اقتصاديون سعوديون يحذرون البنوك من التوسع في القروض الاستهلاكية

طالبوا بضرورة رفع معدلات القروض التي تشجع على الإنتاجية

TT

طالب خبراء اقتصاديون القطاع المصرفي في السعودية بالحد من تسهيلات القروض الاستهلاكية، وذلك لحماية أفراد المجتمع والاقتصاد من مخاطرها، مؤكدين على ضرورة تشجيع القروض الإنتاجية ومنحها المزيد من المرونة، وهي التي يتم توظيفها في أصول ثابتة تحقق الفائدة للمقترضين، بعكس النوع الأول الذي يشجع الأفراد على الإنفاق في الاحتياجات الاستهلاكية التي تعرضهم للديون والتعثرات المالية.

وشدد هؤلاء على مخاطر القروض الاستهلاكية على أفراد المجتمع، لأنها تشجع على الإنفاق غير المدروس وتحارب ثقافة الادخار، مما يدفع الكثير إلى إنفاق الأموال في شراء بعض الالتزامات التي يمكن الاستغناء عنها وتوفيرها من خلال الدخل الشهري.

وتتزامن تحذيرات الخبراء مع تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي الذي كشف عن ارتفاع حجم القروض الاستهلاكية للربع الثاني من العام الجاري التي بلغت 277.5 مليار ريال (74 مليار دولار)، مقابل 246.9 مليار ريال خلال الربع الأول (65.84 مليار دولار).

وقدر التقرير إجمالي قروض بطاقات الائتمان بنحو 7.9 مليار ريال (2.1 مليار دولار) مقابل 7.7 مليار ريال (ملياري دولار) خلال الربع الأول، فيما بلغت القروض الاستهلاكية في 2011 نحو 242 مليار ريال (645 مليار دولار).

من جهته قال فضل سعد البوعينين الخبير الاقتصادي: «قطاع البنوك في السعودية يركز على قروض الأفراد، لأنها أسهل من قروض الشركات، لذا فإنها تعمل بصفة مستمرة على زيادة محفظة القروض لزيادة أرباحها، خاصة في ظل ارتباط الأفراد بتلك القروض، حتى أصبحت حاليا أشبه بحالة الإدمان، وهذا الأمر شجع البنوك على التوسع في برامج قروض الأفراد»، مشيرا إلى خطورة استمرار هذا الوضع على المجتمع والاقتصاد المحلي.

وأضاف البوعينين: «البنوك طالبت بتقنين القروض الاستهلاكية لحماية المجتمع، والعمل على التوسع وتشجيع القروض الإنتاجية، مثل تمويل المشاريع الصغيرة والعقارات»، مشيرا إلى استفادة الأطراف الثلاثة (المجتمع، البنوك، الاقتصاد) في حال تشجيع الإنتاج.

وقال: «يعزز ذلك ثقافة الادخار ويحقق مصلحة جميع الأطراف»، محذرا في الوقت نفسه من حالة الإدمان التي تتلبس المقترضين الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على التخلص من الرغبة الجامحة في الحصول على قروض إضافية قبل انتهاء مدة التمويل، وبنسبة فائدة مرتفعة جدا.

فيما قالت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط» إن البنوك السعودية شرعت مؤخرا في حملة ترويجية تتنافس فيها على تقديم النسبة الأقل لسعر الفائدة على القروض الاستهلاكية التي تم تحديدها ما بين 1.8 في المائة إلى 2.3 لموظفي القطاع العام، فيما تتراوح لموظفي القطاع الخاص ما بين 3 في المائة إلى 6 في المائة، ويحدد ذلك بناء على معلومات السجل الائتماني للمقترض.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن المنافسة على شريحة الأفراد «الموظفين» ارتفعت في الآونة الأخيرة بين البنوك المحلية، وقالت: «يعمل كل بنك على الاستحواذ على القطاعات الكبيرة التي بها عدد كبير من الموظفين، ويقدمون تسهيلات مالية ونسبة فائدة منخفضة للاستحواذ على أكبر عدد من الموظفين وربط رواتبهم بالبنك من خلال القروض والبطاقات الائتمانية».

وبالعودة إلى تحذيرات خبراء الاقتصاد من التوسع في القروض الاستهلاكية، قال الدكتور عبد اللطيف باشيخ عضو لجنة الأوراق المالية في غرفة جدة: «أفراد المجتمع بحاجة إلى التعرف على التخطيط المالي السليم الذي يحمي الأسرة من التورط في الديون، بسبب زيادة الأعباء المالية عليها».

وأشار باشيخ إلى أن الأفراد لن يستطيعوا مقاومة العروض القوية من قبل البنوك، التي تشجع وتسهل الحصول على القروض الاستهلاكية، مطالبا بتوجه البنوك إلى التوسع في التمويل العقاري، وقال: «يعد التمويل العقاري قناة استثمارية للبنوك من خلال منح قروض جديدة للمواطنين بما يساهم في حل مشكلة المساكن في ظل إقرار أنظمة الرهن العقاري».