استطلاع إقليمي يكشف مصاعب الحكومات المحلية بالمنطقة في تنفيذ خططها

أرجعها إلى الثقافة المؤسسية غير الداعمة ونقص التمويل والإدارة غير الفعالة للمشاريع

TT

في أول استطلاع للرأي تنفذه مؤسسة «بي دبليو سي» العالمية، لحكومات ومدن في الشرق الأوسط، كشفت أن الحكومات المحلية بالمنطقة تواجه تحديات ومصاعب في تنفيذ خططها، وعزت تلك الصعوبات إلى الثقافة المؤسسية غير الداعمة، ونقص التمويل، والإدارة غير الفعالة للمشاريع. وحمل الاستطلاع عنوان «تحويل الرؤى إلى واقع»، وهو يرسم ملامح مهمة ويبين العوامل الواجب توافرها لدى قادة المدن والحكومات المحلية الملتزمة بتطبيق استراتيجيات ورؤى شاملة وتحقيق أهدافها المحددة.

وقال رامي ناظر، رئيس قسم القطاع الحكومي والعام في الشرق الأوسط لدى مؤسسة «بي دبليو سي» إنه يجب أن تنطلق جهود الحكومات المحلية من استراتيجية واضحة المعالم، مدعومة بالأدوات اللازمة لتطبيقها ولإدارة عملية التنفيذ بشكل فعال. وأضاف أن العناصر الرئيسية الثلاثة للنجاح في تطبيق الاستراتيجية هي القيادة الملتزمة، والثقافة المؤسساتية الداعمة، وتوافر التمويل، لكن في غياب القيادة الملتزمة التي تتواصل مع الموظفين وتشاركهم الرأي حول الاستراتيجية، لن يكون أي مبلغ مالي كافيا لتطبيق الاستراتيجية.

وأقر المشاركون في الدراسة من مدن وحكومات الشرق الأوسط بأن إشراك المعنيين وأصحاب الشأن في المراحل المبكرة من إعداد الاستراتيجية يضمن تحديد المشكلات والتحديات والفرص الموجودة على الأرض. ووفقا للاستطلاع، فإن المؤسسات الأصغر حجما في الشرق الأوسط تمكنت من اعتماد نهج تشاركي لتطوير استراتيجياتها، إما بالاستشارات وإما بإشراك أصحاب الشأن مباشرة. في مقابل ذلك، تميل المؤسسات الكبرى إلى إعداد استراتيجياتها داخليا ثم إبلاغ المعنيين وأصحاب الشأن بها بعد اكتمالها.

وأجمع المشاركون في الدراسة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها على أن التواصل وإدارة التغيير وتخطيط الميزانية هي مكونات رئيسية لبلورة وتطوير الاستراتيجية بشكل فعال، ويجب أن تؤخذ بالاعتبار منذ المراحل المبكرة للتخطيط.

وأشار الاستطلاع إلى عدد من التحديات في إدارة المشاريع وتطبيق الاستراتيجية، منها محدودية قدرة المؤسسة على إدارة المشاريع، أو غياب الأدوات والأنظمة اللازمة لمراقبة ومتابعة التطبيق.

وركز 90% من المشاركين على دور القيادة الحازمة في ضمان تطبيق الاستراتيجية، ما يجعلها إلى حد كبير أكثر العوامل أهمية وفقا للاستطلاع. ويبرز ذلك مدى تأثير برامج تطوير القيادة في المنطقة، ويؤكد على أهمية الإعداد القيادي المناسب والتواصل الداخلي.

وعلى الرغم من أن المؤسسات في أنحاء الشرق الأوسط ماضية في تطبيق استراتيجياتها، فإن نسبة كبيرة من المشاركين في الاستطلاع أشاروا إلى أنهم لا يملكون آلية واضحة لترتيب أولويات مبادراتهم الاستراتيجية. وأقر ثلث المشاركين بأن النقص في وحدات إدارة المشاريع يمثل عائقا آخر أمام تطبيق الاستراتيجية. وأظهر الاستطلاع أيضا أن معظم المشاركين يفتقرون إلى أنظمة واضحة لمراقبة وإدارة أداء مؤسساتهم. وأشار التقرير إلى أن ذلك يفسر السبب في أن أكثر من 30% من المشاركين في الدراسة لم يستطيعوا تحديد ما إذا كان قد تم تطبيق استراتيجياتهم بشكل فعال أم لا.

وتعتبر مراجعة الاستراتيجية عاملا أساسيا للتعلم والتطوير في مؤسسات القطاع العام، كونها الدافع وراء تحسين جودة الخدمات المقدمة. ويمكن توظيف عملية المراجعة لفحص نظام العمل وآلياته بما يضمن سير تطبيق الاستراتيجية ضمن النهج المرسوم، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية في نهاية المطاف.

كما وجد الاستطلاع أن الكيانات الصغيرة تراجع استراتيجياتها بشكل أكثر انتظاما من المؤسسات الأكبر حجما التي تواجه تحديات أكبر في الحفاظ على جودة الخدمة ومراجعة الأداء، علما بأنها بحاجة أكثر من غيرها لمراجعة استراتيجياتها.

وعادة ما تحاول المؤسسات الكبرى تلبية متطلبات مجموعة واسعة من أصحاب الشأن، وفي حالات كثيرة تعمل مع أكثر من جهة ذات مصالح متضاربة بحسب ما ذكرته الشركة في التقرير. وبسبب تعقيد عملياتها وآلية تدفق المعلومات فيها، فإنها تتطلب تواصلا وتنسيقا أكثر تقدما عبر مختلف القنوات.

وذكر جميع المشاركين في الاستطلاع أن الشراكة مع القطاع الخاص إما «مهمة جدا» وإما «مهمة». لكن رغم الإجماع على أهمية الشراكة فإن 80% منهم لم يقوموا بعقد شراكات بين القطاعين العام والخاص، ويخطط 15% منهم لتطوير اتفاقيات الشراكة مع القطاع الخاص في المستقبل القريب. ويبين لنا ذلك أن التحدي في تطوير أطر العمل والسياسات والخبرات الوافية لدى الحكومات المحلية لا يزال يحد من عقد شراكات مناسبة لها مع القطاع الخاص.