أميركا: البطالة الحقيقية قد تفوق الرقم الرسمي المعلن

انكماش الصناعات التحويلية للشهر الثالث على التوالي

ستكون البطالة وإيجاد الوظائف من أكثر المواضيع تأثيرا في الانتخابات الرئاسية المقبلة في أميركا بين أوباما ورومني (أ.ف.ب)
TT

أظهر مسح أمس الثلاثاء أن قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة سجل أكبر انكماش له في أكثر من ثلاث سنوات في أغسطس (آب) مواصلا تراجعه للشهر الثالث على التوالي وأن الشركات وظفت أقل عدد من العاملين منذ أواخر 2009. وقال معهد إدارة التوريدات إن مؤشره لنشاط المصانع الوطنية تراجع إلى 6.‏49 في أغسطس من 8.‏49 في يوليو (تموز). وبحسب «رويترز» جاءت القراءة أدنى من متوسط توقعات المحللين البالغة 0.‏50 في استطلاع أجرته «رويترز». وتشير قراءة دون مستوى 50 إلى انكماش للقطاع. وتراجع المؤشر الفرعي للتوظيف إلى 6.‏51 مسجلا أدنى مستوياته منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 من 0.‏52 في يوليو.

من جهة أخرى وبحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية فإنه في أكبر اقتصاد في العالم يتراجع معدل البطالة القياسي بالولايات المتحدة لكن ببطء للغاية، ليدور رسميا حول مستوى 3.‏8 في المائة وربما أعلى من ذلك وفقا لبعض الحسابات.

شهر يأتي وشهر ينقضي لكن الروتين يستمر كما هو، ففي أول جمعة من كل شهر، تصدر الحكومة أرقام البطالة. وفي غضون دقائق تبدأ ردود فعل خبراء الاقتصاد والمحللين بشأنها بأن عدد الوظائف الجديدة التي تم توفيرها كان متدنيا للغاية وأن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيخسر الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في نوفمبر أمام الجمهوري ميت رومني.

وكان معدل البطالة قفز بعد عدة أيام من تولي أوباما مهام منصبه في يناير (كانون الثاني) عام 2009 إلى أعلى من ثمانية في المائة للمرة الأولى منذ ثمانينيات القرن الماضي. وارتفع إلى عشرة في المائة في خريف عام 2009 ثم بدأ يتراجع ببطء.

وينتظر أوباما، دون جدوى، أن تتراجع الأرقام إلى سبعة في المائة أو حتى إلى ستة في المائة إذ إنه لم يتم إعادة انتخاب رئيس للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية في ظل معدل بطالة يتجاوز حاجز الثمانية في المائة. ومع اقتراب البلاد بشكل أكبر من الانتخابات المقررة في السادس من نوفمبر، من المرجح أن تحدث البيانات الجديدة التي ستصدر يوم الجمعة المقبل جولة أخرى من الجدل.

كما أن البيانات ربما تعيق حالة الزخم التي تأمل حملة إعادة انتخاب أوباما في حدوثها بعد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الذي تختتم أعماله غدا الخميس بعد ثلاثة أيام من الاجتماعات في تشارلوت بولاية نورث كارولينا لتدشين سعي أوباما لإعادة انتخابه. ويقول بعض الخبراء إن معدل البطالة الحقيقي أسوأ من 3.‏8%. وأثار إيد لوس الكاتب لدى صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية ضجة أواخر العام الماضي بحساباته التي جاء فيها أن معدل البطالة يبدو بشكل كبير أنه يبلغ 11%. وكتب يقول إن الرقم الأعلى يشكل ثلاثة ملايين أميركي توقفوا عن البحث عن فرصة عمل. وفي الواقع، تعرض وزارة العمل نفسها إجراءات بديلة لـ«الاستخدام غير الكفء للعمالة» ويضم ما يطلق عليه معدل بطالة «يو 5» البالغ 7.‏9% العاطلين فحسب وإنما «العمال المحبطون» وأولئك «المرتبطون هامشيا بقوة العمل»، في حين يضيف معدل البطالة «يو 6» البالغ 15% الأشخاص التي تعمل لبعض الوقت التي تريد العمل بنظام الدوام الكامل. وفي خطاب حملته،يستخدم معسكر رومني رقما أكبر يبلغ 23 مليون عاطل وهو ما يعادل تقريبا حساب معدل البطالة «يو 6» ونحو ضعف 8.‏12 مليون عاطل بحسابات مكتب إحصاء العمل الأميركي في يوليو.

في حين تؤكد حملة أوباما على الجانب الآخر أن الاقتصاد يضيف بشكل مطرد وظائف في القطاع الخاص بالمقارنة مع تأكل ثابت للوظائف في عهد سلفه جورج بوش. وستكون بيانات البطالة المرتفعة أقل إيلاما إذا ما تمكنت الولايات المتحدة، كما فعلت من قبل، من التغلب سريعا على ضعف أرقام الوظائف. وبدلا من ذلك، تلوح البطالة على المدى الطويل باعتبارها عقبة رئيسية إذ إن أكثر من أربعين في المائة من العاطلين عن العمل هم عاطلون منذ أكثر من ستة أشهر أي ضعف النسبة المئوية لتلك التي كانت موجودة قبل فترة الكساد العظيم (من ديسمبر/ كانون الأول عام 2007 إلى يونيو /حزيران عام 2009).

ويتحدث خبراء اقتصاد عن جيل ضائع، فبعد ستة أشهر من البطالة، تتراجع فرصة الأفراد في الحصول على وظيفة جديدة إلى 16% وفقا للخبير غاري بورتلس لدى مؤسسة بروكينز للأبحاث في واشنطن، وتقل جاذبيتهم لأرباب العمل وتصدأ مهاراتهم ويبدأون فقدان الثقة في أنفسهم. ومن شأن تطبيق برنامج ضخم لإعادة التدريب أن يساعد في التخفيف من ذلك، غير أن بورتلس يشير إلى أنه لا الكونغرس ولا المواطنون في حالة تسمح لهم بالقيام بذلك الاستثمار.