوى تقسيم المساهمات العقارية الكبيرة ومن ثم طرحها في المزادات العلنية، بهدف تفادي تكدس هذه المساهمات على طاولة المزادات العلنية.

وقالت المصادر ذاتها: «هذه المساهمات العقارية الضخمة تحتاج إلى تحالفات كبيرة بين الشركات ورجال الأعمال، وهو الأمر الذي لم يحدث في المزاد العلني المتعلق بمساهمة جوهرة الشرق»، موضحة أن الوزارة ما زالت بصدد البحث عن حلول لكيفية بيع المساهمات العقارية الكبرى بالسعر العادل، وإعادة أموال المساهمين إليهم بأقصى قدر ممكن من السرعة.

وأوضحت المصادر ذاتها، أن وزير التجارة والصناعة السعودي الدكتور توفيق الربيعة يقف على التطورات المتعلقة بملف المساهمات العقارية بشكل يومي، وقالت «الوزارة تسعى إلى إعادة أموال المساهمين إليهم بالصورة المناسبة، ولكنها بدأت فعليا تبحث عن حلول تسويقية».

ولمحت المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط» أمس، إلى أن ملف المساهمات العقارية المتعثرة ما زال ساخنا داخل أروقة وزارة «التجارة»، بالتعاون مع وزارتي «الداخلية»، و«الشؤون البلدية والقروية»، مؤكدة في الوقت ذاته أن نسبة النجاح المتوقعة في بيع المساهمات العقارية المقبلة وفقا للأسعار العادلة تصل إلى 75 في المائة.

وكانت مساهمة «جوهرة الشرق» قد دقت جرس إنذار أزمة جديدة في بيع المساهمات العقارية المتعثرة بالسعودية مطلع الشهر الجاري، وهو الأمر الذي يعني أن المساهمات العقارية الكبرى التي ستعرض في المزادات العلنية لتصفيتها قد لا تجد عروضا مناسبة يقود اللجنة الموكلة بإدارتها إلى اتخاذ قرار البيع، مما يجعلها تضطر إلى إعادة الطرح مرة أخرى.

وفي الوقت الذي أعلن فيه الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة في البلاد ورئيس لجنة المساهمات العقارية عن عدم بيع مساهمة «جوهرة الشرق» خلال المزاد العلني الخاص بذلك نظرا لبخس قيمة العروض المقدمة وعدم توافقها مع السعر العادل، أكد خبير عقاري لـ«الشرق الأوسط» أمس أن هذه الخطوة تعني أن المساهمات العقارية الكبرى التي سيتم تصفيتها قد تتعرض لنفس المشكلة.

وأمام هذه التطورات الجديدة في سوق العقارات السعودية، رد الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة على بعض الأشخاص الذين يتهمون عمل اللجنة بالتقصير، قائلا «هناك من يريد منا التطبيل للمساهمات العقارية بهدف رفع قيمة الأسعار، وهذا ليس دورنا، نحن نقوم على الشفافية والعدل في أعمالنا، ولن نقوم بالتطبيل للمساهمات العقارية المقبلة على التصفية على وجه الإطلاق».

وشدد الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة السعودي عقب مزاد جوهرة الشرق على أن لجنة المساهمات العقارية في البلاد حريصة جدا على إعادة أموال المساهمين، إلا أنه أستدرك قائلا «وأمام هذا الحرص، نحن لا نريد أيضا أن نبخس سعر أي مساهمة كانت، السعر العادل هو هدفنا».

وأوضح الربيعة أن اللجنة من أدوارها تصفية الحقوق، وقال «نعمل وفقا لتوجيهات مباشرة من مقام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على تصفية الحقوق وإعادتها إلى المساهمين بكل شفافية وعدالة، وفي نهاية الأمر نحن مؤتمنون على هذا العمل أمام الله سبحانه وتعالى».

وأعلن الربيعة عن إعادة طرح مساهمة جوهرة الشرق في مزاد آخر خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مؤكدا على أنه لدى اللجنة خبراء عقاريون يستطيعون وضع السعر العادل للمساهمات العقارية المراد تصفيتها.

وفي ظل هذه المستجدات في ملف المساهمات العقاري المتعثرة، أكد عايض العلي وهو مسوق عقاري في العاصمة السعودية «الرياض»، أن فكرة تقسيم المساهمات العقارية الكبيرة كمساهمة «جوهرة الشرق»، فكرة جديرة بالاهتمام والترحيب، إن أتمت وزارة «التجارة والصناعة» هذه الخطوة.

وقال العلي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لا ننتظر أن يكون هنالك تحالفات كبيرة بين الشركات أو رجال الأعمال، لذلك من الأجدى تقسيم المساهمات العقارية الضخمة، وطرحها في المزادات العلنية وفقا لجدول زمني محدد»، مبينا أن النجاح في إنهاء ملف جميع المساهمات العقارية المتعثرة يعد إنجازا من الممكن أن تحققه وزارة «التجارة والصناعة» في البلاد.

يشار إلى أنه كان قد أعلن الدكتور توفيق الربيعة، وزير التجارة والصناعة السعودية قبل نحو 5 أسابيع، عن ترسية بيع مخطط درة الخبر العقاري في شرق البلاد، على مجموعة «عمر سليمان العبد اللطيف للتطوير العقاري وشركاؤه»، وذلك بعد تقديمها عرضا لشراء المشروع بقيمة تتجاوز 599 مليون ريال (160 مليون دولار)، من خلال بيع المشروع عبر طريقة فتح المظاريف.

وجاء إعلان الوزير خلال مؤتمر عقد لفتح المظاريف في العاصمة السعودية الرياض حينها، إذ ظفرت مجموعة العبد اللطيف بعد تقديمها مبلغ 400 ريال (106 دولارات) للمتر المربع، عبر منافسة مع شركة «ركاز للتطوير العقاري» التي قدمت 150 ريالا (40 دولارا)، و«الشركة الأولى للتطوير العقاري» التي قدمت 221 ريالا (58.9 دولار)، وتم الكشف عن تلك العروض خلال فتح مظاريفها في المؤتمر.

وقال وزير التجارة السعودي حينها: «الحماس لدى المستثمرين العقاريين كبير لشراء المساهمات العقارية»، مؤكدا أن بعض المساهمات كبيرة وتحتاج تكتلات ولهذا السبب تكون بعض العروض بأعداد غير كبيرة، إلا أنها لجمع مبالغ المساهمات الكبيرة.

وأشار إلى أن الوزارة تواصل ملاحقة المتسببين في تعثر المساهمات، مشددا على أن وزارته تعمل بجد وحزم ولن تتهاون مع أي شخص تسبب في ذلك، حيث إن رد الحقوق هو الهم الأول.

وقال: «إن التحديات في هذا الجانب كبيرة والمعوقات كثيرة، وعدد من القائمين على المساهمات العقارية يعملون على وضع كل المعوقات لتعطيل عملية البيع، ولكن نحن نقف بقوة ولم نخسر أي قضية، ومستمرون بدعم وتوجيه خادم الحرمين الذي له دور كبير في قوة اللجنة وانطلاقتها بشكل كبير».

وحذر الربيعة الأفراد من الدخول في المساهمات العقارية غير الواضحة وغير المرخصة، ولفت إلى وجود بعض المساهمات العقارية المحدودة بين بعض الأشخاص، وأن هذه المساهمات خارج نطاق اللجنة، ولكن هذه القضايا تذهب للقضاء للبت فيها.