السعودية: العقود الحكومية تنذر بأزمة شح قادمة في سوق حديد التسليح

تستهلك ما نسبته 60% من حجم السوق خلال الأشهر المقبلة

توقعات بارتفاع الطلب على حديد التسليح خلال الأشهر الأخيرة من العام الحالي بنسبة 30% («الشرق الأوسط»)
TT

حذرت مصانع سعودية متخصصة بصناعة الحديد من إمكانية حدوث أزمة شح معروض بدأت تلوح في الأفق خلال هذه الأيام، وسط تأكيدات مسؤول رفيع المستوى لدى أحد المصانع المحلية في البلاد لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن طلبات المقاولين لتنفيذ العقود الحكومية قد تسحب ما نسبته 60 في المائة من سوق الحديد السعودية خلال الأشهر الأربعة المقبلة.

وذكر المسؤول ذاته، (طلب عدم كشف اسمه)، أن الحديد المستورد قد لا ينجح في تغطية الطلب المتوقع في سوق الحديد المحلية، مشيرا إلى أن الأشهر الأربعة الأخيرة من كل عام عادة ما تشهد تزايدا في طلبات شراء حديد التسليح سعيا لتنفيذ العقود الحكومية.

وأمام هذه المعلومات، اعتبرت مصادر مطلعة في مصانع الحديد المحلية أن الأسعار الحالية لا تقدم هوامش ربحية جيدة للمصانع الصغيرة والمتوسطة، وقالت المصادر ذاتها: «أحد المصانع تقدم بطلب زيادة سعر طن حديد التسليح بنسبة 7 في المائة خلال الآونة الأخيرة، إلا أن طلبه تم رفضه من قبل وزارة التجارة والصناعة في السعودية».

وأمام هذه التطورات في سوق حديد التسليح السعودية، أكد عثمان اليحيى، وهو موزع في سوق الحديد بالعاصمة السعودية (الرياض)، أمس، أن الطلب على حديد التسليح خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من كل عام، يرتفع بنسبة تصل إلى 30 في المائة عما كانت عليه في الأشهر الأخرى.

وأرجع اليحيى ارتفاع معدلات الطلب على حديد التسليح خلال الأشهر الأخيرة من كل عام، إلى ارتفاع وتيرة تنفيذ المشاريع والعقود الحكومية، متمنيا ألا تحدث أزمة شح معروض خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وكانت مصانع حديد التسليح السعودية قد قررت خلال شهر رمضان الماضي الاستمرار بنفس معدلات إنتاجها للأشهر الأخرى من العام، ويأتي قرار المصانع المنتجة لحديد التسليح في البلاد بمثابة الاستعداد والتأهب المبكر لتغطية حجم الطلب المتوقع خلال الأشهر المتبقية من السنة الحالية.

وأبلغت «الشرق الأوسط» مصادر مطلعة في سوق حديد التسليح السعودية الشهر الماضي، أن حجم الطلب خلال شهر رمضان من المرشح أن يتراجع بنسبة تصل إلى 50 في المائة، وقالت المصادر ذاتها: «رغم ذلك، قررت معظم مصانع حديد التسليح في البلاد الاستمرار على نفس حجم الإنتاج الذي تقوم بإنتاجه في الأشهر الأخرى».

من جهة أخرى، لم تغير وزارة التجارة والصناعة السعودية أسعار بيع حديد التسليح النهائية في السوق المحلية منذ 18 أغسطس (آب) 2010، وحسب تفاصيل الموقع تبلغ أسعار شركة «حديد» التابعة لـ«سابك» 3150 ريالا للطن (840 دولارا) لمقاس 8 ملم، و3110 ريالات (829 دولارا) لمقاس 10 ملم، و2930 ريالا (781 دولارا) لمقاس 12 ملم، و2910 ريالات (776 دولارا) لمقاس 14 ملم، و2900 ريال (773 دولارا) لمقاسي 16 و32 ملم.

وجاءت أسعار الحديد المستورد الصيني التابع لشركة «المجموعة السعودية للمواد الإنشائية» أقل مما هي عليه أسعار الشركات المحلية بمقدار 100 ريال (26.6 دولار) للطن الواحد، بينما كانت أسعار الحديد التركي والقطري أقل مما هي عليه أسعار الحديد المحلي بمقدار 50 ريالا (13.3 دولار) للطن الواحد.

في حين تبرز أهم الدول التي يتم استيراد الحديد منها خلال السنوات الثلاث الماضية في كل من تركيا، والصين، والإمارات، وقطر، بينما تعتبر شركة «سابك» من أبرز الشركات المصنعة لحديد التسليح في السوق المحلية، ويأتي بعدها كل من مصانع «الاتفاق»، و«الراجحي»، و«اليمامة».

يشار إلى أنه كان قد أوضح المهندس علي الحارثي، مدير شركة «عالم التطور العربي» لبيع واستيراد حديد التسليح، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو 5 أشهر، أن شركات بيع واستيراد حديد التسليح في السعودية اتجهت إلى زيادة معدلات استيراد حديد التسليح الإماراتي النصف الأول من العام الحالي.

وقال الحارثي حينها: «التجار السعوديون زادوا من كميات الطلب على الحديد الإماراتي، ونظرا لما تشهده السوق الإماراتية نفسها من زيادة في الطلب الداخلي فإن مصانعها لا توفر سوى 25 في المائة من حجم الكميات المطلوبة من قبل التجار السعوديين».

وأكد الحارثي أن السعوديين لا يحرصون حاليا على استيراد الحديد التركي، والصيني، والأوكراني، مرجعا السبب في ذلك إلى ارتفاع التكلفة نظرا لوجود الرسوم الجمركية وارتفاع تكاليف النقل، مبينا أن هذه الرسوم والتكاليف تجعلان أسعار الحديد المستورد من هذه الدول تزيد على مستويات حديد التسليح المصنوع داخل البلاد.

وحول الحديد القطري ومدى استيراده، قال الحارثي: «السوق القطرية تشهد هذه الفترة طفرة هائلة في معدلات الطلب على حديد التسليح، وهو ما يجعل المصانع القطرية تقلل من عملية التصدير الخارجي، بهدف توفير الكميات اللازمة للمشاريع المقامة بالبلاد».