وزير المالية المصري: نحتاج لاقتراض 10 مليارات دولار من الخارج خلال العام المالي الحالي

بعد أن وصل عجز الموازنة لـ28 مليار دولار وعجز ميزان المدفوعات لـ11.3 مليار دولار

الرئيس المصري محمد مرسي مع رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أثناء زيارتها إلى مصر خلال الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

قال وزير المالية المصري ممتاز السعيد أمس إن «بلاده تحتاج إلى اقتراض نحو 10 مليارات دولار خلال العام المالي الحالي من الخارج لسد جزء من عجز الموازنة»، يأتي ذلك بعد أن أعلن عن تفاقم عجز الموازنة خلال العام المالي الماضي بعد بلوغه 170 مليار جنيه (28 مليار دولار) ما يمثل 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، واصفا تلك المؤشرات بأنها غير مرضية خاصة أنه كان من المقدر ألا تزيد قيمة العجز على 134 مليار جنيه (22 مليار دولار).

وأضاف السعيد أن الزيادة في عجز الموازنة بسبب الزيادة الكبيرة في ما أنفقته الدولة على الأجور والتي بلغت نحو 122 مليار جنيه (20 مليار دولار)، بينما كان مستهدفا لها 110 مليارات جنيه (18 مليار دولار) وذلك نتيجة للمطالب الفئوية التي أعقبت الثورة، هذا إلى جانب انخفاض الموارد العامة للدولة خاصة الموارد الضريبية عما كان مقدرا لها بنحو 25 مليار جنيه (4.1 مليار دولار)، وذلك نتيجة لتوقف النشاط الاستثماري والابتعاد عن السوق المصرية وخروج غالبية الاستثمارات الأجنبية بسبب ظروف عدم الاستقرار الأمني في البلاد.

وأشار الوزير إلى أن من الأسباب الأخرى لزيادة قيمة العجز تأثر موارد الدولة سلبا من تراجع إيراداتها من فوائض البترول كنتيجة لزيادة المتطلبات النقدية اللازمة لاستيراد المواد البترولية بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للمنتجات البترولية؛ حيث اضطرت الخزانة العامة إلى توفير نحو 5 مليارات دولار تعادل نحو 30 مليار جنيه (4.9 مليار دولار) كسيولة نقدية للمساهمة في توفير احتياجات البلاد من المنتجات البترولية وهو الأمر الذي ضغط ليس فقط على موازنة الدولة وإنما على احتياطي مصر من النقد الأجنبي.

وأشار الوزير إلى أن العجز المتوقع خلال العام المالي الحالي (2012 - 2013) يبلغ 135 مليار جنيه (22.2 مليار دولار)، الأمر الذي تضطر معه الدولة إلى اللجوء إلى الاقتراض، وتابع: «نعلم أن هذا الاقتراض لا يتوافر من المصادر المحلية، حيث تعجز السيولة المحلية لدى الجهاز المصرفي عن تغطية هذا المبلغ، حيث لا يمكنها أن تغطي سوى نحو 75 مليار جنيه (12.3 مليار دولار)، ويتبقى 60 مليار جنيه (10 مليارات دولار) على الدولة أن تسعى إلى الاقتراض الخارجي لتوفيرها.

وأعلن البنك المركزي أول من أمس أن العجز في ميزان المدفوعات بلغ نهاية العام المالي الماضي 11.3 مليار دولار أميركي، مقابل عجز بلغ 9.8 مليار دولار خلال العام المالي 2010 - 2011، وأشار إلى أن هذا العجز أثر على صافي الاحتياطيات الدولية لديه والذي وصلت في نهاية الشهر الماضي إلى 15.1 مليار دولار.

وتبدأ الحكومية المصرية المفاوضات رسميا مع صندوق النقد الدولي بعد أسبوعين للحصول على قرض بقيمة 4.6 مليار دولار، ومن المقرر أن يصل إلى البلاد كامل الوديعة القطرية البالغة ملياري دولار بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، ومن الممكن بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين استخدام تلك الوديعة في سد عجز الموازنة من خلال اقتراض وزارة المالية من البنك المركزي.

ويري خبراء المؤشرات الاقتصادية مخيبة للآمال وتظهر كثيرا من التحديات أمام الحكومة الحالية، وتدعو إلى التخوف من الأداء الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، فتفاقم تلك المؤشرات قد يؤدي بالحكومة إلى اتخاذ إجراءات اضطرارية تؤثر على المواطنين وقد تمس أيضا محدودي الدخل.

وقال رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة لم تعلن حتى الآن عن خطة الإصلاح الاقتصادية التي تتبناها، مشيرا إلى أن الأزمة الحالية يجب مواجهتها بزيادة الإنتاج، وأي قرارات آخري تتعلق بتقليص الدعم عن الطاقة للصناعات أو الأفراد من الممكن أن تؤثر على أسعار المنتجات في البلاد، وتزيد من معاناة المواطنين، ويتوقع عبده أن يزيد عجز الموازنة بنهاية العام المالي الحالي عما تتوقعه الحكومة خاصة مع زيادة أسعار الغذاء عالميا واستمرار المطالبات والإضرابات الفئوية، وهو ما يزيد الأعباء على كاهل الحكومة، كما حدث خلال العام المالي الماضي.

وأشار عبده إلى أن تلك المؤشرات ستؤثر على قدرة مصر في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، وتابع: «مؤشرات العجز والميزان التجاري والتضخم من أهم المؤشرات التي ينظر إليها المستثمر الأجنبي قبل قدومه إلى البلاد، وتؤثر على قراراته بشكل كبير».

وتعقد الحكومة المصرية لقاءات مكثفة مع المستثمرين العرب والأجانب في محاولة لجذبهم لإقامة مشاريع على أراضيها، وبعد مفاوضات مع الصينيين والأميركان، يزور مصر وفد من رجال الأعمال الأوروبيين قريبا لبحث إنشاء مشاريع مشتركة وضخ استثمارات أوروبية جديدة في السوق المصرية بحسب ما صرح به وزير التجارة الخارجية والصناعة المصري حاتم صالح، وبدأ مساء أمس أيضا محادثات مع مسؤولين سعوديين لتعزيز استثمارات المملكة في البلاد.

وتجاهلت البورصة المؤشرات الاقتصادية المحبطة التي أعلنتها الحكومة لتربح بنهاية تعاملات أمس نحو 5.3 مليار جنيه (870 مليون دولار) وسط نشاط ملحوظ في التداولات، وحقق مؤشر البورصة الرئيسي أعلى مستوى له منذ إعادة التعاملات بالبورصة المصرية بعد الثورة، وارتفع بنسبة 1.63 في المائة ليغلق عند 5697.48 نقطة، بينما ارتفع مؤشر الشركات المتوسطة «EGX70» بنسبة 2 في المائة ليغلق عند 544.49 نقطة.